السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فخلق الاستهزاء من الأخلاق الذميمة التي حذرنا الشرع من الوقوع فيها، وتوعد على ذلك بأشد أنواع الوعيد.
لا شك أن للاستهزاء وسائل عدة، منها الغمز بالعين، وإخراج، وتحريك العينين، لكن أهم وأخطر أدوات الاستهزاء وأكثرها انتشارًا وفتكًا هو اللسان، وقد حث الشرع المطهر على حفظ اللسان والاعتناء بذلك، وشدد على وجوب مراقبته والاهتمام بما يتلفظ به المرء.
يقول الله سبحانه: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} .
قال القرطبي: أي ما يتكلم شيء إلا كتب عليه.
وقال مجاهد: يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه.
وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليسكت».
قال النووي: «هذا صريح أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم».
وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة».
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها إلى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب».
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أيضًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى، لا يلقى لها بالا يهوى بها في جهنم». إنها كلمة واحدة تخرج في غير مرضاة الله تدمر مستقبل الإنسان الأخروي، وتلغي جبال حسناته، بل قد ترديه في صفوف المرتدين عن الدين والعياذ بالله كما سيأتي. فهذه الأدلة المتقدمة تشمل حفظ اللسان من كل ما لا يحل وقد وردت أدلة بخصوص حفظ اللسان وغيره من الجوارح من مرض الاستهزاء والسخرية بالآخرين. وسأقف في هذا المقام بعض الوقفات مع آية واحدة في هذا المعنى هي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .
فهنا ينهى الله جل وعلا أن يستهزئ المسلم بأخيه، وفي التعبير القرآني استجاشة لإيمان المؤمنين بندائهم بوصف الإيمان كي ينتهوا عن هذا الفعل الذميم، وفيه أيضًا إحياء خفى بأن القيم الظاهرة التي يراها الرجال في أنفسهم وتراها النساء في أنفسهن ليست هي القيم الحقيقية التي يوزن بها الناس، فهناك قيم أخرى، قد تكون خافية عليهم، يعلمها الله ويزن بها العباد، وقد يسخر الرجل الغني من الرجل الفقير، والرجل القوي من الرجل الضعيف، والرجل السوي من الرجل المؤوف، وقد يسخر الذكي الماهر من الساذج، وقد يسخر ذو الأولاد من العقيم، وذو العصبية من اليتيم، وقد تسخر الجميلة من القبيحة، والشابة من العجوز، والمعتدلة من المشوهة. والغنية من الفقيرة، ولكن هذه وأمثالها من قيم الأرض ليست هي المقياس فميزان الله يرفع ويخفض بغير هذه الموازين: {عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} و {عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}. إذا هناك مقياس آخر يعلمه الله ترفع به الموازين أو تخف، يدل عليه قوله: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». وهنا وقفه أخرى مع قوله تعالى: {وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} فلماذا يفرد المولى عز وجل النساء هنا بالذكر، ألا يدخلن ضمن النداء الأول: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} فيكون النهي عاما للجنسين؟. يقول القرطبيُّ رحمه الله: أفرد النساء بالذكر، لأن السخرية منهن أكثر. نعم والله، وهذا ما نشاهده واقعاً فما أكثر استهزاء النساء ببعضهن وسخريتهن من بعضهن في أتفه الأمور وأحقرها. وقد ثبت في الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله إن صفية امرأة وقالت بيدها هكذا –تعني أنها قصيرة – فقال: «لقد قلت كلمة لو مزج بها البحر لمزج».إنها لم تنطق بل أشارت بيدها إشارة تدل على أن هذه المرأة قصيرة، فكانت هذه الإشارة لو مزج بها البحر لمزج وتغير حاله، فكيف بمن تستهزيء أو تسخر بما هو أشد وأعظم.
منقول

ombraa20 @ombraa20
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

كان على بالي
•
جزاك الله خير ❤️💐


ombraa20
•
كان على بالي :
جزاك الله خير ❤️💐جزاك الله خير ❤️💐
واياك خير الجزاء اختي الغالية ربي يسعدك في الدارين

العضوية الراقية
•
والسب والشتم مثل ماتسوي العضوة نهر ابيض
آلمتني في نفسي كثيير 😳💔
آلمتني في نفسي كثيير 😳💔
الصفحة الأخيرة