*البنت السودا*
هذه هي الكلمة التي كانوا يطلقونها عليّ في المدرسة الابتدائية ..
كنت في الصف الأول لا أنتبه ثم أصبحت أتضايق ..
اسمي منار ، عمري الآن 25 ﻋﺎمًا ..
أبي كان دومًا مسافر ،
وأمي كانت من ترعاني أنا وإخواتي ..
المشكلة كانت تكمن في أنَّ (نسمة ونور) كانوا بيض البشرة مثل أمي ..
وأنا فقط سمراء مثل أبي !
أمي نفسها كنت أشعر أنها غير سعيدة بشكلي !
لطالما سمعت تعليقات جارحة : (أنتِ ليه مش حلوة زي أخواتك ؟)
كنت أبكي سرًا ...
شعري منكوش ...
أسأل نفسي :
(ليه أنا بالذات الوِحشة البشعة ؟!)
الغريب أنني كلما سألت نفسي كلما ازددت وحاشة و قبحًا !
ليس لي أصحاب من كثرة ما انجرحت ..
أصبحت أحب مضايقة البنات وأخذ أشيائهنَّ .. وأقرصهنّ !!!
كل فترة إدارة مدرستي تستدعي أمي : (منار بنتك غير مؤدبة) !!
أمي لا تعرف إلا الضرب ..
مرة و هي تضربني قالت :
( أنتِ مافيك حاجة عِدله ؟ طالعه لَهُ ؟) هي تقصد أني مثل أبي !!!
أرضاني أن أصبح المشاغبة اﻷولى في المدرسة ..
أحسست بأن لي بعض الأهمية والشهرة -وإن كانت بالخطأ- ..
لا أحد يحبني .. الأخصائية الجديدة أستاذة (منى) تحاول أن تتحدث معي ..
كل أخصائية تحاول علاجي يستفزني هذا أكثر و أكثر ..
أنا لست مريضة و لا مجنونة ،
لا أحب الكلام معهم ...
لماذا أنا موجودة ؟
أنا وِحشة مُش حِلوة وعمري ما أتزوج كما يقولون ..
أكره أخوتي لأنهم حلوين ....!
( منار ).. هكذا ناداني كابتن جمعة
مدرب السلة العجوز ....
أعرفه شكلًا .....
( نعم يا كابتن " ببرود " )!!
رديت برخامة كالعادة ...
- كان سني 10 سنوات -
قال لي : مالِك ؟
!! مالي ؟!
عُـمر ما حد سالني مَالِي ؟
أنا مهمَلة دومًا ..
رديت : ( ولا شيء )
قال : ( طيب ليه عامله كدا ؟! )
قلت برخامة : ( أنا شكلي كدا )
قال مبتسمًا بلا غضب :
( إنتِ زعلانة ليه ؟؟؟ )
نظرت إليه ..
أخيرًا حد عرف إني زعلانة ؟!
قلت له :
( و ليه ما أزعل لا أحد بيحبني )
قال بطيبة و هو يقدّم لي بسكوتة :
( شعور صعب يا منار إنك تحسيه )
بكيت بحرقة ...
قال بتعاطف :
( أنت متضايقة يا بنتي ؟! )
أسرعت بالابتعاد ..
وسقط مني البسكويت ...!!
في اليوم التالي للتمرين لم أذهب .. و أمي لم تهتم كالعادة ...
لكن بعد ذلك ذهبت ..
سألت كابتن جمعة :
( لِم كل الناس يكرهوا سَماري ؟
أنا إيه ذنبي ؟!!! )
لم أرَ كصفاء وجهه وهو يقول :
*{ وَ جَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ }*
قال لي : ( الناس امتحان لبعض )
كل واحد يضايق التاني في حاجة ..
عندي إصابة في ذراعي من سنين ، بسببها تركت لعب السلة ، الناس هناك يعلقوا عليها )
قلت :
( ليش أنا سودة و أخواتي بيض ؟)
قال :
( هذا اختلاف بين الناس، ربنا قسمه ، بس إنتِ لو رضيت ستكوني رائعة جدًا ) ..
أنا : ( أرضى و الناس تسخر مني )
قال : ( الناس تسخر من حاجات كتير .. بس ما دام أنا عارف إني مش غلطان ؛ لا يهمني حد )
قلت له : ( أنا بالعكس بقيت بكره كل حاجة يا كابتن )
قال : ( و ليه متحبيش الحاجات ؟ )
أنتِ كده كده عايشة ، عيشي صح .. حتى مع السخرية والاستهزاء .. هذه غلطتهم هُمَّ ..
أنت خليهم يقولوا يا ليتنا مثل ( منار ) ..
بكيت بقلب مكلوم وابتعدت ...
*( يا ليتنا مثل منار )* ؟!
أنا فاشلة دراسيًا .. مكروهة في البيت و المدرسة !!!
لكن و أنا ماشية شفت ( مقلب قمامة ) العمال بينظفوه .. بعد كم يوم صار حديقة مشهورة !!!!
ممكن نتغير ؟!!
بس بشرتي لن تتغير ،
البشرة ليست كل شيء ،
البشرة شيء من الأشياء فقط ...
بدأت .....
أذاكر .....
أصلي ...
أدعي ربنا بإلحاح ...
و التزمت الصمت أكثر من الكلام ،
لكن البنات يسخرون..
( يا عيني على الاجتهاد !!! )
لم أهتم ؛ ففي ذهني كلمة عم جمعة : ( بكره يقولوا ليتنا مثل منار ) .
ماما ملاحظة و لا تُعلِّـق ...
طلعت الثالثة ...
المدرسة كرّمتني ...
بعد شهر قالت ماما لنور : شايفة أختك منار ملتزمة في الصلاة و وجهها منوَّر ؟!
ذهبت لعم جمعة ..
كان شكلي فرحانو ،
قال : كملي ..
أصبحت دائمًا من الأوائل ،
ومن المصلين والحمد لله ..
مرَّة قبَّلت يد ماما ..
تحجبت في المتوسط ..
تعليقات الناس مثل ما هي على سماري ، بس بقيت قوية ..
عم جمعة يشاور لي مشجعًا ..
كررت تقبيل يد ماما ..
أشعر أنها راضية رغم سوء علاقتي بها سابقًا ..
حاسة إني احلويت !!!
صرت أعطف على الأطفال ..
عم جمعة مريض جدًا ..
ذهبت مع ماما لزيارتهم ..
دعا لي .. و دعيت له ..
عم جمعة تحسن و خرج بس لن يذهب للنادي ..
أنا و أمي حريصين على زيارة زوجته والسؤال عليه ..
بعد الثانوية كانت كلية الطب ...
أخبرت عم جمعة ..
قال لي : إنتِ لها يا منار وبإذن الله نشوفك دكتورة كبيرة ..
ماما فخورة جدًا بي ..
في أولى طب مات عم جمعة ..
بكيت عليه زي الأطفال ،
كأنِّي فقدت والدي ..
صليت عليه الجنازة ودعوت كثيرًا له من كل قلبي ..
اللهم اعف عنه و وسع عليه وثبته بالقول الثابت ..
دعيت له كثيرًا ..
أقسم بالله إني أدعو له يوميًا وأخرج كل يوم صدقة له ..
و أتعاهد زيارة زوجته ..
عم جمعة لا أولاد له ؛ لكن وقف جنبي كي أعيش ..
هو مات و لكن ربنا جعله سبب بعد لطف ربنا عشان يحييني ..
كان ممكن أكون كتلة سودا !!
خطبني ( مدحت ) ..
مدحت أشقر !!!
أمهُ بريطانية مسلمة ..
مدحت تمسِّك بي..
يقول : ناجحة ذكية ومتفوقة و محترمة ومتدينة ومحجبة ..
ماما طارت من الفرحة !
اخواتي لم يصدقوا !!
كنت أضحك من قلبي ..
تزوجت و سافرت بريطانيا مع زوجي وأخدت الجنسية البريطانية وعملت طبيبة في مستشفى في لندن ..
أنا و مدحت بنسمي أي شخص إيجابي يبني ولا يهدم : ( عم جمعة ) ..
*أقول لكل الزعلانين من أقدار الله الفقر، الغنى، الجمال، البياض والسواد، أقدار قسمت من الله لحكم خيرا لنا وان كان ظاهرها شر كل شيء من ربنا حلو*
وهي ابتلاء ..
المهم أكون راضي بالقدر
وساعتها ربنا يرضيني ..
الله يرحمك و يرحم كل ( عم جمعة ) يبني و لا يهدم النفوس ..
وأنت هل توافق على قيم ( عم جمعة )
ويربي مثل ( عم جمعة )
صدق الله القائل : ( ومَن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا ) ..
قال سفيان الثوري :
"ما رأيت عبادة أجل و أعظم
من جبر الخواطر"
*إن إماطة الأذى عن مشاعر وقلوب الناس لا يقل درجة عن إماطة الأذى عن طريقهم*
أجبروا الخواطر و راعوا المشاعر
و أنتقوا كلماتكم و تلطفوا بافعالكم
و لا تؤلموا أحداً و قولوا للناس حسناً
ليتنا نكون كلنا مثل عم جمعة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

شفق 1
•
كلامك رائع ما تدري قد ايش مس وتر حساس في قلبي ربي يسعدك يا عمره ♥️

اعرف وحدة تقول والله ماعمري شفت نفسي في المراية ولو مريت فيها بالغلط اكره اشوف نفسي لين تزوجت بسبب اهلها دايم بحسسونها بالنقص تقول يوم تزوجت تفاجأت ان زوجها يشوفها ملكتجمال كان يوم تروح مكان تستغرب الناس يحبونها بسرعه تقول ليش اهلي اسسو فيني اني مكروهة وبشعة ومحد يحبني بعض الاهل اعداء والله

شفق 1 :
كلامك رائع ما تدري قد ايش مس وتر حساس في قلبي ربي يسعدك يا عمره ♥️كلامك رائع ما تدري قد ايش مس وتر حساس في قلبي ربي يسعدك يا عمره ♥️
امين واياك 💟
الصفحة الأخيرة