الاجتماع تحت راية الإسلام
إننا نختلف عن سائر الأمم.. فلم نجتمع على حب الوطن! فالوطنية ليست هي التي جمعتنا، فإن أوطاننا هي كل بلاد المسلمين، وأينما ذكر اسم الله في بلد كان هذا البلد وطناً لكل المسلمين.
ولم نجتمع كذلك على دم، فإن الدم دعوة أرضية لم ينزلها الله في كتابه، ولم نجتمع على لغة، فإن اللغات شتى. ولكن اجتمعنا على عقيدة، وعلى مبدأ أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وهو (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
هذا المبدأ العظيم، جعلنا نتآخى ونجتمع بعد فرقة وشتات.
فكلما حدثت جفوة، أو حصل هجر، عدنا إلى الدين، وتذكرنا أننا نصلي الصلوات الخمس، وأننا نتجه إلى قبلة واحدة، ونتبع رسولاً واحداً، ونعبد رباً واحداً، ومعنا كتاب واحد، وسنة واحدة، فلله الحمد.
إن ما يجري بين الأحبة من خلاف -أحيانا- لا يفسد للود قضية، ولا يغير ما في النفوس، فإن الله يقول: ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ)). فإنه بمشيئة الله يحدث مثل هذا، وفي ذلك من المصالح العظيمة ما الله به عليم. يقول المتنبي :
لعل عتبك محمودٌ عواقبه وربما صحت الأجساد بالعلل
ولعلنا نكره شيئاً فيه خير كثير، ونحب شيئاً فيه شر كثير. ولله الحكمة البالغة.
فلا تكره من أمر الله شيئا، (ورب ضارة نافعة).
فأحياناً تحدث أمور يكون فيها من المصالح العظيمة التي لا يدركها البشر بعقولهم، ولا بتخطيطهم، ولا بتصريفهم! ومن هذه الأمور ما يكون قوة للإنسان ورفعة، ومنزلة وحماية، وكفارة، ودرجة، وكان يحسب هو أنها نقمة، وأنها ضربة له، وأنها كارثة، فلله الحكمة البالغة، ولابد للعبد أن يقول كلما أصبح وأمسى: (رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً). وفي سنن أبي داود بسند صحيح: (من قال رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً، وجبت له الجنة) فإنه ليس بيننا وبين أحد من الناس شجار لأسباب دنيوية، ولا لذواتنا، ولا لأنفسنا، فإن العبد عليه أن يسعى لمصلحة هذا الدين، ولمصلحة الأمة والبلاد والعباد، وأن يسعى لجمع الصف، ونبذ الفرقة، ودرء الفتن عن الأمة حتى تكون الأمة تحت مظلة: ((وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)).
اللهم! أعصمنا من الزلل، وأنقذنا من الخطل، وأخرجنا من الحادث الجلل.
اللهم! ثبت منا الأقدام، وسدد منا السهام، وارفع منا الأعلام، وانصرنا بالإسلام.
اللهم! انزع من قلوبنا الغل على الإخوان، والضغينة على الجيران، والحسد للأقران.
اللهم! اغسل قلوبنا بماء اليقين، واسق أرواحنا من كوثر الدين، وأثلج صدورنا بسكينة المؤمنين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ الدكتور عائض القرني
0
251
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️