البوتكس
هل حقق هوس النساء بالجمال؟
لا يستطيع أحد أن يوقف عقارب الساعة فضلا عن أن يعيدها الى الوراء. إن الشباب الدائم
كان ولا يزال حلما يراود الكثيرين. ليست هناك حدود لرغبة الناس في تقليل مظاهر السن على وجوههم وفي الظهور اكثر شبابا واكثر جاذبية، وهذا ما حفز جراحي التجميل على الابداع في عمليات تجميل الوجه، كعمليات شد الوجه وشد الجفون وتجميل الانف، محاولين بذلك تحقيق هذا الحلم القديم ، وخلال السنوات الأخيرة تردد اسم علاج حديث يتعلق بإزالة تجاعيد الوجه، ويسمى هذا العلاج «حقن البوتكس».
تعتبر حقن البوتكس حديث الجميع هذه الأيام في عالم التجميل، وهي تعتبر من أحدث الوسائل المستخدمة في ازالة تجاعيد الوجه. وقد لاحظ الأطباء أن حقن البوتكس تؤدي إلى نتائج مذهلة، مما جعلها الأكثر شعبية لدى الذين يعانون من التجاعيد وآثار تقدم العمر على الوجه. وقد انتشر استخدام هذه المادة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية لتجميل الوجه، وأصبحت عيادات التجميل في جميع انحاء العالم تستقبل الملايين من النساء والرجال ممن يتطلعون للتخلص من تجاعيد الوجه. وبهذه الطريقة أصبح من الممكن التحايل على آثار تقدم العمر الظاهر على البشرة. ان عمليات الحقن لم تعد مقتصرة على النساء فقط، بل إن الرجال أيضا يهتمون بهذه الأساليب في التجميل حتى يظلوا متمتعين بمظهر الشباب.
ولكن ما هي مادة البوتكس هذه؟
تتكون مادة البوتكس من منتجات مستخلصة من بكتيريا معينة، وتؤثر هذه المادة على نبضات الأعصاب، والكمية التي يتم حقنها عادة ما تكون مأمونة حيث تعمل على إرخاء وشد العضلات المسببة للتجاعيد، وتعيد للجلد نعومته وتختفي بذلك التجاعيد التي كانت عليه بسبب انقباض تلك العضلات. ومما يميز البوتكس أنه آمن إلى حد كبير، حيث لا تتكون ضده أجسام مناعية مضادة بالإضافة إلى نتائجه الرائعة. إن اكتشاف استخدام البوتكس لعلاج تجاعيد الوجه قد تم مصادفة وذلك حين لاحظت طبيبة عيون كندية أن استخدام هذه المادة بجرعات معينة يساعد على اختفاء تجاعيد الوجه دون آثار جانبية وذلك حينما كانت تعالج بهذا الدواء بعض حالات الحول. وقد استخدم البوتكس ابتداء من ستينيات القرن الماضي لمعالجة الحول، حيث كان يعمل على إرخاء العضلة المتوترة، ثم استخدم لعلاج حالات التشنج العضلي والتوتر وعلاج تشنج الجفون.
ولفهم كيفية عمل هذا العلاج في إزالة تجاعيد الوجه يجب علينا أولا أن نفهم كيف تتكون التجاعيد
فالتجاعيد تحدث نتيجة الاسراف في استخدام العضلات التعبيرية في الوجه كما يحدث في المنطقة الصغيرة بين الحاجبين وفي منطقة الجبهة ومنطقة ما حول الفم، كما أن لكل تجاعيد في منطقة معينة من الوجه سببا وكذلك فإن لكل نوع من التجاعيد أسلوبا مختلفا في العلاج فمادة البوتكس تعالج تجاعيد الجزء العلوي من الوجه كما في تجاعيد الجبهة والوجنتين وبين الحاجبين وحول العينين وذلك باستخدام الحقن لارخاء عضلات الوجه فتختفي التجاعيد تماما. ويعمل البوتكس في مكان إصدار الأوامر العصبية إلى العضلات وبالتالي يمنع حركة انقباض العضلات المسببة للتجاعيد، مما يؤدي إلى انبساط الجلد المغطي لها. و يستمر تأثير هذه المادة ستة أشهر بحيث تقوم أنزيمات الجسم بتشرب هذه المادة وتعود الأعصاب إلى وظيفتها الأصلية. عملية حقن البوتكس لا تحتاج إلى أكثر من خمس دقائق، وتجرى في العيادات المتخصصة، كما أنها غير مكلفة ماديا، و لا تتطلب استخدام التخدير أو المسكنات حيث لا تسبب آلاما اللهم إلا القليل من الشعور بعدم الارتياح الذي قد يحدث عند إدخال الإبرة الدقيقة جدا وحقن السائل ويدوم هذا الإحساس لمدة خمس عشرة دقيقة تقريباً. يتم الحقن في مناطق معينة من الوجه وبخاصة الجزء العلوي منه لإزالة ما يسمى بالخطوط الديناميكية مثل خطوط القلق وخطوط العبوس وخطوط الجبهة العرضية والتجاعيد حول العينين وخطوط الضحك لتجعلك تبدو بمظهر أكثر شباباً، وللعلم فإن البوتكس لا يؤثر إلا في هذه المنطقة التي يتم حقنه فيها موضعيا، وهو بذلك لا يؤثر على أية أماكن أخرى بالجسم. وبعد حقن البوتكس يمكن مزاولة النشاط المعتاد مباشرة، ويوصى بعدم الاستلقاء لمدة 3 إلى 4 ساعات بعد الإجراء كما ينصح بعدم اجراء مساج لموضع الحقن وهناك بعض التمرينات الخفيفة للوجه يتم شرحها للمريض. وتظهر نتائج الحقن عادة بعد 3 إلى 5 أيام وقد تتأخر في قليل من الأحوال حتى أسبوعين، وتبقى النتائج موجودة على الوجه لمدة أربعة إلى ستة أشهر وعندما يبدأ تأثير البوتكس في الزوال فإن التجاعيد قد تبدأ في الظهور ثانية. وقد يحتاج المريض إلى إعادة الحقن مرتين أو ثلاث مرات سنويا للحفاظ على شباب الوجه. ومن مميزات هذا الأسلوب أنه سريع وليست له آثار جانبية ولكن يحتاج إلى خبرة في عملية الحقن، ومن مزايا الحقن ايضا أنه لا يسبب أضرارا للأنسجة على المدى الطويل. و قد ثبت بالدراسات العلمية على النساء اللواتي استخدمن الحقن بمادة البوتكس لمدة 7 سنوات أنه لم يظهر أي أثر لتلف خلايا عضلات الوجه، لذلك تعد هذه المادة نعمة في علاج تجاعيد الجزء العلوي للوجه، ولكن هذه المادة لا تنجح في علاج تجاعيد الفم والأنف لذلك يمكن استخدام الحقن بالكولاجين أو بمواد اخرى حديثة وهي مواد طبيعية مستخرجة من الأنسجة الضامة أو يتم تصنيعها جينيا في المعامل المختصة. كذلك يمكن استخدام حقن مادة البوتكس للتخلص من التعرق الزائد وخاصة في منطقة الإبطين
و الكفين مما يجعل بعض الأشخاص في حرج متكرر ودائم ويضطرون أحيانا إلى تغيير ملابسهم أكثر من مرة في اليوم، وربما يحتاجون أحيانا إلى وضع بعض المناديل القطنية تحت الإبطين لتلافي هذا الإحراج. وينفق هؤلاء نقودا كثيرة على مستحضرات إزالة العرق دون جدوى وربما يلجأون أحيانا إلى العمليات الجراحية لحل هذه المشكلة. وفي هذه الأيام بدأ هؤلاء المرضى في التخلص من هذه المشكلة وبسهولة وذلك باستعمال مادة البوتكس حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن حقن مادة البوتكس بشكل متكرر من 4 إلى 6 أشهر في مناطق التعرق الزائد أدى إلى نتائج طيبة في التخلص من مشكلة التعرق الزائد، كما أن البوتكس يستخدم أيضاً لعلاج الصداع النصفي، فقد لاحظ أطباء التجميل أن كثيرين من مرضى الصداع النصفي تتحسن حالتهم بعد حقن الدواء من أجل إخفاء التجاعيد، كما يستخدم في علاج آلام الظهر وتشنج عضلات الأطراف. هذا وتجرى حالياً تجارب كثيرة حول استخدامات أخرى مفيدة لمادة البوتكس.
د. أحمد سيف مكي