السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد الله الذي جعل هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر طمعآ في الربح والفلاح وخوفآ من الخسران والإفلاس،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدآ عبده ورسوله ،صلى الله وسلم و بارك عليه وعلى آ له وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهدية إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شأنهما عظيم ونفعهما عميم وثوابهما جزيل ،بهما ظهور الحق وعلوه ، وزوال الباطل واختفاؤه ، وهما من أعظم أسباب السلامة من العقوبات في الآخرة، قال الله عز وجل(( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا)) (68) النساء .
((فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)) (44) الأنعام 44.
((فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ())166 (الأعراف 165-166).
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صلاح وإصلاح ،وقد قال الله عز وجل((( إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ )))(170) الأعراف ،وفعل المنكر وترك المعروف فساد وإفساد ،وقد قال الله عز وجل(( إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ )) (81) يونس وقال في آيتين من سورة الأعراف (( وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)) (الأعراف :56،85)
قال ابن كثير في تفسير الآية الأولى ((ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض وما أضره بعد الإصلاح؟فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد، فنهى عن ذلك ))
وأمراض القلوب نوعان: أمراض شبهات تتعلق بالاعتقادات والتصورات، وأمراض شهوات
تتعلق بالوقوع في المحرمات ،سواء عن طريق اللسان أو الفرج أو السمع أو البصر أو البطن أو اليدين أو الرجلين ، وقد قال صلى الله عليه وسلم (( حفّت الجنّة بالمكاره وحفّت النار بالشهوات )) رواه مسلم (7130 )
ومع قبح ما عليه مرضى الشبهات فإنهم يزعمون أن ما يحصل منهم من إجرام نتيجة لذلك هو إصلاح، وليس ذلك إلا الإفساد كما قال الله عز وجل عن أمثالهم من المنافقين:
((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12))) ( البقرة)
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية (ص:67) بعد كلام له ((يوضح ذلك أن صلاح العباد با لأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،فإن صلاح المعاش والعباد في طاعة الله ورسوله ،و لا يتم ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبه صارت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس ))
وقد جاء في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم آيات عديدة وأحاديث كثيرة تدل على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان شأنهما ، منها :
1-أن الأمر بالمعروف ونهي عن المنكر من أعظم أسباب النصر والتثبيت والتمكين في الأرض: قال عز وجل:
(( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا ٱلصَّلَوٰةَ َ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )) (الحج :40-41)
وقال(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)) (محمد:7)،وقال النبي صلى الله عليه وسلم في أول وصيته لابن عباس رضي الله عنه ((احفظ الله يحفظك))رواه الترمذي ( 2516 )وغيره وقال : ( هذا حديث حسن صحيح )،والمعنى أن من
حفظ الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه فإن الله يحفظه في دينه ودنياه وآخرته ،فإن الجزاء من جنس العمل .
وكما أن النصر والتأييد والحفظ من الله بامتثال الأوامر واجتناب النواهي ،فإن الخذلان والذلة والصغار يكون في خلاف ذلك ، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث ((وجُعل الذلة والصغار على من خالف أمري )) رواه الإمام أحمد( 5114 ) وإسناده حسن
2-أن ترك القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب وقوع العذاب العام :قال
عز وجل (( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) (الأنفال:25 )،قال ابن كثير في تفسير هذه الآية ((-أي علي بن أبي طلحة –في رواية له عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: ( أمر المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذب )،وهذا تفسير حسن جداً.
وعن زينب بنت جحش رضي الله عنها : (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقول :لا إله إلا الله ؛ويل للعرب من شر قد اقترب ؛ فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ،وحلق بإصبعه الإبهام ،قالت زينب بنت جحش :فقلت : يا رسول الله ؛أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال :نعم إذا ؛كثر الخبث )) رواه البخاري (3346 )ومسلم ( 7237).
وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح –وهو أول حديث في مسنده –أن أبا بكر رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال (( يا أيها الناس ؛إنكم تقرؤون هذه الآية :
(() يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءاَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا َيَضُرّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اُهْتَدَيْتُمْ)
وإن سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه ))،ومعنى الآية أن المؤ منين إذا أنكروا المنكر أدوا ما هو واجب عليهم فلا يضرهم بعد ذلك ضلال من ضلَّ.
وروى الإمام أحمد( 19192)وابن ماجه(4009 )بإسناد حسن عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من قوم يعمل فيهم با لمعاصي –هم أعز منهم وأمنع – لا يغيرون إلا عمهم الله بعقاب )) وروى البخاري2493 )
عن ا لنعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة ،فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ،فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا :لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا ؟ فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً،وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعاً) ).
3- أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب عدم قبول الدعاء : فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( والذي نفسي بيده ؛لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ))رواه الترمذي (2169 ) وقال : ((هذا حديث حسن ))،وله شاهد عند ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها (4004 ) يتقوى به ،ولفظه( مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم )).
4- أن من صفات النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر : قال الله عز وجل(( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (157) الأعراف .
5- أن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر هم أهل الصلاح والفلاح : قال الله عز وجل : (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (آل عمران :104) وقال : ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ( ) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ)) (آلا عمران :113-114).
6- أن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب خيرية هذه الأمة وتركه سبب لعن من لعن من بني إسرائيل :قال الله عز وجل : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)) ( آل عمران : 110).وقال: ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ( ) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )) ( المائدة : 78-79).
7- أن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعمال المؤمنين ،وأن الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أعمال المنافقين ومتبعي خطوات الشيطان :قال الله عز وجل : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( ) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( )) ( التوبة :71-72) وقال : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( ) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ )( التوبة :67-68) ،وقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)( النور :21).
8-أن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة : قال الله عز وجل: ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ()التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (التوبة :111-112) .
9- أن شأن النصيحة في الإسلام عظيم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعظم النصح:قال صلى الله عليه وسلم (( الدين النصيحة، قالوا :لمن ؟قال :الله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ))رواه مسلم (196) عن تميم الداري رضي الله عنه ،وروى البخاري (57) ومسلم (199) عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : ((بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم )).
10- أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نوعان من أنواع الصدقات : وذلك صدقة الآمر الناهي على نفسه؛ لأنه يؤجر على أمر ونهيه ، وصدقة على المأمور المنهي ؛ لأنه سبب في هدايته وفعله الطاعة وتركه المعصية ، روى مسلم في صحيحة ( 2329 ) عن أبي ذر رضي الله عنه : ( أن ناساً من أصحاب النبي عليه صلى الله وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم :يا رسول الله ؛ ذهب أهل الدثور بالأجور ؛يصلون كما نصلي ،ويصومون كما نصوم ،ويتصدقون بفضول أموالهم ،قال :أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به ؟إن بكل تسبيحه صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ،وكل تحميده صدقة ،وكل تهليله صدقة ،وأمر بالمعروف صدقة ،ونهي عن المنكر صدقة ،وفي بضع أحدكم صدقة،قالوا :يا رسول الله ؛ أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟قال :أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر )).وروى عنه أيضاً (1671) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة ،فكل تسبيحه صدقة ،وكل تحميده صدقة ،وكل تهليله صدقة ،وكل تكبيرة صدقة ،وأمر بالمعروف صدقة ،ونهي عن المنكر صدقة ،ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى )) وقال صلى الله عليه وسلم ((تبسمك في وجه أخيك لك صدقة ،وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة)) الحديث ،رواه الترمذي (1956) عن أبي ذر رضي الله عنه بإسناد حسن .وقال صلى الله عليه وسلم ( كل معروف صدقة )رواه البخاري (6021) عن جابر رضي الله عنه ،وروى مثله مسلم (2328)عن حذيفة رضي الله عنه .
11-أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خير ما يتناجى به الناس :قال الله عز وجل :
لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (النساء :114 )،وقال : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (المائدة :2)وقال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (المجادلة:9)0
12-أن الرائين للمنكر سواء شاهدوه أو علموه متفاوتون في تغيير على درجات ثلاث ،وهي التغيير باليد ،ثم التغيير باللسان ، ثم التغيير بالقلب ،ومن قدر على التغيير باليد لا يجزيه التغيير باللسان ، ومن قدر على التغيير باللسان لا يجزيه التغيير بالقلب ، قال صلى الله عليه وسلم )) من رأى منكم منكرآ فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه ،وذلك أضعف الإيمان ))رواه مسلم (177) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه 0
وقال صلى الله عليه وسلم: ( ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب بسنته ويقتدون بأمره ،ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون ،فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ،وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ))رواه مسلم (179) عن ابن مسعود رضي الله عنه 0
والتغيير باليد يكون للسلطان ونوابه في الولايات العامة ،ويكون أيضآ من صاحب البيت في أهل بيته في الولايات الخاصة ،فإذ لم يكن من أهل التغيير باليد انتقل إلى التغيير باللسان حيث يكون قادرآ عليه ،وإلا فقد بقي عليه التغيير بالقلب وهو أضعف الإيمان ،وتغيير المنكر بالقلب يكون بكراهة المنكر وحصول الأثر على القلب بسبب ذلك 0
ورؤية المنكر المذكورة في حديث أبي سعيد يحتمل أن يكون المراد منها الرؤية البصرية،أو ما يشملها ويشمل الرؤية العلمية ، ففي سنن أبي داود (4345) (4346) بإسناد حسن عن العرس بن عميرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال )) إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها وقال مرة : أنكرها – كمن غاب عنها ،ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها))
نقل ما سباق من كتاب (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها) تأليف عبد المحسن بن حمد العباد البدر.
، اوإن الناظر إلى أحوال المجتمعات المعاصرة يرى ما ألم بها من انتشار الفواحش والأفكار الهدامة والمبادئ المنحرفة، ويرى أن ذلك ليس له سبب إلا أن الناس تركوا التواصي بالحق والصبر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعم العذاب في تلك البلاد
وقد ابتلي كثير من الناس في هذا الزمان بالتلاوم والتواكل وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يؤد كل منهم ما يجب عليه نحوه، وصار كل واحد يلقي بالمسؤولية على غيره ويبرئ نفسه ويقوم بأعمال من العبادات من الذكر والقراءة والصلاة والصيام ونحوها، ويفرطون في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحفظ حدود الله، وهذا ولا شك قصور في فهم دين الله لأن تارك حق الله الواجب عليه أعظمُ جرماً وأسوأُ حالاً من مرتكب المعصية الذي لم يترك شيئاً مما أوجب الله، كما ، ، يَقُولُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهِ فِي وَصْفِ حَالِ النَّاسِ مَعَ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ: "وَمَنْ لَهُ خِبرَة بِمَا بَعثَ اللهُ بِهِ رَسُولَهُ وَبِمَا كَانَ عَلَيهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ رَأَى قِلَّةَ دِيَانَةِ النَّاسِ فِي جَانِبِ الأمْرِ والنَّهْيِ، وَأَيُّ دِينٍ وَأَيُّ خَيرٍ فِيمَنْ يَرَى مَحَارِمَ اللهِ تُنْتَهَكُ وَحُدُودَهُ تُضَاعُ وَدِينَهُ يُتْرَكُ وَسُنَّة رَسُولِهِ يُرغَبُ عَنْهَا وَهُوَ بَارِدُ القَلْبِ وَسَاكِتُ الِّلسَانِ؟! شَيطَانٌ أَخْرَسُ كَمَا أَنَّ المُتَكَلِّمَ بِالبَاطِلِ شَيْطَانٌ نَاطِقٌ، وَهلْ بَلِيَّةُ الدِّينِ إِلاَّ مِنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ إذََا سَلِمَتْ لَهمْ مَآكِلُهُمْ وَرِيَاسَاتُهُمْ فَلاَ مُبَالاَةَ بِمَا جَرَى عَلَى الدِّينِ؟! وَخَيرُهُمُ المُتَلَمِّظُ المُتَحَزِّنُ، وَلَو أَنَّهُ نُوزِعَ فِي بَعْضِ مَا فِيهِ غَضاضَةٌ عَلَيهِ فِي جَاهِهِ أَو مَالِهِ لَبَدَّلَ وَتَبَدَّلَ، وَجَدَّ وَاجْتَهَدَ، وَاسْتَعْمَلَ مَرَاتِبَ الإِنْكَارِ الثَّلاَثَةَ بَحَسْبِ وسْعِهِ، وَهَؤلاءِ مَعَ سُقُوطِهمْ مِنْ عَينِ اللهِ وَمَقْتِ اللهِ لَهمْ قَدْ بُلُوا فِي الدُّنْيَا بِأَعْظَمِ بَلِيَّةٍ تَكُونُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ، وَهُوَ مَوتُ القُلُوبِ؛ فَإِنَّ القَلْبَ كلَّمَا كَانَتْ حَياتُهُ أَتَمَّ كَانَ غَضَبُهُ لِلهِ وَرَسُولِهِ أقَوَى وَانْتِصَارُهُ للدِّينِ أَكْمَلَ". إعلام الموقعين (2/ 198
، عجَبًا لزمنٍ مَن أنكر فيه قلّ مجالِسوه وكثُر مجافوه، ومَن داهن فيه كَثُر معاشروه وقلَّ معادوه. من تصدَّى للإنكار ثقُل على القلوب ورمِيَ بالكذب وقُصد بالأذى وقوبِل شرَّ مقابلةٍ، زلَلُه غيرُ مغفور، وفضلُه غير مذكور، وخَيرُه غير مشكور.
ويلٌ لمن جالس أهلَ المعاصي والمنكرات، أو فرِح بظهورِهم، أو رضيَ بباطلهم، أو أشادَ بأفعالهم، أو ساعَدَهم وساندهم، أو أعلَن فجورَهم، أو كثّر سوادَهم، ومن كثَّر سوادَ قومٍ فهو منهم، ومَن رضِيَ عمَلَ قومٍ كان شريكَ مَن عملَ به، والرِّضا بالمعصية وِزر، والرِّضا بالكفر كفر، قال جل في علاه: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا .
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس حكرًا ولا مقصورًا على هيئة، بل هو واجب على المسلمين جميعًا كلٌ بحسب منزلته ومكانته واستطاعته.
فالأب مسؤول عن أسرته وأهل بيته. والمعلم في مجاله، والموظف في دائرته، والتاجر في سوقه، كلٌ على حسب منزلته ومكانته واستطاعته، والمسلم الحق أينما وقع أفاد ونفع. يؤلمه ما يؤلم إخوانه المسلمين، ويسره ما يسر إخوانه من المسلمين، وإن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنذر بعذاب يعم الصالح والطالح
فلابد أن يتعاون الجميع على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بهذا الأمر. رائدنا جميعًا في ذلك الإخلاص والحكمة والشفقة والرفق والأناة والرحمة. تلك أبرز صفات القائم بهذا الأمر، أمر الأمر رحيمًا رفيقًا
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويعافى فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر وتقال فيه كلمة الحق لا يخشى قائلها في الله لومة لائم.
اللهم احفظ الأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر اللهم شد عزائمهم وقوِّ شوكتهم والق في قلوب عدوهم المهابة منهم ووفقنا جميعاً لنصرتهم ومدِّ يد العون لهم
منقول
ريم بوادي قطر @rym_boady_ktr
عضوة مميزة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
زهرة النرجس 99 :جزاك الله خير على الطرح القيم وغفرالله لك ولوالديك ورزقك الله الفردوس الاعلىجزاك الله خير على الطرح القيم وغفرالله لك ولوالديك ورزقك الله الفردوس الاعلى
وإياك أختي الكريمة
جزاك الله خيرا على المرور الطيب
جزاك الله خيرا على المرور الطيب
الصفحة الأخيرة
ورزقك الله الفردوس الاعلى
لماذا لا يُستجاب دعاؤنا مع أن الله تعالى قد تعهّد باستجابة الدعاء،
أرقام هواتف: علماء وطلبة علم ودعاة ومفسرين رؤى ورقاة ومنسقين محاضرات
الى كل من تبحث عن السعادة والطمأنينة والراحة النفسية الى كل مهمومه
اساليب مفيدة جدا لتربية الابناء
اخطاء ومخالفات في الصلاة يقع فيها كثير من الناس
أخطاء في الطهارة يجب الانتباه لها
أحيطي أسرتك ونفسك بهذا الحصن المنيع