الاعتراف بالفضل ورد الجميل

ملتقى الإيمان

الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده وبعد :
فإن من الأخلاق الفاضلة والصفات النبيلة في المرأ ، رد الجميل والاعتراف بالفضل لأهله ، ولا تكون هذه السمة إلا في الأنفس الكريمة التي تحس بفضل من أحسن إليها ولو بشيء يسير ، وتحاول رد ذلك الجميل ولو بأقل القليل ، قال بعض الحكماء : (الحُرُّ من يحفظ وِِدَادَ لَحْظَة، وتَعْلِيمَ لَفْظَة) ، وقد أشار الله جل وعلا في كتابه إلى هذه الصفة الكريمة فقال سبحانه : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) ، و أخبر سبحانه أن من صفاته العليا أنه يؤتي كل ذي فضل فضله قال سبحانه : ( وأن استغفر ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله) قال الشوكاني رحمه الله : ( أي يعطي كل ذي فضل في الطاعة والعمل فضله ، أي جزاء فضله إما في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا، والضمير في فضله راجع إلى كل ذي فضل، وقيل : راجع إلى الله سبحانه على معنى أن الله يعطي كل من فضلت حسناته فضله الذي يتفضل به على عباده) ، ولا يعني ذلك أن العبد إذا عمل طاعة أن له فضلاً على الله ، بل الله هو الذي وفق عبده للطاعة ثم أثابه عليها فالفضل لله أولا وآخراً ، وكما أن الاعتراف بالفضل لأهله من صفات النبلاء فإن عكس هذه الصفة من صفات اللئام والكفار وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في الاعتراف بالفضل ورد الجميل ، ومن تلك الأمثلة :
1- وفاؤه صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب الذي كان يذب عنه ويدافع، حيث حاول إقناعه بالإسلام، ولكن أمر هداية التوفيق بيد الله ، فحزن لموته على الكفر وأخذ على نفسه العهد أن يستغفر لعمه ما لم ينه عن ذلك فما زال يستغفر له حتى نهي عن الاستغفار للمشركين ، وما زال يحفظ له فضله ويحاول أن يرد له جميله حتى أذن له بالشفاعة لعمه يوم القيامة ليخفف عنه العذاب ويكون من أهون أهل النار عذاباً .
2- وفاؤه صلى الله عليه وسلم لأم أولاده خديجة رضي الله عنها ؛ حيث وقفت معه في أول نبوته ، وعضدته بمالها وجاهها ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها كثيراً ويثني عليها فتقول عائشة رضي الله عنها : ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة فيقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلتك كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول: (إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد ) ، وفي رواية قال : ( ما أبدلني الله خيراً منها، وقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وآستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء) .
3- وفاؤه صلى الله عليه وسلم للنجاشي الذي آوى المهاجرين من المسلمين أول الإسلام ، حيث نعاه في اليوم الذي مات فيه في السنة التاسعة وجمع الصحابة وصف بهم وصلى عليه .
4- وفاؤه صلى الله عليه وسلم للمرأة السوداء التي كانت تقم المسجد ، وصُلِّي عليها ودفنت بغير علمه ، فكأنه استاء لذلك وقال : (أفلا آذنتموني؟!، دلوني على قبرها) ، فصلى عليها ودعا لها .
5- وفاؤه لمن أقرضه فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ فهم به أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً ثم قال أعطوه سناً مثل سنه) قالوا: يا رسول الله لا نجد إلا أمثل من سنه فقال:( أعطوه فإن من خيركم أحسنكم قضاء)
6- حثه أمته على هذا الخلق العظيم فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( من صنع إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئونه ، فادعوا له ، حتى تروا أنكم قد كافأتموه)، وقال : ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله) .
والأمثلة والنماذج كثيرة لا يسمح المجال لحصرها ، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ، وحيث تبينت أهمية هذا الخلق فثمة فضائل وحقوق قد يغفل عنها ، فلا يعترف فيها بالجميل ولا يرد فيها الفضل إلى أهلها :
- الاعتراف بفضل الله على العبد الذي أنعم عليه بأنواع النعم قال سبحانه ( إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) .
- الاعتراف بفضل النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة .
- الاعتراف بفضل الوالدين ولو كانا كافرين أو فاسقين .
- الاعتراف بفضل العالم و المعلّم ولو لم يتعلم الطالب منه إلا علماً يسيراً، ولو صار المتعلم منهما أعلم وأعلى شأناً منهما .
- الاعتراف من الزوجين بفضل كل منهما على الآخر لاسيما عند حصول الخلاف والشقاق بينهما وهو الذي وردت فيه الآية : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) .
- الاعتراف بفضل مؤلف كتاب استفاد منه الناقل عنه قال الإمام النووي : (ومن النصيحة أن تضاف الفائدة التي تستغرب إلى قائلها، فمن فعل ذلك بورك له في علمه وحاله، ومن أوهم ذلك وأوهم فيما يأخذه من كلام غيره أنه له، فهو جدير أن لا ينتفع بعلمه ولا يبارك له في حال، ولم يزل أهل العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائلها نسأل الله تعالى التوفيق لذلك دائما) .
- الاعتراف بفضل الصديق ولو حال المكان أو الزمان أو الخلاف بين الصديقين .
- الاعتراف بفضل كل ذي فضل على الإنسان مباشرة أو تسبباً ، والاعتراف بمن له فضل على الأمة بعلم أو جهاد أو دعوة أو مال أو ولاية .
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت .
__________________

منقول للفائدة
2
521

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ايمااااان
ايمااااان
وإياك الله يجزاك الجنة