تابع للمبحث الثاني
هل توجد نسخ غير محرفة في الكتب السماوية السابقة؟
هذا هو حال الكتب السماوية السابقة في الجملة فهل يقال: إنه لا توجد نسخ من التوراة والإنجيل فيها شيء من الحق؟الجواب: لا، بل إن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية تدلان على وجود نسخ من الكتابين فيهما شيء من الحق الذي لو آمن به أهل الكتابين لأثبتوا رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم.
بعض الآيات الدالة على تحريف الكتب السماوية:
أما الآيات فمنها قول الله تعالى: {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين}. آ ل عمران:93
فأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يطلب من أهل الكتاب إحضار التوراة وتلاوة ما فيها مما يتعلق بالموضوع، يدل على أنه كان يوجد عندهم في التوراة حق يخالف ما ادعوه من الباطل، وأنهم كانوا يكتمون ذلك، ولو أحضروه كما طلب منهم لبان كذبهم، وهذا واضح.
ومنها قوله تعالى: {وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين}. المائدة: 43.
ومنها قوه تعالى: {وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}. المائدة: 47.
وقد ثبت في السنة عن نافع أن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتي بيهودي ويهودية قد زنيا، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء يهود، فقال: (ما تجدون في التوراة على من زنى؟) قالوا نسود وجوههما، ونحملهما، ونخالف بين وجوههما، ويطاف بهما. قال: {فأتوا بالتوراة إن كنتم صادقين}، فجاؤا بها فقرؤوها، حتى إذا مروا بآية الرجم وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرجم، وقرأ ما بين يديها وما وراءها، فقال له عبد الله بن سلام-وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم-: مره فليرفع يده فرفعها فإذا تحتها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما}
وبهذا يعلم أن في بعض نسخ الكتب السماوية السابقة شيئا من الحق ولكن العلماء المسؤلين عن تلك الكتب يخفونها، ويكتمون ما لا يريدون أن يطلع عليه أحد، وبخاصة ما يتعلق بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدل على رسالته، وقد ذكر الله في كتابه الكريم أنهم يكتمون ما أنزل الله، وأن بعضهم يحذر بعضا من إظهار ما يثبت الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا كثير في القرآن الكريم .
من ذلك قوله تعالى: {وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}. البقرة: 41-42.
وقد وُجِدت تْنسخة من إنجيل بر نابا، وفيه البشارة بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن النصارى ينكرونه أشد الإنكار، ويزعمون أنه منحول من قبل المسلمين.
وقد قابلت رجلا دخل في الإسلام بعد أن مكث فترة طويلة يعتقد النصرانية، حتى وصل إلى رتبة قسم الولاء على يد البابا والذي يصل إلى هذه الدرجة ينال أقسى العقوبات إذا ترك النصرانية، وقال لي: (إنه اطلع على نسخة أصلية من إنجيل بر نابا في متحف فينا قال: ووجود هذه النسخة الأصلية يدل على كذبهم في ادعاء أن هذه النسخة مزورة وقال: إنهم لا يسمحون بتداول هذه النسخة إلا للقسس فقط، وقد كان هذا الرجل قسيسا، وتسمى بعد إسلامه: أيوب عبد الرحمن . كانت مقابلتي له في يوم الأربعاء 23/12/1409 هـ /7/1989 م في المجلس الإقليمي للدعوة الإسلامية بمنطقة جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي، في كوالالمبور/ماليزيا راجع الكتاب السادس من سلسلة: (في المشارق والمغارب (3/173)] ذلك قوله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون).البقرة: 76.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله أن الراجح وجود بعض النسخ الصحيحة من التوراة والإنجيل فقال: (والصحيح القول الثالث وهو أن في الأرض نسخا صحيحة، وبقيت إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ونسخا كثيرة محرفة، ومن قال: إنه لم يحرف شيء من النسخ، فقد قال ما لا يمكنه نفيه ومن قال: جميع النسخ بعد النبي صلى الله عليه وسلم، حرفت، فقد قال ما يعلم أنه خطأ، والقرآن يأمرهم أن يحكموا بما أنزل الله في التوراة والإنجيل،ويخبر أن فيهما حكمه، وليس في القرآن خبر أنهم غيروا جميع النسخ).
تلك هي الكتب الإلهية السابقة، من حيث حفظها وتحريفها، وكتمان أهل الكتاب الحق الذي جاء فيها، وكونه قد توجد منها نسخ صحيحة، تعمد أهلها كتمان الحق الذي تضمنته.
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️