فالمؤ من أوسع الناس املا واكثرهم تفاؤلا واستبشارا وابعدهم عن التشاؤم والتبرم والضجر ، إذ الإيمان معناه الاعتقاد بقوة عليا تدبر هذا الكون لايخفى عليها ، شيء ولاتعجز عن شيء . الاعتقاد بقوة غير محصورة ورحمة غير متناهية وكرم غير محدود ، الاعتقاد بإله قدير رحيم يجيب المضطر إذا دعاه فيكشف السوء ، يمنح الجزيل ويغفر الذنوب ، ويقبل التوبة عن عباده فيكشف السوء، يمنح الجزيل ويغفر الذنوب ، ويقبل التوبة عن عبادة ويعفو عن السيئات ، إله هو أرحم بعباده من الوالدة بولدها ، وأبر بخلقه من أنفسهم ، إله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، إله يفرح بتوبة عبده أشد من فرحة الضال إذا وجد ، والغائب إذا وفد ، والظمآن إذ أورد ، وإله يجزي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف أو يزيد ، ويجزي السيئة بمثلها أو يعفو ، إله يدعو المعرض عنه من قريب ، ويتلقى المقبل عليه من بعيد ،

ويقول ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإذا ذكرني في ملأ ذكر ته في ملأ خير منه ، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.)

إله يداول الأيام بين الناس فيُبِدلّلُ من بعد الخوف أمنا ، ومن بعد الضعف قوة ، ويجعل من كل ضيق فرجا ، ومن كل هم مخرجا ، ومن كل عسر يسرا ، المؤمن الذي يعتصم بهذا الإله البر الرحيم العزيز الكريم ، الغفور الودود ، ذي العرش المجيد ، الفعال لما يريد ، يعيش على أمل لا حد له ، ورجاء لاتنفصم عراه ، إنه دائما متفائل ينظر إلى الحياة بوجه ضاحك ، ويستقبل أحداثها بتغر باسم ، لابوجه عبوس قمطرير ، فهو إذا حارب كان واثقا بالنصر ، لأنه مع الله ، فالله معه ، ولانه لله ، فالله له
( إنهم لهم المنصورون ** وإن جندنا لهم الغالبون )

وإذا مرض لم ينقطع أمله في العافية ( الذي خلقني فهو يهدين ** والذي يطعمني ويسقين ** وإذا مرضت فهو يشفين )
وإذا اقترف ذنبا لم ييأس من المغفرة مهما يكن ذنبه عظيما فإن عفو الله أعظم
( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )

وهو إذا أعسر لم يزل يؤمل في العسر (
(فإن مع العسر يسرا ** إن مع العسر يسرا )
ولن يغلب عسر يُسرين أبدا .قال ابنمسعود رضي الله عنه : لو دخل العسر حجرا لتبعه اليسر ، وهو إذا انتابته كارثه من كوارث الزمن كان على رجاء من الله أن يأجره في مصيبته ، ويخلفه خيرا
( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ** أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدين )

والمؤمن إذا عادى أو كره كان قريبا إلى الصلة والسلام راجيا في الصفاء والوئام، مؤمنا بأن الله يحول القلوب(عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم )
وهو إذا أدركته الشيخوخة واشتعل رأسه شيبا لم ينفك يرجو حياة أخرى فيها شباب بلا هرم وحياة بلا موت وسعاده بلا شقاء
( جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا ** لايسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا )
فقد طلب إبراهيم الولد وهو شيخ كبير
ربِ هب لي من الصالحين ) فاستجاب الله له ،

يعقوب بعد أن طالت غيبه ولده يوسف عنه وبعدت مسافة الزمن بينه وبين ابنه ، وكان جديرا في أن يفقد الامل في لقائه ، ثم فجع بحجر شقيقة من بعد ه في حادثه صواع الملك ، لكنه مع هذا لم يتسرب إلى فؤاده اليأس ، بل قال
( فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم )
و حين أبدى أسفه على ابنه يوسف قال له أبناؤه
(تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين ** قال إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله مالا تعلمون )
ثم ألقى إلى أبنائه بحقيقة مافي نفسه من أمل تعززه الثقة بالله أن يجمع شمله بأبنائه فقال
(يابني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تايئسوا من روح الله إنه لايايئس من روح الله إلا القوم الكافرين )

وزكريا
( إذ نادى ربه نداء خفيا ** قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم يكن بدعائك ربي شقيا ** وإني خفت الموالي من وراءي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا ** يرثني ويرث من ءال يعقوب واجعله رب رضيا )
COLOR=black]فاستجاب له ( يزكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى )
وأيوب (
ّ إذ نادى ربه أني مسني الضر وانت ارحم الراحمين )

ويونس قد ابتلعه الحوت
فنادى في الظلمات أن لااله إ إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين )
وموسى حين يسري بقومه لينجو بهم من فرعون وجنوده ولم ييأس موسى ويقول
( كلا إن معي ربي سيهدين )
ومحمد صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى غار ثور في هجرته مع صاحبه ،إذ يقول النبي صلى الله عليه وسل ( ماظنك باثنين الله ثثالثهما ) وهكذا
هذه وقائع عرفها التاريخ وغيرها التي يوقن بها المؤمن وقد ينكرها الماديون ..

جزاك الله خيرا ً..