الاغتراب بين الأزواج وفقدان الأمن النفسي
رغم توفر مختلف عناصر الألفة والمحبة المفترض تواجدها بين الزوجين- ورغم تسخير كافة السبل والوسائل الشرعية والاجتماعية والنفسية التي تؤهل لمثل هذا الترابط، تأكيداً لقوله تعالى:
( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) إلا أننا نجد العديد من الأزواج والزوجات يعيشون في غربة تامة مع شريك الحياة قد تصل أحياناً إلى حد الجفاء.. والبعد، وعدم التواصل والتفاهم والمحاورة في مختلف القضايا الأسرية.
والإغتراب يعني فقدان الأمن النفسي لدى كل من الزوجين، ولا شك أن مثل هذا الإغتراب يكون بمثابة شرخ في صلب الحياة بين الزوجين، وبالتالي يؤدي إلى مزيد من الفرقة والتباعد فيما بينهما، مما يشكل الكثير من الأعباء النفسية التي تثقل كاهل الزوجين وتزرع الخلاف والشقاق والقلق.
ومن المؤكد أن هذا الإغتراب نابع أولاً وأخيراً من خطأ الاختيار الذي وقع فيه الزوجان في بداية طريق التعارف والخطبة وعدم إجراء دراسة مسبقة من الطرفين قبل ارتباطهما معاً ومن صور الإغتراب:
- الاغتراب الثقافي
فالاختلاف في المستوى الثقافي لكل من الزوجين يساهم بشكل مباشر في عملية الإغتراب فيما بينهما، ويؤدي إلى مزيد من التفكك والتصدع في الأمن النفسي، حيث لا يستطيع أي من الزوجين طرح موضوع ذي شجون ثقافية تتحدث عنه الأوساط الثقافية والاجتماعية في البلاد أمام الشريك الآخر، لأنه لن يجد ما يشبع فكره وعقله وطموحه في هذا المجال من الأفكار الثقافية والمناقشات التي تنم عن خلفية واعية تراود الآخر لتداول مثل هذه القضية.
- الاغتراب الجنسي
قد لا يهتم البعض بهذا النوع من الإغتراب.. إلا أنه يمثل دوافع نفسية تكمن في كل من الزوجين
فاختلاف الطول أو النحافة والمتانة، أو اختلاف لون البشرة، كل هذا وذاك يؤثر سلبياً على حياتهما الاجتماعية والنفسية بشكل دائم ويؤدي إلى مضاعفات ولو بعد حين، وتتراكم هذه الدوافع وتتضاعف إلى أن تصل مرحلة يصعب بعدها التحكم في مجريات الأمور.
- الاغتراب النفسي
وهذا يظهر حالياً حين يكون أحد الزوجين انطوائياً، والآخر متفتحاً للحياة، واجتماعياً، سريع التفاعل ومثل هذه الحالة تنعكس بشكل مباشر وشبه يومي على الشريك الآخر، الذي لا يحتمل مثل هذه الحالة التي لا يستطيع التعايش معها.
- الاغتراب الاجتماعي
وهذا الإغتراب يؤدي إلى مشكلات وخلافات شبه يومية، وفقدان للأمن النفسي يبدأ للأسف مع بدء حياتهما الزوجية، حيث يؤدي الاختلاف الاجتماعي بين الزوجين في العادات والتقاليد، وأسلوب الحياة، وأسلوب الإنفاق، وأسلوب التعامل مع الآخرين والحديث معهم، وكيفية اختيار الملابس والأثاث، وغير ذلك من الأمور يؤدي إلى هموم ومتاعب أسرية بين الزوجين يمكن أن تتطور لتصبح متاعب بين الأسرتين والعائلتين.
- الاغتراب الديني
وهو ما يظهر على سطح العلاقة الزوجية فور الارتباط، فأحد الزوجين، المتدين والملتزم بالشرع والدين يواجه الإغتراب الحقيقي مع شريك حياته إذا كان النقيض منه، ويؤدي ذلك إلى مصادمات تفقدهما الأمن النفسي بينهما، إن لم يتم التغلب على هذا الإغتراب تدريجياً بالتفاهم بين الطرفين، أما إذا تشدد كل منهما وتشبث برأيه فهذا يؤدي إلى عواقب وخيمة.
- الاغتراب التربوي
كل إنسان يعيش في بيئة تربوية تختلف عن البيئة التي ترعرع فيها غيره.
وفي حالة الاختلاف التربوي بين الزوجين، فإن هذا يؤدي إلى اغتراب فعلي في إسلوب التربية المستخدم والنقاش المتبع بينهما ويساهم في تهديد الأمن النفسي للزوجين وفي تجسيد عوامل الهدم بينهما.
وفي نهاية الأمر أود أن أؤكد أن هذه الصور من الإغتراب بين الزوجين تساهم بشكل فاعل في فقدان الأمن النفسي بينهما.
ولكن يمكن وبشكل تدريجي، ومبسط لأي من الطرفين أن يأخذ على عاتقه العمل على إذابة ثلوج هذا الإغتراب بالحكمة والتروي وعدم الإنفعال أو التشدد في التغيير السريع فكثير من الزوجات استطعن أن يغيرن من سلوك أزواجهن بعد أن كانوا من أصحاب السوابق والإدمان، وكذلك العكس.
الأمن والأمان للزوجين صنوان
لا شك أن الشعور بالأمن النفسي والأمان عند الزوج والزوجة بل وجميع أفراد الأسرة هو المؤشر الذي يحدد اتجاه سير العلاقة الزوجية.
ولابد من توافر الأمن والأمان في أرجاء الأسرة لكي تتمكن من القيام بدورها حيث أنها:
1- المسؤولة عن تنشئة الطفل اجتماعياً وتعليمه الأساليب السلوكية الملائمة للمواقف المختلفة.
2- ولأن الأسرة هي المدرسة الاجتماعية الأولى للطفل والعامل الأول في صبغ سلوكه بالصيغة الاجتماعية.
3- هي المؤسسة التي تقوم بتنشئة أفرادها اجتماعياً تغرس فيهم قيم مجتمعهم وعاداته وتقاليده، بحيث تخلق من كل فرد كائناً اجتماعياً.
إن العلاقة الزوجية تتضمن أبعاداً اجتماعياً وبيولوجية ونفسية، ولكي تنمو هذه العلاقة نمواً صحيحاً وتحقق أهدافها الاجتماعية والتربوية والنفسية ينبغي أن يسود الأمن والأمان جنبات الأسرة، إذ يجب أن يعمل طرفاً العلاقة الزوجية وهما الزوج والزوجة، على توفير هذه المشاعر الإيجابية وأن يعملا جنباً إلى جنب وبنفس الدرجة على خلق روح الألفة والمحبة وتوفير وغرس الأمن والأمان في نفوس أبنائهم وأن يكونا القدوة الحسنة للأبناء في توفير هذا الجو النفسي للأمن، ولا شك أن توفير هذا الإحساس بالأمن ينعكس على الأبناء في بناء شخصيتهم الاجتماعية والنفسية، ويعزز بناء الثقة لديهم بأنفسهم، ويعلمهم الشجاعة والإقدام والالتزام القيمي والديني والطني والدفاع عن تلك القيم والإستشهاد في سبيلها، إن المودة والرحمة التي أكد عليها ديننا الحنيف ( خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، هي وبلا شك أساس الأسرة الواحدة وغرس الرحمة في نفوس الأزواج والأبناء تأكيداً لمعنى الأمان وتعزيزاً للأمن في النفوس.
إن الطفل الذي يعيش طفولته سليماً معافى، ويشق طريق حياته بنجاح هو الطفل الذي تشرّب في طفولته أكبر قدر ممكن من جرعات الحنان والأمان تشرّيها من الأب " الزوج الأمن المطمئن" والأم " الزوجة الأمنة الحنونة " وصدق الشاعر إذ يقول: الأمن والأمان للزوجين صنوان لم بين حب على خوف وإرهاب.
منار11 :26: :26: :arb: :) :26: :26:
منار11 @mnar11
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
عذاب الليالي
•
الفففففففففففففففففففففف شكر يالغالية الموضوع جاي في وقته...دمتي لمحبيك ولاعدمناك.
وإذا كانت الرغبة في الاحساس بالأمن من طرف واحد والطرف التاني ماتهمه غير نفسه وبس؟؟؟؟
الصفحة الأخيرة