هذه قصة رحلة حدثت على أرض الواقع ، أسردها هنا و أتمنى أن يكون فيها عظة لجميع الفتيات ...
في أيام الصيف الحارة ، وبعد عناء يوم دراسي لا ينتهي إلا في الساعة الواحدة ، تتواعد مجموعة من الفتيات للقيام برحلتهن والتي ستبدأ بمرور الحافلة الخاصة - التي تمكن من إستئجارها خصيصاً لهذه المهمة - في تمام الساعة الثانية ظهراً ، أي أمامهن فترة راحة في أقل من ساعة !
بعضهن ما أن تأتي من عملها أو جامعتها في الظهر حتى تخلد للنوم ، لتستطيع إكمال يومها بنشاط ، و بعضهن يبقين مستيقظات لإتمام مهامهن في المنزل ، أو للبقاء مع أسرهن ، أو لإتمام واجباتهن العلمية أوالعملية .
تبدأ رحلتهن بعد موافقة الأهل ، بل و ينطلقن والأهل يدعون من خلفهن بأن يوفقهن الله ، وأن يفتح لهن أبواب الخير .
تمر الحافلة أمام منازل الفتيات و هن حوالي العشر ، وكل واحدة في حي مختلف ! وهذا بالطبع فيه مشقة عليهن ، ولكن لمثل هذه الرحلات ، تُنسى حظوظ النفس وراحتها ، للسمو بها .
البعض منهن ما أن تركب الحافلة حتى تغط في نوم عميق ، والأخرى تراجع مع زميلاتها الدروس التي تلقينها بالأمس ، وتلك تتبادل الحديث مع رفيقتها عن أحوالها .
تستمر الرحلة في الحافلة لجمع الفتيات حوالي الساعة ، وبعدها تنطلق إلى المكان المراد ، والذي يحتاج لنصف ساعة للوصول إليه .
أتعلمون أيها الكرام لماذا تتحمل هؤلاء الفتيات عناء هذه الرحلة و ما هدفهن منها ؟
أنهن يردن معرفة ماذا قال الله تعالى وماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم .
ينطلقن وكلهن إرادة و إصرار على اللحاق بركب الصالحات ، اللاتي ضربن بمغريات هذه الدنيا و ترفها عرض الحائط ، واشترين رضى الله ورسوله .
لمدة اسبوعين تبدأ فيها دروس إحدى الداعيات الفاضلات ، وهي أيضاً مفتية معروفة ، تأتي من مدينتها ، لتشرح متون الفقة و العقيدة ، ثم ترحل لمديتنها ، لتنطلق بعدها لمدينة أخرى .
تستغل الفتيات تواجد هذه الداعية فيشددن الرحال لها ، لا يحملن معهن سوى زادهن من المتن والكراسة و القلم والممحاة !
في حين أن بعض الفتيات يرحلن للأسواق ، متجملات متبرجات ، لا يحملن معهن سوى جوال مزود بخاصية البلوتوث ، وبطاقة الصراف ليتبضعن من متع الدنيا ما زينه لهن الشيطان بأنه ما يرفع قدرهن عند الناس !
يحرصن على شراء الحقيبة و الخاتم ، أو حذاء بكعب عالي ، فهذا غاية طموحهن ، وأبلغ حلمهن ، و أعظم كنز لهن .
هذا ما ( يحاولن ) أن يعالجن به فراغ نفوسهن ، لأن بها نقص عجيب ، لا يدركن سببه و ما مصدره ، و كيف يزداد ولا يُسد حتى بحذاء بقيمة أربعة الآف ريال !
نرجع للأخوات ورحلتهن ، يصلن بحفظ الله للمكان مع اذان العصر ، ثم يذهبن للمصلى لأداء الفرض، وبعده ينطلقن للدرس الأول الذي يبدأ بعد الصلاة ، و ينتهي مع أذان المغرب .
لم تنتهي الرحلة بعد ، بل يبقين لحضور الدرس الثاني في كتاب آخر من بعد المغرب وحتى صلاة العشاء ! و كم شعرن هؤلاء الأخوات بالحزن لعدم تمكنهن من حضور درس الصباح ، فهذه الداعية تُعطي ثلاث دروس في اليوم في شرح أمهات الكُتب ، ولكن إنشغالهن في الصباح حال دون ذلك .
بعد إنتهاء الدرس و طرح الأسئلة ، يركبن الحافلة للعودة للديار ، وخلال هذه العودة يناقشن فيما بينهن ما سمعناه من الداعية و يتبادلن الكراسات لتستدرك من فاتها شئ من الشرح هذا النقص فتدونه كراستها .
تنتهي الرحلة و لسان حالهن يقول :
لاملل ولا فتور ، لا هم ولا حزن ، لا وقت ضائع ولا ساعة ثقيلة .
حياةٌ اخرى ، مكاناً آمن ، وجوهٌ مسفرة ، نفوسٌ طيبة ، ضحكاتٌ برئية ، نظراتٌ هادئة ، قلوبٌ صافية .
هذا حالهن وحال الوجوه اللاتي يتواجدن هناك .
وهذه رحلتهن الللاتي تستغرق يومهن كاملاً ن ولكن في النهاية يجدن سعادة حقيقية في داخل نفوسهن ، وراحة خيالية في قلوبهن ، زادهن الله من وساع فضله .
:39:

توشيبا @toshyba
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

moobdah
•
جزاااااك الله خير ويسلموووو عالموضوع

الصفحة الأخيرة