الامومة في بلاد المهجر

الأدب النبطي والفصيح

الأمومة شي عظيم ونبيل وقد لا تكفي الكلمات للتعبير عنها ووصفها كما يجب، فبالامومة تحس المرأة بالكمال وبها تعطي أجمل ما عندها ... الأمومة كلمة تحتوي على أجمل المشاعر وأرقاها وأول تلك المشاعر العطاء بلا حدود وبلا مقابل ... الشعور بالعطاء إحساس نبيل وسامي ولكنه اصبح نادرا جدا هذه الايام والأمومة فقط لا تزال وستظل الى الأبد تحتفظ بهذه الصفة لانه شي غريزي بين الام وأطفالها.ولكن.....
الأمومة في المهجر متعبة جدا ومرهقة ، قد يستغرب الكثيرون من وصفي هذا ولكنها الحقيقة ...فكل شي في هذا الكون يحلو بالمشاركة وأنا أرى أن أمومتي كانت ستكون أروع لو كنت بجانب أمي...
فهنا في المهجر لا تجد الام بجانبها أحدا غير زوجها .. لا تجد أما ولا أختا ولا عمة ولا خالة .. لا احد على الاطلاق ، وعليها فقط تقع كل مسئوليات الأمومة ... فلو كانت الأمهات هنا في أوطانهن وبين أهلهن لوجدن بدل اليد الف يد تمتد لمساعدتهن ... كانت الجدة ستكون أما والخالة أما والعمة أما كانت ستكون للأمومة طعم اخر ونكهة أخرى ورائحة الياسمين... 
كانت ستكون هناك أيدي أمينة تقول لك ارتاحي قليلا وجددي طاقات أمومتك ولا تخافي عليهم فهم معنا في أحضاننا بأمان.... كان سيكون هناك أشخاص كثر يشاهدون ويتابعون اللحظات البريئة الحلوة التي تصدر من الاطفال ... كانت ستكون هناك تعليقات مضحكة على هذا وعلى ذاك ... كانت ستكون هناك أشياء كثيرة جدا تحلو مع المشاركة.....
اما هنا .. في المهجر .. وفي بلاد الغربة فلا يوجد شي .. تضعين اول طفل لك ولا تجدين غير زوجك من يشاركك فرحة قدومه... تتألمين من آلام ما بعد الولادة والرضيع يبكي في مهده ولا تجدين من تقول لك ارتاحي وأنا سأهتم به ... تتضورين جوعا وليس هناك من تجهز لك شوربة ساخنة أو وجبة تستردين فيها بعضا من صحتك... هنا تكونين فريسة سهلة لاكتئاب ما بعد الولادة ... والزوج المسكين يدخل في دوامة بين وظيفته الخارجية ووظيفته الجديدة كأب .... ولكنه لن يستطيع ان يسد مكان الام ( اي الجدة) مهما بذل من جهد.... 
وعندما يبدأ الطفل بأول شي في كل شي تكونين الشاهد الوحيد على كل شي .. لن يكون هناك من يشاركك فرحة ضحكته الاولى ولا ترقب خطوته الاولى ولا ظهور أول حبات اللؤلؤ... لحظات عظيمة ولا تتكرر تتمنين فيها مشاركة الجد والجدة والعمة والعم والخالة والخال ... مشاركة الأهل والأقارب .. مشاركة الجيران والأحباب ... ولا أبالغ اذا قلت مشاركة العالم كله..... فبالمشاركة تحلو ذكرياتنا .
وهكذا وبنفس الروتين الكئيب الذي يخلو من المشاركة يأتي الطفل الثاني والثالث ..... الخ وبعد كل ضيف جديد تكثر المسؤوليات وتكثر معها هموم الغربة .... أوليس بعد كل هذا من حق الأمهات في المهجر أن يشكون من تعب الأمومة عندما تقع على عاتقهن كل واجبات الأمومة بلا أي مساعدات خارجية؟! 
وميض ذكرى : كم أتذكر صورة أول أبنائي وهو يتراقص فرحا على صدر جده وكان عمره آنذاك سنة ونصف تقريبا، كان يتراقص هناك وينظر الى الأيادي الممتدة اليه والتي تحاول ان تأخذ نصيبها في المرح معه ولكنه كان ينظر إلينا ويضحك ضحكته البريئة ويتسلق صدر جده ضاربا بعرض الحائط يداي ويدا جدته ويدا خاله..... والجميع يضحك ويقهقه...
أما في الغربة فلا يجد الرضيع سوى يد امه الممتدة اليه خاصة عندما يكون الاب معظم الوقت في عمله....ليس هناك غير تلك اليد ولا يعرف الرضيع غير ذاك الوجه فهل تعتقدون مثلي أن أطفال المهجر محرومون من عطاء كثير ...
نعمة محمد عبدالله2012/11/24لندن
6
758

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

تغريد حائل
تغريد حائل
غاليتي...
جميلة سمفونية الامومة هذه!!في طياتها قطف ثمار...وتضحية وإيثار!!
فلا يوجد في هذه الدنيا قلب معطاء كقلب الأم صادقة الأحساس...
فهذه البذرة الرائعة تستحق منا أكاليل الحب والحنان..
بارك الله لكِ بزهوركِ،وجعل ربيع أيامكِ خير وسعادة بال.
قلمكِ صادق أختي...وكلماتكِ في قمة الروعة والجمال!!
ولاينتابكِ عزيزتي هاجس الفشل...فهو من سيبعدكِ عن هرم النجاح،ويجعل قلمكِ معاق لاسمح الله.
وقلة الرود لاتعني بأن نبض قلمكِ لم يصل بل بسبب ركود الواحة وعدم تواجد أخواتنا العضوات.
فانتظري قليلاً وسوف يعم نصكِ ورود الأعجاب، وباقات التألق!!
حماكِ الله!!
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
الأخت نعمة :
أوجعتني كلماتك وتنشقت منها هواء الغربة الموحش ، كأنه صفير ريح في محطة قطار مهجورة !
صورة بدت لي هكذا !!
ماقلته عين الصدق .. ففي الغربة يمسي القلب مقروراً يلتمس الدفء بلا جدوى .. فالأحضان الدافئة
بعيدة .. وضباب المكان يحجب ذلك الدفء ويمتهن البرود ويلقي ظل كآبته على النفس التي تتوق إلى
إشراقة محبة ، وحنان مشاركة ، .. تتوق الأحبة وجودا وحضوراً لتحضن الطفولة وتغرقها بفيض الحنان
وتغمرها بالحب .. الطفولة هناك جائعة إلى ألفة الوجوه وعبارات الحب وهمسات الدلال ونظرات
الحنان ! تحتاج إلى قلوب ترف لمرآها وتهفو لها .. حقاً ماذكرت ياأختي
وليست الطفولة وحدها في هذا الشح العاطفي تنمو ولكن الأم معها تعاني لها وعليها ..

أجدت وأحسنت فلقد طرحت صادق شعورك ..
أنت البركة في تخفيف وطأة الغربة على أطفالك ..
وفي ملء الفراغ العاطفي .. !!
أعانك الله ورعاك ..
وخفف عنكم الوطء !.
رائعة !! وننتظر جديدك !
واعذرينا لتأخر المشاركة
نعمة ام احمد
نعمة ام احمد
ما أجملكن أخواتي في الله بت أحس بالانتماء الى هذه الواحة بالرغم من اني عضوة جديدة شكرا لكن....
ليالي الهمس
ليالي الهمس
غاليتي نعمة.. أم أحمد .. فعلا أطفال المهجر محرومون من
أشياء كثيره وتلك الأُم اعانها الله على تحمل تلك المسؤليه
ولكن غاليتي لابد من الصبر ولابد بأن يأتي الفرج
آلمتني حروفك فهي فعلا شجيه تحمل الآهات من
حمل المسؤليه ولكن غاليتي تذكري بأن الله هو المعين
أعانك الله وصبركِ شرحتِ بإيجاز معنى الاُمومه
خارج الوطن وبكلمات رائعه دمتِ بخير
حنين المصرى
حنين المصرى
غاليتي... جميلة سمفونية الامومة هذه!!في طياتها قطف ثمار...وتضحية وإيثار!! فلا يوجد في هذه الدنيا قلب معطاء كقلب الأم صادقة الأحساس... فهذه البذرة الرائعة تستحق منا أكاليل الحب والحنان.. بارك الله لكِ بزهوركِ،وجعل ربيع أيامكِ خير وسعادة بال. قلمكِ صادق أختي...وكلماتكِ في قمة الروعة والجمال!! ولاينتابكِ عزيزتي هاجس الفشل...فهو من سيبعدكِ عن هرم النجاح،ويجعل قلمكِ معاق لاسمح الله. وقلة الرود لاتعني بأن نبض قلمكِ لم يصل بل بسبب ركود الواحة وعدم تواجد أخواتنا العضوات. فانتظري قليلاً وسوف يعم نصكِ ورود الأعجاب، وباقات التألق!! حماكِ الله!!
غاليتي... جميلة سمفونية الامومة هذه!!في طياتها قطف ثمار...وتضحية وإيثار!! فلا يوجد في هذه الدنيا...
الغالية نعمة عزفت على وتر حساس فانا مثلك تماما اما فى المهجر لطفلتين ولدا فى المهجر بعيد عن الاهل والاقارب والاصدقاء كل ما كتبتيه عن ام المهجر وطفل المهجر صحيح واكثر وواقعي لقد عكست الامنا النفسية والجسدية ولكن هذا هو جزء من ثمن الغربة شكرا حبيبتى على كلماتك الرقيقة الحزينة والصابرة فليس امامنا سوى لاصبر والامل بان تاتى اللحظات التى يجد ابناؤنا فيه حنان وامان الاهل ونجد فيها معهم تلك الاحاسيس التى قتلتها الغربة انتظر مزيدك حبيبتى لكن بامل اكثر