موضوع قراته في موقع اسلام اون لاين و عجبني و احببت ان انقله لكن
في بيتنا وزير مالية!
يدخر الطفل المبلغ المطلوب لتحقيق هدفه
البريق الذي يلمع في أعين الأطفال حين يرون المال يثبت إدراكهم منذ نعومة أظفارهم لأهمية هذه العملات المعدنية والأوراق النقدية، ومعرفتهم أن امتلاكها يعني تحقيق الكثير من الأهداف: شراء الحلوى من السوبر ماركت، والتبرع للمسجد، ومساعدة المحتاج، والذهاب للطبيب والحصول على الدواء، أو السفر إلى الخارج. وتقع المسئولية على عاتق الأهل في تعليم الطفل كيف يتعامل مع النقود، ليصبح بعد ذلك إنسانا مدبرا، منظما في علاقته بالمال، أو ليصبح مسرفا أو مقترا غير قادر على الاعتدال في الإنفاق.
أول مصروف للجيب
توصلت دراسات علمية متخصصة عديدة إلى أن اهتمام الطفل بالمال بصورة متزايدة يتزامن مع بلوغه سن الخامسة، وعندها يمكن للأهل أن يبدءوا في إعطائه مصروف الجيب، أو بأسلوب آخر: حينما يتوقف الطفل عن وضع العملات المعدنية في فمه، يمكن وضعها في يده؛ لأنه يعطي الطفل الشعور بأن الكبار يأخذونه مأخذ الجد، وأنه أصبح يتمتع نسبيا ببعض الاستقلالية، كما أن مصروف الجيب يعلمه كيفية تقسيم المال على الاحتياجات.
وتتحدد قيمة مصروف الجيب وعدد مرات دفعه أسبوعيا أو شهريا، حسب عمر الطفل، فعلى سبيل المثال، لا يستطيع الأطفال حتى سن التاسعة استيعاب الفترات الطويلة، ولذلك فمن الأفضل منح الأطفال في الفئة العمرية التي تتراوح بين الخامسة والتاسعة مصروف الجيب بصورة يومية أو أسبوعية، وبدءا من سن عشر سنوات يمكن أن يتم دفع المصروف كل أسبوعين، وبتقدم السن يصبح الدفع مرة كل شهر.
إن مصروف الجيب للأطفال في الكثير من الأحوال يكون أكثر من متوسط دخل الأسرة، ما يعني أن الخطأ الأول يأتي من الأسرة التي تجعل الطفل لا يدرك قيمة المال، ولا كيفية التصرف فيه، فالمثل الإنجليزي يقول: (easy come easy goes، ما يأتي بسهولة يذهب بسهولة) فلا بد من مراعاة الحالة المادية للأسرة، وعلى الطفل أن يفهم أنه جزء منها، يحصل منها على قدر ما يتوفر للأسرة ككل، ولا يحق له أن يكون أنانيا، يفكر في نفسه، ويطالب بحقوق -ليست حقوقا في الأصل- بغض النظر عن بقية أفراد الأسرة. وإذا أدرك الطفل ذلك، وتعلم من الصغر هذه الخلفيات، فإنه لن يشعر بعقدة نقص أمام زملائه الذين يحصلون على مصروف أعلى منه.
وجود نظام يعفي من الحرج
ينصحخبراء التربية بأن يتفق الأهل مع أبنائهم على ما يتحمل الأطفال دفعه من هذا المصروف، وهل يشمل مثلا نفقات المواصلات، وشراء الهدايا للأصدقاء في المناسبات، وغيرها، وعندها لا بد من ارتفاع هذا المصروف ليغطي كل هذه النفقات. أما عندما يكون المصروف مخصصا للنفقات الترفيهية فقط، مثل: الآيس كريم، أو مجلات الأطفال، أي أشياء ليس الطفل في حاجة ماسة إليها، فإن مقداره يكون أقل بكثير.
كما ينصحون بأن يتفق الأهل مع أبنائهم على قيمة المصروف، وموعد دفعه أسبوعيا، بحيث لا يضطر الطفل إلى الاستجداء، ولا يصيبه الإحباط من عدم حصوله على مبلغ أكبر كان يأمل أن يناله هذه المرة. ومن الممكن مثلا الاتفاق على تسليم الطفل مصروفه الأسبوعي بعد العودة من صلاة الجمعة، وإذا كانت هناك نفقات إضافية لازمة فيمكن للأهل أن يستمعوا إلى المبررات التي يسوقها الطفل، بشرط وجود حدود لا يتم تجاوزها، فإذا أراد الطفل سلعة مرتفعة الثمن، فلا بد أن يقوم الأهل بشرائها بأنفسهم، بشرط قيام الطفل بإنجاز كبير يستحق عليه هذه السلعة، أو في مناسبة غير عادية ينتظر الطفل قدومها، فيتعلم الصبر والمثابرة، ويتعلم أن الفرح بقرب تحقق الحلم لا يقل عن السعادة بالحلم نفسه.
وينبغي أن يكون الطفل حرا في إنفاق هذا المبلغ بصورة مستقلة نسبيا، حتى لو اشترى به كله آيس كريم في دقيقة واحدة، حتى يتعلم من أخطائه، طالما لم تكن أخطاء فادحة. ولا ينبغي بحال استخدام مصروف الجيب كأسلوب للضغط على الطفل، ولا حرمانه منه بسبب خطأ بدر منه، بل لا بد أن يدرك أنه حق له وليس وسيلة لعقابه.
اكتساب مبالغ إضافية
في المدرسة الابتدائية يدرك الأطفال أن المال هو مقابل القيام بعمل ما، وحينما يصلون إلى الصف الخامس الابتدائي يمكنهم كسب مبالغ إضافية من الوالدين، ولا يكون ذلك مقابل قيامهم بتأدية الأعمال المعتادة، مثل: المساعدة في ترتيب المنزل، أو تنظيف الغرف الخاصة بهم، أو إحضار الخبز من السوبر ماركت، بل لا بد أن يكون عملا مختلفا عن تلك الأعمال، مثل: المساعدة في أعمال الحديقة، أو مساعدة الأم في تنظيف سلم العمارة أو القبو، ولكن يجب الاتفاق مسبقا على حجم المكافأة، حتى لا تكون هناك مزايدة بعد الانتهاء من العمل.
وتفيد هذه الأعمال في جعل الطفل أو الشاب أكثر ثقة بنفسه، وإدراكا لقيمة العمل، ولقيمة المال أيضا، ولكن يجب على الأهل مراعاة ألا يقضي الطفل أو الشاب العطلات المدرسية في العمل كلها، دون أن يستمتع بالإجازة، ليعود بعدها نشيطا للتعلم من جديد، وضرورة أن يكون لديه الوقت الكافي لمراجعة ما تعلم، والاستعداد لما سيدرس في الفصل الدراسي التالي.
لا ديــون
يجب أن يتعلم الطفل أو الشاب منذ الصغر ألا ينفق ما لا يملك، وألا يستدين لتحقيق هدف ما، بل يجب أن يتعلم أن ينتظر حتى يدخر المبلغ المطلوب، ثم يشتري ما يريد، وأن لا يحلم بما لا يملك تحقيقه، حتى لو كان المبلغ الذي ينقصه ضئيلا، وحتى لو كان من المؤكد أنه سيحصل على هذا المبلغ في غضون أيام قليلة، وطبعا لن يقتنع الطفل أو الشاب بمبدأ عدم الاستدانة إذا رأى والديه ينهيانه عن أمر يأتيانه هما، فهما القدوة التي يحتذي بها، ويسير على دربها.
وهناك من الأطفال والشباب من يبدأ مبكرا في عمل سجل لنفقاته سواء في دفتر خاص أو في الكمبيوتر، فيدون كل ما ينفقه ووجه الإنفاق، بحيث يعلم أين ذهب مصروفه، وبالتالي يستطيع أن يقوم بترشيد إنفاقه بسهولة، بإلغاء النفقات التي يرى أنها ليست ضرورية، ويستبدل بها ما هو أشد أهمية. ويجب ألا يضخ الأهل المال لأطفالهم الذين أنفقوا ما لديهم قبل انقضاء الأسبوع، لأن الطفل أو الشاب لا بد أن يدرك أن المال يمكن أن ينفد، وأن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
الفخ الكبير
أجهزة الجوال بأشكالها العديدة، ورناتها المتنوعة، وإمكانياتها التقنية التي تفوق الخيال، لم تعد وسيلة للحديث فقط، بل أصبحت مجموعة أجهزة، داخل جهاز واحد، هاتف وراديو وكاميرا وفيديو وكمبيوتر شخصي، أصبح التخاطب بالصوت والصورة ممكنا، وغير ذلك كثير، ولكن هذا الجهاز قادر على ابتلاع المال بقدرة فائقة أيضا، يكفي أن تنسى نفسك نصف ساعة وأنت تكلم صديقا خارج الحدود، بل إن هناك من الجهات الفاسدة من يرسل لك رسالة قصيرة (إس إم إس)، ويطلب منك الرد عليها برسالة مماثلة، فما إن تفعل ذلك تأتك الفاتورة في نهاية الشهر بمبلغ لا تعرف من أين جاء.
لذلكفإن جهات حماية المستهلك تنصح بأن تكون هواتف الأطفال والشباب ذات كروت مدفوعة مسبقا، وبمبالغ محددة، إذا انتهت لم يعد ممكنا إجراء المزيد من الاتصالات. ولا ضير أن يبقى الجهاز صامتا لعدة أيام، بل أسابيع، حتى يتعلم الشاب كيفية التعامل مع هاتفه، وكيفية تقسيم المبلغ المتاح على الفترة الزمنية اللازمة.
والفخ الآخر هو الملابس الرياضية ذات الماركات العالمية التي يرى كثير من الشباب أن عدم ارتدائهم لها يجعلهم دون أقرانهم، وموضع سخرية زملائهم. ولكن لا بد أن يرسخ الأهل لدى الشاب أن قيمة الإنسان لا علاقة لها بماركات محددة يرتديها. ولكن خبراء التربية يعترفون بأن الأمر ليس بهذه السهولة، وأن بعض الشباب يعاني بشدة هذا الأمر لبعد الآخرين عنه بسبب عدم امتلاكه لملابس تحمل اسم ماركة عالمية، وكلما كان الإنسان خاوي الجوهر، أراد تعويض ذلك بالمظهر الخارجي.
الصحة النفسية
إن الطفل الذي يتعلم كيفية التعامل مع مصروف الجيب، ويراقب والداه تصرفاته، ويقوِّمانها باستمرار، من سن الخامسة حتى ينهي الثانوية العامة، لا بد أن يصبح قادرا بعد التجارب التي تمر عليه أسبوعا بعد أسبوع، على استيعاب الدرس، فلا يقوم في كِبَره بالمضاربة بكل أمواله في الأسهم، حتى إذا ربح مرة واحدة، رهن سيارته، وأفرغ حساباته المصرفية، ليشتري المزيد من الأسهم، فإذا هبطت أسعارها، هوى من نشوته، وأصابه الهم والغم، وتملكه الضيق، وأخذ يلتمس الحل لدى الطبيب النفسي، لأنه لم يتعلم الدرس مبكرا، وبمبالغ ضئيلة، لا يعني ضياعها نهاية العالم.
فلنبدأ من الآن في تعليم أبنائنا وبناتنا ليصبح المجتمع يوما أقدر على التعامل مع المال، وأكثر إدراكا أنه وسيلة لتحقيق حياة أفضل، وليس هدفا للحياة في حد ذاته، وأن التجارة تكون بالسلع لا بالمال، وأنه تعس عبد الدينار، وأن الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا.
رواء الاسلام @roaaa_alaslam
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
رواء الاسلام
•
up
الصفحة الأخيرة