
عندما يبهرك سطوع الإضاءة في بعض شوارع الرياض الحديثة، فتذكر أن ثمة عوائل في حي الفيصلية تعيش يومها وليلتها صيفاً وشتاءً سنة بعد سنة، على أصبعي بطارية سيارة .. هذه حقيقة واقعة، فهذه أسرة من حي الفيصلية تكيفت على الاكتفاء ببطارية كمصدر للكهرباء، ليس لأنها لا تملك قيمة الكهرباء فقط، بل هي لا تملك بالأصل أجهزة كهربائية، فالثلاجة والمكيف والمدفأة والسخانة كلها في قائمة الأماني، وليست في حيز الوجود، وبالتالي فإن (لمبة) واحدة هي حاجة هذه الأسرة من الكهرباء أو هذه اللمبة بالأصح هي كل ما تملكه وتستطيع توفيره الأسرة من أجهزة كهربائية.
إن هذه العائلة متدنية الحال للغاية ومكونة من زوج وزوجته وأربعة أطفال، وكانت زوجته حاملاً حينما التقيناه، وهم يسكنون في صالة صغيرة مقسومة إلى جزأين، وبينهما (لمبة) متصلة ببطارية سيارة ينقلونها من غرفة لأخرى.
يمتهن الأب مهنة غسيل السيارات لأنه لم يحصل على أية وظيفة لأسباب عدة، وقد ظل مثابراً على هذه المهنة التي وفرت له بعض العيش ومكنته من الصرف على أطفاله الأربعة الذين حالما اشتد عودهم قليلاً أصبح يأخذهم معه صباحاً , حيث يجمعون علب المشروبات الغازية من مكبات النفايات , فيما هو يمارس عمله قرب المجمعات التجارية ويعودون ظهراً إلى الحي ثم يتوجهون للمصنع لبيع تلك العلب، ويجمعون ما توفر لهم من مال ضئيل لا يتعدى الريالات، ليشتروا بها زاد يومهم.
ومن قصة هذه الأسرة إلى حكاية أخرى لسيدة تدعى "أم هجير" وهي تسكن الحي منذ سنين ، وهي أم لثلاث بنات، وقد توفي عنها زوجها، ولا عائل لهم.
تعيش أم هجير مع بناتها في منزل شعبي لا يقي المطر ولا يحمي من اللصوص، وبحكم وجود بناتها لديها فإن القلق يساورها منذ توفي زوجها. إنها تنام بعين وتبقي الأخرى خوفاً على فتياتها من هذا الحي المتوحش وزواره الليليين من الذئاب البشرية، مع كل همسة تقفز من نومها لتطمئن، ومع كل حركة تصل إلى مسامعها تثور فزعة من فراشها لتتأكد.. هكذا هو برنامجها اليومي.
تقول أم هجير: "في هذا المنزل الشعبي الخرب، لا أخاف من الأفاعي رغم أنني قتلت منها خمسة حتى الآن، لكنني أخاف أكثر من الأفاعي البشرية من الذين يعرفون وضعنا ويملكون القدرة على مساعداتنا وأحيانا يكون من واجبهم مساعدتنا ولكنهم لا يبادرون إلى ذلك".
وتضيف راوية قصتها: "بعد وفاة زوجي راجعت مقر عمله الرسمي في إدارة الصرف الصحي حيث كان يعمل كي أحصل على بعض مستحقاته أو دخل ثابت يقيني وأطفالي الضياع لكنني فوجئت بأن مدير الإدارة يقول إن زوجي رحمه الله لا يستحق أي راتب لأنه جديد في العمل ولم يمض أكثر من عامين.. فضاقت بي وطرقت كل الأبواب ولكن لا فائدة فاضطرتني الحاجة والفقر الشديد إلى أن أقف بالساعات عند الإشارات للتسول وتوفير لقمة العيش حتى لو كانت منغصة لأطفالي الثلاثة" واختتمت حديثها بتساؤلات حارقة: " أين هي الشؤون الاجتماعية وأين المسؤولين الذين كلفهم مليكنا بمتابعة بيوت الفقر؟ وأين هو الضمان الاجتماعي والإسكان الخيري الذي نسمع به ولا نراه؟
المصدر
×××
يمنع وضع روابط
او تعرفون احد يقدريساعدهم
لاتقصرون حرام تروح التبرعات
للاجانب وفية ناس محتاجين
او على الاقل ارفعو الموضوع