دروس في الإيمان (75)
أحاديث ترغب في الجنة
أما الأحاديث الدالة على الترغيب في الجنة ورغبة عباد الله الصالحين فيها، فهي كثيرة، نذكر شيئا منها.
فمنها حديث أبي هريرة، رضي الله عنه:
عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي، أن أرجعه، بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنة. ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أن أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل ). .
في هذا الحديث عدة دلالات
أولاها:
أن الرجل إذا خرج للجهاد في سبيل الله، لا يخرجه إلا إيمان بالله وتصديق برسله - أي إنه مخلص لله في خروجه - فإنه قد يجمع الله له بين الأجر والغنيمة، إذا قدر له الرجوع إلى أهله، وأن الغنيمة التي كتبها الله له لا تنافي إخلاصه ولا تنقص من أجره، وذكر الأجر فيه تشويق للجهاد في سبيل الله، وليس فيه منافاة للإخلاص الذي ذكر معناه في أول الحديث (( لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق بر سلي )).
ثانيتها:
فيه وعد لمن كانت تلك حاله أن يدخله الله الجنة إذا استشهد في سبيل الله. وفي ذلك ترغيب للمجاهد بذلك الوعد، ولو كان ينافي الإخلاص لما رغب فيه.
ثالثتها:
تعقيب الرسول صلى الله عليه وسلم على وعد الله هذا، بتمنيه أن تتكرر حياته و يتكرر قتله في سبيل الله، وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه إن هذا الوعد من الله يستحق العناية والحرص، ليناله المجاهد في سبيل الله.
وكما أظهر الرسول صلى الله عليه وسلم تمنيه تكرار الحياة والشهادة في سبيل الله، فقد أخبر أن الذي يدخل الجنة من المؤمنين لا يحب مفارقتها ليرجع إلى الدنيا، لما رأى فيها من النعيم الذي لا يطمع في سواه، ماعدا الشهيد، فإنه لعظم ما رأى من الكرامة على استشهاده يحب أن يرجع إلى الدنيا ليذوق طعم تكرار الشهادة في سبيل الله.
ففي حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه:
عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( ما أحد يدخل الجنة، يحب أن يرجع إلى الدنيا، وله ما على الأرض من شيء، إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة ).
فإخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بهذه الكرامة في الآخرة وهو يحثهم بها على الجهاد في سبيل الله واضح الدلالة على تشويقهم إلى الجنة، ولو كان ذلك ينافي الإخلاص لما شوقهم هذا التشويق.
بل إن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، استعجل الشهادة في سبيل الله - وهو في وسط حلبة القتال من أجل أن يدخل الجنة في تلك اللحظة، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو كان ذلك ينافي الإخلاص لما أقره على ذلك.
كما في حديث جابر بن عبد الله، رضي الله عنه، قال:
قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم، يوم أحد: أرأيت إن قتلت فأين أنا ؟ قال: ( في الجنة )، فألقى تمرات في يده، ثم قاتل حتى قتل.
هذا وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته الجنة - مرغباً لهم فيها بالعمل الصالح، كما وصف النار محذراً لهم بها من العمل السيئ - وما ذلك إلا من أجل الرجاء والخوف، الذين هما من صفات عباد الله الصالحين، كما مضى.
فقد روى أبو هريرة، رضي الله عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قال الله : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ). فاقرؤوا إن شئتم : (( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))
أحاديث أخرى تحذر من النار
وذكر صلى الله عليه وسلم الجنة والنار، في كلمتين جامعتين للترغيب في الجنة بتعاطي الأعمال الصالحة ولو كرهتها النفس، وللتحذير من النار التي تكون الشهوات المغرية بالمعاصي سببا في دخولها.
ففي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره ). .
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️