الاقصى الحبيب

الملتقى العام


نظرت إلى الأقصى من بعيد،وجدته باكياً حزين، فاقتربت منه و حاولت جاهدة إيقاف نزف دموعه التي ما عدت قادرة على لحاقها، فقلت:كفاك بكاءً يا أقصى علّني أفهم منك ما أصابك.



- ردّ بصوت فيه حشرجة:اتركيني و جرحي،لا تزيدي على همّي .



- قلت له:كيف أتركك و أنت منّي و أنا منك،جرحك جرحي و همك همّي.



- قال لي:و كيف ذلك و أنا أراك في يومك تضحكين و قليلاً ما تبكين،و ترقصين في طربٍ و لا تكِّلين،و إلى مجالس اللهو أنت تسبقين ،و أنا هنا وحدي حزين أنين داس اليهود على عفّتي و دنسوا ما تبقى من قدسيتي و لا أجد من يطبطب على جرحي و لا من يكفكف دمعي.



- أخفضت رأسي للأرض خجلانة من فعلي كاسرة كبرياء جفوني ،فقلت:أرجوك يا أقصاي اصفح عنّي ،والله ما نسيتك يوماً و لكن هي الدنيا شغلتني ،و الناس ما عادوا يكلمونني عنك فهم إما نسوك أو تناسوك،كنت أكلمهم بحرقة عنك فكانوا يديروا ظهورهم عنّي أو يغيّرون الحديث لموضوع في ظنّهم أهم منك،

- كنت أصرخ في داخلهم:الأقصى أسير...

الأقصى جريح...

الأقصى نزيف...

لكنّهم ما سمعوني أو صمّوا آذانهم عنّي .

- فقلت لهم:الأقصى يأن يريد عمر.

- ابتسموا مستهزئين منّي و قالوا:مات عمر.

- قلت لهم :إذن نادوا لي أحفاد عمر ،بل أنتم أحفاد عمر ..



- قاطعوني ضاحكين:هم تحت التراب عمر و أحفاده .



- بكيت و قلت :الأقصى يريدكم أنتم لتخلصوه.



- قالوا:نحن ليس بيدنا شيئ إذهبي و نادي على أحد غيرنا.



- مسكت بهم و هززتهم و صرخت:الأقصى يناديكم هل تسمعون؟



- قالوا:كفاك هراءَ الأقصى لا يتكلم.



- قلت:لقد تكلم و سمعته و هو يئن و يتألم ،و رأيت دمعه و شممت نزفه، قاطعني الأقصى قائلاَ:قلت لك لا تقلّبي عليّ المواجع اذهبي بسلامِ و اتركيني و جرحي.



- قلت له:لن اتركك و لو كلفني ذلك دمّي.



و بدأت أرى من بعيد جيشاَ عريضاَ رأيت بدايته لكنّي لم أستطع رؤية نهايته، يقترب...و يقترب...صرخت بفرحٍ:جاء جيش صلاح الدّين!!جاء جيش صلاح الدّين!!



- صرخ بي الأقصى:اهربي من هنا!



وقفت في صمت أحاول التفكير في كلماته، أكمل منادياً:اهربي اهربي فهذه جموع المتطرفين جاؤوا ليذبحون ما تبقّى منّي!!



- صرخت:لا لن أتركك!



- قال:أرجوك ارحلي فكفاكي أنّي لن أبقى معك في دنياك.

فكرت للحظة و تخيلت الأقصى غير موجود في حياتي و أن القدس وحيدة بلا أقصى عندها صرخت:وااا إسلامااااه...وااا عمرااااه...وااا صلاحاااااه،لا و الله لن يحصل هذا الجيش على ما تمناه!يا أقصاي أنا لا أستطيع تخيّل حياتي دونك.



- قال بهدوء:لكن للأسف غيرك يتخيلها.



- قلت والدموع قد أغرقت مقلتي:لكنّي يا أقصاي أحبك ،أستحلفك بالله لا ترحل عنّا و إلا سأموت هنا أدافع عنك يا أولى القبلتين الشريفتين.



- قال لي:كفاك بكاءً ،اذهبي الآن فدورك أن تخبري الأجيال القادمة بقصتي و ما فعل اليهود بقدسيتي،أخبريهم فهم إن نسوني فلا أقل أن لا ينسوا قصتي.


أخبريهم كم مؤلم أن يعيش شخص تحت رحمة حثالة من البشر!!!

و كم صعب أن يفيق الإنسان على أصوات بكاء الأطفال و حشرجة الأمهات بدل سماع ديك يصيح يؤذن بالفجر!فهذا الديك رحمة الله عليه استبدل الأطفال مكانه فصاروا يؤذنون باستشهاد الفجر و استشهادهم!



أخبريهم كم غريب أن يعيش المرء في أحضان وطنه غريباً!

و أخبريهم ما أقسى أن تحرّم الدّوح على بلابله و تحلّ للطير من كل جنس!



و أخبريهم أنه كان هناك مسجد ومدينة ،يعيشون بسلامٍ و سكينة في ظل أمير عادل كان يُدعى عمر،و آه لو تعلمون من عمر،رعانا و حمانا و أحب لقانا،و بعده استُبيحت قدسيتي و قدسية كل مدينة،و ذبحت كرامتي على منصة الإعدام و ناديت ناديت فلم يلَبيني إلا من بقي فيه حميّة ...حميّة إسلامية حرّة أبية...تأبى الذلّ و الأذيّة...هم في بيت المقدس و أكناف بيت المقدس...لكن يبقى أملي و رجائي في الله عزّوجل ربّ هذه الدنيا و من فيها ...ملك الملوك أن يمنّ علي و يخلصني من هذه القيود البغية،و ينصر أهلي و أحبابي فإن للأقصى أحباب لن يخذلوه و لن ينسوه،و أنت منهم إن شاء الله ،من الأحباب من يأتيني و يفديني في سبيل الله بدمه و روحه،و منهم من لا يستطيع الوصول إلي ليفديني فيصلي لله حتى يحميني،و منهم من يروي قصتي للناس حتى يتذكروني،فلكل حبيب منهم دور لا يتخلى عنه بل يجب أن لا يتخلى عنه حتى آتي يوم القيامة و أشهد أمام الله تعالى أنه ما خذلني و ما نساني ،فكل مسلم عليه واجب تجاهي،فيا ويل من سمع ندائي و ما لبّاني!! فأرجوكم دافعوا عنّي حتى يأتي هذا اليوم الذي أصيح فيه :الله أكبر الله أكبر و يكون كل ندائي.



قلت له: نعم الله أكبر الله اكبر

الله أكبر من كل باغي
الله أكبر من كل طاغي

الله أكبر من بني صهيون

الله أكبر و ما سواه أصغر



سيأتي هذا اليوم يا أقصاي الحبيب و ستنادي باسم الله عالياً و سيصل صوتك للقاصي قبل الداني،و سيعم أنحاء البشرية ليطهّر الأرض الحرّة من أدناس اليهود و أذنابهم،و هذا اليوم قريب بإذن الله تعالى،فاستبشر يا أقصاي و لا تهتم فنحن للأقصى راجعينَ نعم للأقصى راجعينَ.

بدأت كتابة القصة في 10/3/2005 و انتهيت من كتابتها في 26/8/2005 لكن قصة الأقصى مستمرة و لن تنتهي إلا بتحرير الأقصى كما حرره عمر بن الخطاب رضي الله عنه و من بعده صلاح الدّين الأيوبي فالأقصى ينتظر الآن المسلمين جميعاً حتى يحرروه في تلك اللحظة ستنتهي قصته و أرجو من الله أن تنتهي قصة الأقصى بتحريره و أن لا تنتهي بهدمه و تدميره و أنتم من تقررون ذلك فكيف ستختارون نهاية القصة؟



قصة أعجبتني
0
357

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️