*هبة

*هبة @hb_16

مشرفة مجالس الإيمان وقسم المجلس العام

البكاء من خشيه الله يغسل أدران القلوب

ملتقى الإيمان











البكاء يغسل أدران القلوب



إنها حقيقة لا مِراء فيها، فالبكاء من خشية الله تعالى يلين القلب ،ويذهب عنه أدرانه،



قال يزيد بن ميسرة رحمه الله:
(البكاء من سبعة أشياء: البكاء من الفرح، والبكاء من الحزن، والفزع، والرياء، والوجع، والشكر،
وبكاء من خشية الله تعالى، فذلك الذي تُطفِئ الدمعة منه أمثال البحور من النار).
وقد مدح الله تعالى البكائين من خشيته، وأشاد بهم في كتابه الكريم:




{قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعً}....
الإسراء 107-109].




البكاء شيء غريزي:



نعم هذه هي الفطرة فالإنسان لا يملك دفع البكاء عن نفسه، يقول الله تعالى:
{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}
النجم: 43]





أنواع البكاء





لقد ذكر العلماء أن للبكاء أنواعا ومن هؤلاء الإمام ابن القيم رحمه تعالى إذ ذكر عشرة أنواع هي:

1- بكاء الخوف والخشية.
2- بكاء الرحمة والرقة.
3- بكاء المحبة والشوق.
4- بكاء الفرح والسرور.
5- بكاء الجزع من ورود الألم وعدم احتماله.
6- بكاء الحزن .... وفرقه عن بكاء الخوف: أن الأول – (الحزن) - يكون على ما مضى من حصول مكروه أو فوات محبوب وبكاء الخوف: يكون لما يتوقع في المستقبل من ذلك، .
7- بكاء الخور والضعف.
8- بكاء النفاق وهو: أن تدمع العين والقلب قاس.
9- البكاء المستعار والمستأجر عليه، كبكاء النائحة بالأجرة - 10-بكاء الموافقة: فهو أن يرى الرجل الناس يبكون لأمر فيبكي معهم ولا يدري لأي شيء يبكون.




فضل البكاء من خشية الله



إن للبكاء من خشية الله فضلا عظيما، فقد ذكر الله تعالى بعض أنبيائه وأثنى عليهم ثم عقب بقوله عنهم:



{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}...
مريم 58].
وقال تعالى عن أهل الجنة:
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}...
.




أما رسول الله صل الله عليه وسلم فقد قال:



(لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع)،
وقالَ:
(سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلُّهُ...) وفي آخره: (ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)، وقال (عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله).
وقال النبي صل الله عليه وسلم:
(ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين: قطرة من دموع خشية الله، وقطرة دم تهراق في سبيل الله، وأما الأثران: فأثر في سبيل الله، وأثر في فريضة من فرائض الله).




وكان السلف يعرفون قيمة البكاء من خشية الله تعالى، فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: (لأن أدمع من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار).




بكاء النبي صل الله عليه وسلم



عَن ابن مَسعودٍ - رضي اللَّه عنه – قالَ: قال لي النبيُّ صَلّ اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:
(اقْرَأْ علي القُرآنَ) قلتُ: يا رسُولَ اللَّه، أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟، قالَ: (إِني أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) فقرَأْتُ عليه سورَةَ النِّساء، حتى جِئْتُ إلى هذِهِ الآية:
{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا}

قال (حَسْبُكَ الآن) فَالْتَفَتُّ إِليْهِ، فَإِذَا عِيْناهُ تَذْرِفانِ.




ولما رأى النبي صل الله عليه وسلم أصحابه يحفرون قبرا لدفن






قالت عائشة: وكان جالساً فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته.

قالت: ثم بكى حتى بل الأرض ! فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟! قال: أفلا أكون عبداً شكورا؟! لقد أنزلت علي الليلة آية، ويل لم قرأها ولم يتفكر فيها!
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ …} .




بكاء الصحابة رضي الله عنهم





لقد رأينا شيئا من بكائه صل الله عليه وسلم وقد تعلم الصحابة رضي الله عنهم من نبيهم البكاء فعن أنس رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صل الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط فقال: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً)، فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين، وفي رواية: بلغَ رسولَ الله صل الله عليه وسلم عن أصحابه شيء فخطب فقال
: (عرضت عليَّ الجنة والنار فلم أر كاليوم من الخير والشر ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً)
فما أتى على أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم يوم أشد منه غطوا رؤوسهم ولهم خنين.
والخنين: هو البكاء مع غنّة.
وكان عثمان إذا وقف على قبر؛ بكى حتى يبل لحيته! فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟!
فقال إن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:
(إن القبر أول منزل من منازل الآخرة، فإن نجا منه، فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه ؛ فما بعده أشد منه)
قال: وقال رسول الله صل الله عليه وسلم:
(ما رأيت منظراً قط إلاّ القبر أفظع منه).




وبكى أبو هريرة رضي الله عنه في مرضه. فقيل له: ما يبكيك؟! فقال: (أما إني لا أبكي على دنياكم هذه، ولكن أبكي على بُعد سفري، وقلة زادي، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار، لا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي).



وبكى معاذ رضي الله عنه بكاء شديدا فقيل له ما يبكيك؟ قال: لأن الله عز وجل قبض قبضتين واحدة في الجنة والأخرى في النار، فأنا لا أدري من أي الفريقين أكون.
وبكى الحسن فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني الله غداً في النار ولا يبالي.





وخطب أبو موسى الأشعري رضي الله عنه مرة الناس بالبصرة: فذكر في خطبته النار، فبكى حتى سقطت دموعه على المنبر وبكى الناس يومئذ بكاءً شديداً.
وعن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}
الحديد : 16]
بكى حتى يغلبه البكاء.








وأخيرا فقد قال أبو سليمان رحمه الله:



عودوا أعينكم البكاء وقلوبكم التفكر
.
من فوائد البكاء من خشية الله






أنه يورث القلب رقة ولينا

أنه سمة من سمات الصالحين
أنه صفة من صفات الخاشعين الوجلين أهل الجنة
أنه طريق للفوز برضوان الله ومحبته





وبعد فهذه مجرد إشارات لفضيلة البكاء، و لما كان عليه القوم الصالحون الأوائل من خشية الله والبكاء من أثر هذه الخشية فهل لنا فيهم أسوة؟
14
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ليالي حجازية
ليالي حجازية
جزاك الله خير
حكايه صبر
حكايه صبر
ريحانه تو
ريحانه تو
احب الخيرلي وللغير
Fullah
Fullah
جزاك الله خير ولاحرمك الأجر..