"...الاحتفال بالمولد النبوي ..."
"...الاحتفال بالمولد النبوي ..."
--------------------------------------------------------------------------------
السلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه
الحمد لله الذي أكمل الدين، وأتم النعمة على عباده، ورضي لهم الإسلام دينا، وبعث نبيه بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح لهذه الأمة فتركها على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
عندما وقف النبي يوم الحج الأكبر عشية عرفة يوم الجمعة وقال: قال تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
ولما تلى النبي هذه الآية: بكى عمر، فقال له: ما يبكيك، قال: أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا فأما إذا كمل، فإنه لم يكمل شيء إلا نقُص، قال: صدقت.
ويشهد لهذا المعنى ما رواه مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ) وأي غربة أضحاها المسلمون هذه الأيام في دينهم من البدع والأهواء التي ما أنزل الله بها من سلطان، دسائس أعدائهم في الليل والنهار، للنيل من هذا الدين والقضاء عليه.
وما فرح الشيطان فرحه بالبدعة، وذلك لأن العاصي يرى من معصيته ما يحثه على التوبة بخلاف المبتدع يرى أن الدين ناقص، فهو يريد أن يكمله ببدعته فيرى نفسه على صواب فلا يتوب، فهو إما مستدرك على الله وإما مكذب لرسوله .
ولذلك حذرنا الله تعالى من الابتداع في هذا الدين، قال تعالى "وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" ..
أقوال السلف وموقفهم من البدع :
عن الحسن رحمه الله قال:
"لا يقبل الله لصاحب بدعة صوماً ولا صلاة ولا حجاً ولا عمرة حتى يدعها.."
.ولما بلغ ابن مسعود أن جماعة يجلسون في المسجد حِلقاً في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مئة فيكبرون مئة. ثم يقول: هللوا مئة فيهللون مئة ثم يقول: سبحوا مئة فيسبحون مئة، فأتاهم ابن مسعود وهو على تلك الحال، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد،
قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء أصحابه متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعل ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم مريد للخير لن يصيبه)
لذلك كانت البدع شر لا خير فيها، لأنها انتقاص للشرع الذي أكمله الله ..
من أول من احتفل بالمولد النبوي ؟؟
ذكر الكثير من المؤرخين ومنهم المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار إن أول من احتفل بيوم المولد النبوي هم العبيديون ، الذين سموا أنفسهم بالفاطميين، كذباً وزوراً، فنسبوا أنفسهم إلى أولاد علي رضي الله عنه، وسموا دولتهم بالدولة الفاطمية، والتي تأسست في الربع الأول من القرن الهجري الرابع وانتهت في منتصف القرن السادس، يقول ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية وقد كانت مدة ملك الفاطميين حوالي280 سنة، فصاروا كأمس الذاهب كأن لم يغنوا فيها .
ولكشف هذه البدعة التي انتشرت وأصبح يروج لها من خلال في بعض البلدان من خلال وسائل الإعلام و يخصص لها البرامج والندوات في ذكره وحبه والقصائد في مدحه وكأنه لا يذكر صلى الله عليه وسلم ولا يحب إلا في هذا اليوم ونسوا قوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) ..
حكم الاحتفال بالمولد
الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ
سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله كما في " فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( 1 / 126 ) :
ما الحكم الشرعي في الاحتفال بالمولد النبوي ؟
فأجاب فضيلته :
( نرى أنه لا يتم إيمان عبد حتى يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويعظمه بما ينبغي أن يعظمه فيه ، وبما هو لائق في حقه صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أقول مولده بل بعثته لأنه لم يكن رسولاً إلا حين بعث كما قال أهل العلم نُبىءَ بإقرأ وأُرسل بالمدثر ، لا ريب أن بعثته عليه الصلاة والسلام خير للإنسانية عامة ، كما قال تعالى : ( قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورَسُولِهِ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
( الأعراف: 158 ) ،
وإذا كان كذلك فإن من تعظيمه وتوقيره والتأدب معه واتخاذه إماماً ومتبوعاً ألا نتجاوز ما شرعه لنا من العبادات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى ولم يدع لأمته خيراً إلا دلهم عليه وأمرهم به ولا شراً إلا بينه وحذرهم منه وعلى هذا فليس من حقنا ونحن نؤمن به إماماً متبوعاً أن نتقدم بين يديه بالاحتفال بمولده أو بمبعثه ،
والاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيم وكل هذا من العبادات المقربة إلى الله ، فلا يجوز أن نشرع من العبادات إلا ما شرعه الله ورسوله وعليه فالاحتفال به يعتبر من البدعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة " قال هذه الكلمة العامة ،
وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بما يقول ، وأفصح الناس بما ينطق ، وأنصح الناس فيما يرشد إليه ، وهذا الأمر لا شك فيه ، لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم من البدع شيئاً لا يكون ضلالة ، ومعلوم أن الضلالة خلاف الهدى ،
ولهذا روى النسائي آخر الحديث : " وكل ضلالة في النار "
ولو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم من الأمور المحبوبة إلى الله ورسوله لكانت مشروعة ، ولو كانت مشروعة لكانت محفوظة ،
لأن الله تعالى تكفل بحفظ شريعته ، ولو كانت محفوظة ما تركها الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون لهم بإحسان وتابعوهم ، فلما لم يفعلوا شيئاً من ذل علم
أنه ليس من دين الله ، والذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة
أن يتجنبوا مثل هذه الأمور التي لم يتبن لهم مشروعيتها لا في كتاب الله ، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا في عمل الصحابة رضي الله عنهم ، وأن يعتنوا بما هو بيّن ظاهر من الشريعة ، من الفرائض والسنن المعلومة ،
وفيها كفاية وصلاح للفرد وصلاح للمجتمع .
وإذا تأملت أحوال هؤلاء المولعين بمثل هذه البدع وجدت
أن عندهم فتوراً عن كثير من السنن بل في كثير من الواجبات والمفروضات ،
هذا بقطع النظر عما بهذه الاحتفالات من الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم المودي
إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يحارب الناس عليه ، ويستبيح دماءهم وأموالهم وذراريهم ، فإننا نسمع أنه يلقى في هذه الاحتفالات من القصائد ما يخرج عن الملة قطعاً كما يرددون قول البوصيري :
مثل هذه الأوصاف لا تصح إلا لله عز وجل ، وأنا أعجب لمن يتكلم بهذا الكلام إن كان يعقل معناه كيف يسوغ لنفسه أن يقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام :
( فإن من جودك الدنيا وضرتها ) ومن للتبعيض والدنيا هي الدنيا وضرتها هي الآخرة ،
فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول عليه الصلاة والسلام ، وليس كل جوده ، فما الذي بقي لله عز وجل ، ما بقي لله عز وجل ، ما بقي له شيء من الممكن لا في الدنيا ولا في الآخرة .
وكذلك قوله : ( ومن علومك علم اللوح والقلم ) ومن : هذه للتبعيض ولا أدري ماذا يبقى لله تعالى من العلم إذا خاطبنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب .
ورويدك يا أخي المسلم .. إن كنت تتقي الله عز وجل فأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلته التي أنزله الله ..
أنه عبد الله ورسوله فقل هو عبدالله ورسوله ، واعتقد فيه ما أمره ربه أن يبلغه إلى الناس عامة : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي )
( الأنعام : 50 ) ، وما أمره الله به في قوله :
( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً ) ( الجن : 21 ) ، وزيادة على ذلك : ( قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً ) (الجن: 22 ) ،
حتى النبي عليه الصلاة والسلام لو أراد الله به شيئاً لا أحد يجيره من الله سبحانه وتعالى .
فالحاصل أن هذه الأعياد أو الاحتفالات بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام
لا تقتصر على مجرد كونها بدعة محدثة في الدين بل هي يضاف إليها شئ من المنكرات مما يؤدي إلى الشرك .
وكذلك مما سمعناه أنه يحصل فيها اختلاط بين الرجال والنساء ،
ويحصل فيها تصفيق ودف وغير ذلك من المنكرات التي لا يمتري في إنكارها مؤمن ، ونحن في غِنَى بما شرعه الله لنا ورسوله ففيه صلاح القلوب والبلاد والعباد )
" فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين "
إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( 1 / 126 )
منقول للفائدة
رويده 1 @roydh_1_1
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
ضحكتي دمعة
•
جزاك الله خير
الصفحة الأخيرة