الإيمان هو الأساس (17)
شرك الأسماء والصفات:
والشرك في أسماء الله تعالى نوعان:
النوع الأول: إنكارها وجحدها مطلقا، بحيث لا يُثْبِتُ-الجاحد-لله تعالى شيئا من أسمائه وصفاته الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهذا شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام، لأن في ذلك تعطيلا لما أخبر الله تعالى به عن نفسه من أسمائه وصفاته، وفيه تكذيب للقرآن والسنة الصحيحة، وهو شبيه بمن جحد وجود الله تعالى، وهذا هو مذهب غلاة المعتزلة، ومعطلة الجهمية.
النوع الثاني: تشبيه الله تعالى أو أسمائه وصفاته، أو تشبيه شيء منها بأسماء المخلوقين أو صفاتهم كما يصف اليهود الله تعالى بصفات النقص التي يتصف بها المخلوقون، كوصفهم له بالعجز والفقر والبخل ونحو ذلك، وكما يصف النصارى بعض المخلوقات-كعيسى عليه السلام-بالصفات الإلهية التي لا يتصف بها إلا الخالق جل جلاله، وكذلك بعض الجهمية الذين جعلوا صفات الخالق من جنس صفات المخلوقين ، وهذا أيضا شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام لما في ذلك من المخالفة الصريحة للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية ودلالتها القطعية على نفي المشابهة-. ووجود الاشتراك في مجرد اللفظ بين أسماء الخالق وصفاته وبين أسماء المخلوق وصفاته لا يلزم منه الاشتراك في حقيقة المعاني-.
وهناك طائفة لا تجحد أسماء الله وصفاته، ولا تشبه الله ولا شيئا من أسمائه وصفاته، بالمخلوقين، ولكنها تثبت بعض صفاته إثباتا يليق بجلاله، وتؤول بعضها الآخر ظنا منها أن إثباتها على ظاهرها يلزم منه التشبيه، وهذا هو مذهب جمهور الأشعرية، فما حكم هذه الطائفة؟
بادئ ذي بدء نقول: إن هذا المسلك غير صحيح لوجوه ثلاثة:
الوجه الأول: مخالفته لنصوص القرآن والسنة، ولما درج عليه السلف في القرون المفضلة من الصحابة وأتباعهم، فلم يرد عنهم أنهم أولوا شيئا من أسماء الله وصفاته.
الوجه الثاني: توهمهم أن إثبات ما أولوه من صفات الله يلزم منه التشبيه، وهذا خطأ أيضا، فإثبات صفات الله على ظاهرها اللائق بجلال الله، مع النفي القاطع لمماثلتها لصفات المخلوقين، لا يلزم منه ما توهموه من تشبيه، كما قال الله تعالى مبينا ذلك: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}. فقد نفى عن نفسه التشبيه، وأثبت على أساسه صفتي السمع والبصر.
الوجه الثالث: تناقضهم في إثبات بعض الصفات على أساس التنزيه، وتأويل بعض الصفات خشية التشبيه، والواجب إثبات جميع أسماء الله وصفاته على أساس التنزيه، فما قالوه فيما أثبتوه يجب أن يقولوه فيما أولوه وإلا لزمهم أن يؤولوا كل الصفات، لأن ما أثبتوه بدون تأويل-مثل السمع والبصر-يمكن أن يتوهم فيه المشابهة، كما توهموها في صفة الرحمة-مثلا-لأن المخلوقين لهم سمع ويصر كما أنهم يتصفون بصفة الرحمة، ثم إن صفات الله يجب أن يقال فيها ما يقال في ذاته، فكما نثبت لله تعالى ذاتا لا تشبهها ذوات المخلوقين، كذلك يجب أن نثبت له صفات لا تشبهها صفات المخلوقين.
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️