بدأت العديد من دول العالم تعاني من مشاكل زيادة الوزن "البدانة" وتأتي في مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة الامريكية حيث انتشرت هذه المشكلة بشكل كبير جداً بين سكانها فتقريباً اكثر السكان يعتبرون فوق المعدل الطبيعي للوزن ولقد لوحظ كذلك ان السمنة تبدأ في اعمار مبكرة حيث ان 13% من الاطفال و14% من المراهقين يعانون من زيادة الوزن ويرجع العلماء والباحثون في هذا المجال ان هناك اسباباً ادت الى هذه المشاكل ويأتي في مقدمة هذه الاسباب نمط المعيشة لديهم حيث لوحظ عليهم وبشكل كبير اعتمادهم على الوجبات السريعة.
النمط الغذائي في مجتمعنا السعودي:
مما لا شك فيه ان العادات الغذائية في المملكة لوحظ عليها خلال الاعوام الماضية العديد من التغيرات ومن اهم هذه التغيرات والتي حصلت خلال العشرين عاماً الماضية كثرة المطاعم المختلفة باختلاف ماتقدمه للفرد فمثلاً انتشرت المطاعم ذات الوجبات السريعة مثل المحلات التي تقدم الفطائر والحلويات ورغم ان هذه الاغذية تعطي البديل لما يقدم في المنازل الا انها تتصف بارتفاع السعرات الحرارية والدهون ولقد لوحظ في الدراسات العديدة على ارتباط هذا التغير في ارتفاع البدانة ان الدراسات التي اجريت في المملكة تؤكد زيادة نسبة السمنة في المجتمع وليس هناك شك في ان هذا التغير ادى الى زيادة معدل السمنة بين الاطفال وكما لوحظ ان هذه الزيادة ترتفع في حالة مايكون الوالدان بدناء حيث ان الاطفال عادة يكونون بدناء وترجع الدراسة ان السبب يكون ناتجاً من العادات الغذائية للاسرة جميعاً.
الحمية والاطفال:
يعتقد الكثير من الناس انه لا يجب وضع حمية للاطفال او مراجعة مايتناولون من اغذية خاوية وعالية في الدهون حيث يعتقدون ان ذلك سوف يؤثر على نموهم ولكن وللاسف ان هذا ليس صحيحاً. وحيث اننا نعلم ان نوعية الطعام الذي يتناوله الطفل في الصغر سوف يكون له علاقة مستقبلية حيث ان ذلك سوف يكون له تأثير هل سيصبح بديناً ام لا في مستقبله. وكما هو معروف ان كل شخص لديه عدد من الخلايا الدهنية وهذا العدد في العادة يكون محدوداً ومعروفاً وهذه الخلايا سوف تتكون وتتشكل خلال مرحلتين حرجتين من العمر اي ان هذه الفترتين تكون في اوقات محدودة من عمر الانسان.
ويلاحظ ان هذه الزيادة في الخلايا الدهنية تكون في مرحلة الطفولة ومرحلة المراهقة ويلاحظ ان الطفل عندما يتناول الكثير من الدهون فإن عدد هذه الخلايا يزداد وتبقى طوال العمر اي بمعنى اخر ان عدد الخلايا الدهنية (وهو الامر الاكثر خطورة ينتج في مراحل مبكرة من العمر) وعندما يتم تخليق وزيادة اعداد هذه الخلايا فإنها تبقى مع العمر وتقدمه ولايمكن التخلص منها في مراحل البلوغ والشباب الا بالجراحة!!
ويلاحظ انه وعندما يتناول الشخص الكثير من الدهون فإن هذه الخلايا تزيد في حجمها وليس عددها مؤدية الى تجمع الدهون في الجسم.
السمنة ومشاكلها:
ان ظاهرة البدانة والاصابة بالسمنة عموماً لاتقتصر اهميتها فقط على شكل الشخص ولكن بسبب الامراض التي تنتج عنها كارتفاع ضغط الدم، وداء السكري وكذلك الاصابة بأمراض القلب والتي تنتج عن زيادة في تركيز نسبة الكولسترول السيئ.
كما ان للبدانة مشاكل كثيرة مرتبطة بالعظام حيث تزيد معها الاضرار الناتجة من امراض وآلام الظهر والركبتين والم المفاصل.
الاطفال وبعض الامراض الغريبة:
كما اسلفنا فان حالة الشخص بعد البلوغ ترتبط ارتباطاً مباشرا بما هو عليه خلال مرحلة الطفولة والمراهقة فالتغذية السليمة والجيدة في المراحل المبكرة تعمل على الحد من المشاكل بعد مرحلة البلوغ وتعدي مراحل الشباب لذلك فإنه لابد من المحافظة والمراقبة لكل مايقوم به الاطفال وماذا يتغذون وماذا يشربون ومن خلال دراسة قمت بها خلال العام الماضي على عدد كبير من الاطفال في مدينة الرياض والتي ارتبطت بزيادة الوزن (السمنة) وكثافة عظام هؤلاء الاطفال واستنتجت من هذه الدراسة ان هناك العديد من الامراض المختلفة في هذه الشريحة بين 8- 14سنة حيث لوحظ انخفاض كبير وبشكل معنوي في كثافة العظام لديهم حيث بلغت نسبة كبيرة من المصابين بأنخفاض في كثافة عظامهم ولقد وجدت ان السبب في ذلك قلة مزاولتهم للنشاط الحركة "الرياضة" وكذلك استهلاكهم وبشكل كبير للمشروبات الغازية والتي بدورها تؤدي الى الحد من امتصاص والاستفادة من الكالسيوم.
ولوحظ في الدراسة ارتفاع الضغط لدى نسبة منهم وكذلك ارتفاع الكولسترول ورغم ان هذا الموضوع يحتاج الى مزيد من البحث والتنقيب الا انه يجب التأكد ان هذه النتائج لها تأثير مستقبلاً لهؤلاء الاشخاص وهذه الشريحة من المجتمع.
بداية امراض القلب من الطفولة:
كما تشير العديد من الدراسات ان عملية تصلب الشرايين تبدأ في سن مبكرة حيث تقول الابحاث ان بناء الدهون في الشرايين يبدأ في سن العاشرة وخصوصاً اذا كان هذا الطفل يستهلك كميات كبيرة من الدهون والتي بدورها تؤدي الى ارتفاع الكولسترول وبالتالي تؤدي الى تصلبه لذلك فإنه يجب الحذر من ذلك والعمل على قياس الكولسترول في فترات مبكرة من العمر للعمل على الحد من اي مشاكل مستقبلية وخصوصاً اذا كان الطفل يعاني من السمنة.
ومن خلال العديد من الابحاث العلمية والعملية في مجال السمنة والاطفال وكيف يتم العمل على حماية طفلك من البدانة فهنالك العديد من الطرق والنصائح لذلك منها:
اولاً: السعرات الحرارية ومراقبتها:
يجب علينا ان لانقلق من عدد السعرات الحرارية المتناولة والتي يستهلكها الطفل بشكل مباشر لان الاطفال وكما نعلم يحتاجون الى الكثير من السعرات الحرارية وذلك لانهم يقومون بالعديد من الحركات والنشاط الزائد في الغالب العام وطبيعياً ويتم بذلك التوازن بين هذا النشاط والسعرات الحرارية وكذلك نموهم خلال هذه الفترة ولكن يجب علينا معرفة مصدر هذه السعرات الحرارية وهو المهم لان المصدر هو اهم من الكميات حيث قد يتناول الطفل كميات من السعرات الحرارية من مصادر عالية بالسعرات ولكنها خاوية وبدون فائدة مثل اللبان مثلاً والمشروبات الغازية والاغذية عالية الدهون والزيوت.
ثانياً: الدهون ونسبها:
يجب علينا مراقبة كمية الدهون التي يستهلكها الطفل وان لاتزيد عن اكثر من 30% من السعرات الحرارية المستهلكة من قبله واعرف ان هذه المعادلة قد تكون صعبة ولكن يجب ان يحدد ذلك اخصائي التغذية المدرب على ذلك حيث انه يستطيع كذلك ان يقيس ويحدد الدهون غير المشبعة حيث انه يجب على الطفل ان يحتوي غذاؤه على هذه الدهون غير المشبعة والتي لها فوائد صحية لذلك فإنه في حالة زيادة وزن الطفل عن الحد المطلوب يجب عرضه على اخصائي تغذية يستطيع حساب هذا النوع من الدهون والزيوت غير المشبعة.
ثالثاً: الالياف والطفل:
يلاحظ وللاسف الشديد تركيز الاطفال على السكريات البسيطة (الكربوهيدرات) والتي بدورها ترتبط ارتباطاً مباشراً بالسمنة لذلك فإنه يجب ان يحتوي معظم الغذاء لهذه الشريحة على الكربوهيدرات المركبة وغير البسيطة اي بمعنى اخر الابتعاد عن السكريات البيضاء (سكر المائدة) والتي في الغالب تكون موجودة واساسية في عملية تصنيع العديد من المعجنات والمخبزات ولكن البدائل لذلك ان يتم تعويد اطفالنا على المصادر الجيدة والغنية مثل الفواكه والخبز والحبوب الكاملة (المصنوع من القمح الكامل) وخصوصاً اذا كان الطفل يفضل ويرغب في الخبز الكامل فيجب اعطاؤه اياه وتوفيره له.
رابعاً: الغذاء والوجبة المتوازنة:
يجب علينا ان نتأكد من ان الطفل يتناول وجبات متوازنة فهناك العديد من الاطفال لايأكلون خضروات بتاتاً لأنهم لايستسيغونها في هذه الحالة يجب علينا التأكد من سلامة الطفل من اي نقص في الفيتامينات حيث وكما نعلم ان الخضروات مصدر جيد واساسي للعديد من الفيتامينات الضرورية والتي قد يصاب الطفل من خلال البعد عن مصادرها لذلك فان الطبيب او اخصائي التغذية المدرب والمؤهل يمكنه التأكد من عدم اصابة الطفل بأي نوع من انواع نقص الفيتامينات مثل الانيميا (فقر الدم) او نقص في فيتامين ج او الكالسيوم. وبذلك نتأكد من سلامة الطفل.
خامساً: العادات الغذائية السليمة.
مما لاشك فيه انه يجب زرع وتنمية العادات الغذائية السليمة لدى الاطفال منذ نعومة اضفارهم ومن الامثلة على ذلك عدم اضافة السكر على الحليب حيث يتعود الطفل على شرب الحليب بدون سكر وكذلك عند اعداد وجبة مثل مشوي اوخضروات مسلوقة فيجب الحرص على عدم اضافة الزبدة عليه لانه قد يتعود على ذلك مما يزيد من نسبة الدهون لغذائه وكذلك يمكنك ان توفر الحليب منزوع الدهون (المقشور) Skim او قليل الدسم حيث بذلك تعوده على الحد من مصادر الدهون .
سادساً: الوجبات السريعة:
حاول قدر الامكان العمل على ابقاء الطفل بعيداً عن مطاعم الوجبات السريعة وعدم طلبها له بشكل كبير لانه حتى اذا كانت وجبات قليلة الدهون فإنها تحوي على سعرات حرارية عالية اضافة الى قلة محتواها من القيمة الغذائية فيجب العمل على توفير الغذاء في المنزل بشكل جيد وبدون اضافات من الدهون والزيوت وكذلك يمكنك مراقبة ماذا يأكل طفلك والحد من المواد التي ترفع السعرات الحرارية.
ثامناً: زيادة النشاط:
حاول بقدر الامكان العمل على جعل الاطفال نشيطين ولاتساعدهم على الخمول وقلة الحركة ومن اهم الطرق للحد من الخمول مراقبة فترات جلوسهم امام التلفزيون او اجهزة الكمبيوتر فالاطفال في حاجة ماسة للانطلاق خارج المنزل واللعب والحركة.
اخيراً: كن قدوة لهم:
من اهم الامور المهمة ان نكون قدوة للاطفال لان الوالدين قدوة لاطفالهم وخصوصاً الام لان الام خير مثال للطفل فإذا كان طعامك صحياً وتهتم بصحة بدنك فتأكد بأن طفلك سيقلدك في ذلك.
الرياض
سيدة الوسط @syd_alost
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️