الاخرون ..

الأدب النبطي والفصيح

و الرحمة تبقى لفظاً يقرأ في القاموس



تجلس تلك الطفله ذات التسعة اعوام على قارعة الطريق .. تجلس وحيده و الهواء يداعم خصلات شعرها الكستنائي .. تجلس هناك وحيده بلا مأوى بلا اهل .. تنظر للماره مرتديه ثوب ازرق قصير حافية القدمين .. قد بلغ الفقر و الحاجه منها مبلغه, و رغم ذلك لاتزال تلك الطفله جميله مشرقه و تنظر للدنيا ببراءه .. ربما لم تعي فعلا حقيقة الوضع الذي تعيشه و قد تحتاج للفتره من الزمن كي تعي ذلك .. هناك حيث تسير المركبات و العربات حيث الناس في عجله من امرهم .. تجلس بصمت تراقب الحياه كيف تبدو حتى يأتي المساء .. و عند المساء تتخذ من الشارع الخلفي للمحل الحلوى ملجأ لها و تستسلم للنوم ..

تذكرني هذه الفتاه بقصة بائعة الكبريت هناك شبه بينهما .. لا عجب في ذلك احيانا قد تتشابهه الاقدار .. انه المطر .. تك تك تك .. تزداد قطرات المطر في الهطول .. تك تك تك تك .. تبلل شعرها الجميل ترتجف من البرد.. لكنها كانت مبتسمه و سعيده لهطول المطر.. هم الاطفال هكذا يحبون المطر .. لم تقتل البراءه بعد في قلب تلك الصغيره .. تغمض عينيها علها تجد الدفء الذي تبحث عنه في مخيلتها ..

من منكم يذكر العمده مادلين او جان فالجان في رواية البؤساء ؟ اظن ان صغيرتنا هنا في امس الحاجه اليه .. هناك بين الكتب و الروايات .. او بين الحقيقه و الخيال قد يبحث البعض عن مخلص ليخلصه من الالم و العذاب الذي يعيشه .. الكثير منا من تمنى لو يأتيه هذا المخلص .. نعود لصغيرتنا مره اخرى انه الصباح ..
تستيقظ على صوت مدخنة محل الحلوى .. لها صوت مزعج انها قديمه ربما تحتاج للاصلاح .. تسير حافية القدمين و قد تلطخت الارض بالوحل .. تسير بخوف تخشى ان يعرف صاحب المحل او احد العاملين مكانها فيطردها منه .. انها رائحة الحلوى اللذيذه ..الشارع بدأ يزدحم بالماره ..

عطلة نهاية الاسبوع .. الساعه الرابعه بعد الظهر .. تقف بالقرب من محل الحلوى خلف صندوق البريد تراقب الماره تاره , و تارة اخرى تنظر لواجهة المحل و قد زينت بانواع الحلوى الشهيه .. تصل تلك السياره السوداء و تقف امام المحل تنزل منها سيده انيقه و بصحبتها ابنتها الصغيره .. تراقب صغيرتنا بصمت .. ربما تمنت لو ان هذه كانت امها او لو ان شخص ما يعتني بها فمنذ الحادثه و هي تعيش بالشوارع و الطرقات .. تخرج تلك السيده و ابنتها من المحل و قد اشترت بعض الحلوى .. تلتفت تلك الصغيره لأمها : امي امي انظري هناك .. نعم هناك بالقرب من صندوق البريد .. اووو صغيرتي لا شأن لنا بها عليك الا تتعاطفي مع الغرباء .. امي ارجوك هل تسمحي لي بأن اقدم لها بعض الحلوى ارجوك؟ حسنا اذهبي بسرعه .. تقترب تلك الطفله ذات المعطف الوردي منها تعطيها الحلوى و هي تبتسم .. تأخذ منها الحلوى .. شكرا شكرا لك .. يقال ان الاطفال من برج السرطان يتعاطفون مع الغير و يحبون المشاركه و ان هذه الصفه تلازمهم حتى في الكبر .. لا أؤمن كثيرا بالابراج لكن قد ينطبق ذلك على الطفله ذات المعطف الوردي ..


كثيرون هم زبائن المحل .. لا اظن ان العاملين هناك يشعرون بالراحه فهم يعملون طوال اليوم .. طويل القامه يرتدي معطفا بني و نظاره سوداء .. يدخل المحل الجميع يلقي عليه التحيه و يوقره .. يجلس بالقرب من النافذه .. انه مالك المحل اعتاد القيام بزياره دوريه للمحل ليرى كيف يسير العمل هناك .. نادرا ما كان يخلع تلك النظاره كان يضعها حتى في المساء .. لطالما شعرت الطفله بالخوف منه .. لا اظن ان الطفله فقط من تخافه انه غريب الاطوار قليل الكلام .. ينظر من النافذه و بيده دفتر الحسابات .. تختبئ الصغيره خلف صندوق البريد تخشى ان يراها .. لحظات و يخرج من المحل .. تعود الطفله مسرعه للمخبئها .. هل كان الماره يرونها ام انها كانت خيال .. لم يحاول احدهم مساعدتها .. ملاجئ الاطفال سيئه للغايه فالدوله لا تراعها او تراقبها .. اذاً ما الفرق بين الشارع و الملجأ ؟ كلاهما سيان ..

3
445

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

$$شيهانة الخير$$
$$شيهانة الخير$$
كلام واقعي
كنوز الاندلس
كنوز الاندلس
رائـــع أكملي ,,,
حنين المصرى
حنين المصرى
جميل غاليتى ويلمس واقعا موجودا
احسنت واجدت انتظر مزيدك