يقول العلماء إنهم وجدوا أدلة تفيد بأن التأمل له تأثير بيولوجي على الجسم. واستنتج من دراسة أجريت على نطاق ضيق أن التأمل يحسن من الوضع الصحي لمواقع في الدماغ، وجهاز المناعة.
فبعد مضي ثمانية أسابيع على التجارب ، ومن خلال فحص الأخصائيين للنشاطات الكهربائية في مقدمة الدماغ، تمكنوا من ملاحظة وجود نشاط في منطقة إلى يسار الدماغ لها صلة بتخفيف القلق وتشجيع المشاعر العاطفية الإيجابية.
والتأمل نوع من أنواع الرياضة الذهنية المنتشرة بشكل خاص في بلاد جنوب شرق آسيا والتي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة في أوروبا والولايات المتحدة بعد أن عرف الغربيون فوائدها العديدة.
فالتأمل لا يفيد فقط في الاسترخاء والتخلص من التوتر، لكن الدراسات الحديثة أظهرت أن حالة الراحة المتيقظة التي تتحقق في أثناء جلسات التأمل يمكن أن تحدث نوعا من الإصلاح الذاتي لآلية الجسم كله فيساعده ذلك على الشفاء أو العلاج من أي مشاكل صحية يعاني منها..
ولا تحتاج هذه الرياضة المفيدة إلى مكان خاص أو أجهزة معينة بل يمكن ممارستها في ركن من الغرفة أمام نافذة عن طريق الجلوس على الأرض مع استقامة الظهر وغلق العينين والتفكير في أشياء تبعث البهجة في النفس في محاولة لتخليص العقل من الأفكار السلبية التي تسيطر عليه. فأهم شيء هو تركيز الاهتمام على هذا الهدف ويكفي جدا 15 دقيقة مرتين في اليوم لجني ثمار هذه الجلسات وتحقيق بعض الإنجازات الصحية المتمثلة في:
ـ الحفاظ علي سلامة القلب: فقد أظهرت الدراسات التي قام بها الباحثون في جامعة كاليفورنيا أن المرضي الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم ويمارسون رياضة التأمل بانتظام انخفضت لديهم معدلات ضغط الدم واتسعت شرايينهم. فساعد ذلك بدوره على تخفيض احتمالات أصابتهم بالأزمات القلبية بنسبة11% والذبحة بنسبة15%.
ـ التخلص من الآلام المزمنة: ففي دراسة قام بها الباحثون في المركز الطبي بتكساس ظهر أن85% من المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة اختفت آلامهم هذه بعد ممارستهم لهذه الرياضة.
ـ التخلص من الأرق: أظهرت الدراسات التي قام بها مجموعة من الباحثين الأستراليين أن المرضى الذين يعانون من اضطرابات في النوم وحالات الأرق المستمرة وخصصوا أوقاتا منتظمة لممارسة رياضة التأمل ارتفعت لديهم نسبة هورمون الميلاتونين في الدم وهو الهرمون الذي يساعد على الاستغراق في النوم بسهولة فتخلصوا من مشكلتهم هذه وتحسنت صحتهم العامة.
يبدو أن التدرب على التأمل وتمارينه يساعد الأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة التي تتراوح بين الإيدز إلى اضطرابات النوم، في التقليل من أعراضها وتحسين نوعية حياتهم.
ودرست دايان ريبل، التي ترأست فريق البحث لدى مستشفى جامعة توماس جفرسون في ولاية فيلادلفيا الأميركية، مع زملائها 104 أشخاص أكملوا برنامجا لتخفيض الضغوط والهموم يعتمد على الوعي الفكري، وهو عبارة عن دورة خاصة في التأمل مدتها 8 أسابيع مصممة للأشخاص المصابين بالأمراض المستعصية.
وأشار المشتركون في التجربة بعد انتهاء الدورة إلى الشعور بتحسن في الوظائف اليومية والتحكم بالهموم والكآبة والإحساس بطعم الحياة والوضوح الفكري.
هذا وأكدت مجموعة من العلماء الأميركيين أن الاستخدام الجيد للعقل والتفكير يمثل السر في تخفيف الألم بشكل طبيعي. حيث أوضح الباحثون في دراسة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية أن الاسترخاء والتأمل وتصفية الذهن من أهم الوسائل الطبيعية التي تساعد على التخلص من الآلام المزمنة دون الحاجة إلى الجراحة أو تعاطي العقاقير الدوائية المسكنة.
وأشار الخبراء من المعاهد الوطنية الأميركية للصحة إلى أن الاسترخاء فعال في تخفيف أوجاع أسفل الظهر وآلام الصداع والتهابات المفاصل وغيرها من الاعتلالات ذات الآلام المزمنة.
وبسبب الآثار الجانبية الشائعة للأدوية والعقاقير الكيميائية المسكنة للألم كتآكل بطانة المعدة تقلص استخدام هذه الأدوية وتزايدت الحاجة إلى اكتشاف طرق ووسائل طبيعية لتخفيف الألم.
ويعرف الاسترخاء بأنه الحالة الذهنية البسيطة الناتجة عن تصفية الذهن والتخلص من الأفكار السلبية التي تشجع الألم وذلك بالتركيز على تكرار كلمة أو صوت أو فكرة معينة أو التفكير بعدد مرات التنفس إلى زيارات طبية قليلة ولا يسبب آثارا جانبية مزعجة بعكس العمليات الجراحية والأدوية القاتلة للألم التي تسبب إرهاقا جسديا وماديا كبيرا.
وأوضح الباحثون أن الاسترخاء كالتوتر تماما ينشأ داخل الجسم ويؤثر عليه، فعندما يسترخي الإنسان ترتخي عضلاته المشدودة ويبطؤ تنفسه ويقل ضغط دمه وعمليات الأيض في جسمه كما يقلل من حدة العواطف والانفعالات المصاحبة له. أما في حالة التوتر أو القلق فيتهيأ الجسم لحالة الكر أو الفر فتنشد العضلات ويرتفع ضغط الدم ويتسارع التنفس وتبدأ الآلام في مراحل مبكرة.
ومن جهة أخرى فان التأمل والاسترخاء قد لا يعطيان إحساسا بالأمان النفسي فحسب، بل قد يبعدان خطر انسداد الشرايين وبالتالي خطر الإصابة بنوبات قلبية أو سكتات دماغية.
ويقول الباحثون في كلية ماهاريشي فيدك الطبية في مدينة فيرفيلد بولاية إيوا الأميركية، إن ما يسمى التأمل المتعالي أو المتهم وهو نوع من الاسترخاء الذي يضع جسم المريض وعقله في حالة راحة وهو لا يزال يقظا بحيث يغمض المريض عينيه ويردد كلمة معينة أو صوتا معينا في ذهنه لمساعدته على الاسترخاء قد يساعد في تقليل التوتر وبالتالي تقليل النوبات القلبية بحوالي 11% والسكتات بحوالي 15%.
وقال الدكتور تشارلز دور من جامعة الطب والعلوم في لوس أنجلوس إن هذا الإجراء من اليقظة المريحة يساعد في معالجة حالات تصلب الشرايين التي تؤدي إلى الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات أو منع الإصابة بها.
واستند الباحثون في دراستهم على فحص سماكة شرايين الرقبة لدى 138 شخصا من الأميركيين الأفارقة الذين يبلغ ضغط دمائهم الحد الأعلى أو المصابين بارتفاع ضغط الدم بواسطة الموجات فوق الصوتية بعد إخضاع مجموعة منهم لجلسات تأمل مدة كل منها 20 دقيقة مرتين يوميا والمجموعة الأخرى لتمرينات معينة أو اتباع نظام خاص داخل المنزل.
وأظهرت الدراسة التي نشرتها مجلة ستروك التي تصدر عن جمعية القلب الأميركية أن الذين تأملوا أظهروا انخفاضا ملحوظا في سماكة جدران شرايينهم بعد 6 – 9 أشهر في حين أظهر الآخرون زيادة.
وأكدت الدكتورة أمبارو كاسبيللو إمكانية استخدام تقنيات التأمل والاسترخاء كعلاج مساعد للعقاقير الدوائية حتى أن بإمكان غير المصابين بأمراض القلب والذين يقلقون على صحتهم ممارسة جلسات التأمل مشيرة إلى أنه لم يتضح بعد إذا ما كان لأشكال أخرى من الاسترخاء الأثر نفسه على الشرايين.
وحول أهمية التأمل والاسترخاء في تخفيف حدة التوتر الذي قد يسيطر على شخص ما عندئد لا يستطيع المرء أن يفكر بشكل سليم وحينئذ تصبح ردود أفعاله مبالغا بها أو غير طبيعية. ولهذا يمكن أن تنعكس بشكل سلبي على صحة الجسم الجسدية والنفسية. وللأسف إن وتيرة الحياة اليومية السريعة جدا وحياة المكاتب والزحام والضجيج وغير ذلك من العوامل التي تجعل من الضغوط النفسية تزداد اطرادا سواء في المنزل أو في الشارع أو في العمل، ولهذا تزداد إصاباته بالأمراض المختلفة التي باتت تعرف بأمراض العصر كأمراض القلب والأوعية الدموية والأورام وغير ذلك من الأمراض التي تهدد حياة الشخص وتؤدي لوفاته المبكرة قبل الأوان.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الضغوط النفسية، خصوصا الناجمة عن العمل تعتبر من أهم الأسباب التي تؤدي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، إذ أن تلك الضغوط اليومية يرافقها أيضا اضطراب النوم وعدم أخذ قسط كاف من الراحة اليومية. ونقص التغذية وقلة الحركة، وزيادة التدخين وتناول المنبهات وجميع هذه العوامل تساهم في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والبدانة ولهذا ينصح خبراء الصحة العامة بضرورة التغلب على التوتر والعوامل المؤهبة لحدوثه.
إذ كما هو معروف بأن الشدة النفسية والحياة صنوان، وبالرغم من أننا لا نستطيع أن نتجنب الأحداث التي تحدد اتجاه حياتنا، ولكننا نستطيع إزالة التوتر والتغلب عليه بالاسترخاء الذي يسمح بتعديل ردود الفعل إزاء العوامل الغذائية الخارجية وبالتخلص بشكل تدريجي من العوامل المؤهبة لحدوث التوتر.
لهذا يجب علينا أن نتقن فن التأمل والاسترخاء الذي يعيد للجسم توازنه الجسدي النفسي المفقود، والاسترخاء يمكن ممارسته في العمل في فترات الاستراحة القصيرة، فحين يشعر الموظف بالتوتر عليه أن يتوجه نحو الشرفة أو النافذة أو إلى مكان الاستراحة وأن يجلس بوضعية مريحة محاولا أن يتنفس بشكل جيد وعميق وألا يفكر بأي شيء على الإطلاق، وبعد دقائق عدة يمكنه المعاودة إلى عمله بروح إيجابية.
وفي البيت يمكن ممارسة رياضة اليوجا أو التأمل وممارسة التمارين الرياضية وأهمها رياضة المشي بشكل منتظم، إضافة إلى الابتعاد عن كافة مصادر الضجيج والتوتر والاستماع إلى الموسيقى الهادئة واستخدام الزيوت العطرية أثناء الاستحمام التي تحقق الاسترخاء المطلوب للجسم والصفاء للنفس والذهن. وإذا ما تعلمنا فن الاسترخاء استطعنا أن نحافظ على صحتنا بعيدا عن المرض مع ضرورة الاهتمام أيضا بنمط التغذية وتناول الأطعمة المتنوعة والتقليل من تناول المنبهات والامتناع عن التدخين وتنظيم ساعات العمل والنوم والراحة، من أجل تحقيق الصحة والسعادة.
ويعرف التأمل كذلك بأنه، حالة سكون تحدث طبيعيا، إنه بقاؤك في حالة سكون بينما تظل متيقظا ومنتبها، والجسم له قدرة غريزية على التحول إلى حالات سكون عميقة من أجل الشفاء والنشاط ومحاكاة التعلم. ويتأمل الأشخاص بدافع حب الاستطلاع والرغبة في الاستكشاف لأنهم قلقون متعبون أو متوترون أو لأنهم محبطون وقد يكون السبب لأنهم سعداء شاكرون وسعداء لكونهم أحياء. والتأمل هو لمساعدتك على الوفاء باحتياجاتك اليومية مثل الحصول على الراحة والاسترخاء وتخليص العقل من الفوضى والاضطراب .
لماذا يجب أن نتأمل
بضع دقائق من التأمل سيمكنها مساعدتك في الحصول على الاسترخاء طوال اليوم خاصة وأن معظم أمراض العصر من أهم أسبابها التوتر. ويمكنك التأمل لمدة دقيقة واحدة هنا وثلاث دقائق هناك وعندما يتم التأمل بطريقة صحيحة فإنه يعطيك دائما وقتا أكثر مما يأخذه منك.
متى وأين يجب أن أتأمل؟
إن المبدأ الأساسي والجوهري هو أن تتأمل قبل القيام بالنشاط بحيث تكون قدرتك على العمل أو اللعب أو العمل الاجتماعي معززة.
إن المدخل القياسي هو أن تتأمل في الحال بعد الاستيقاظ ومرة أخرى في المساء. والاختبارات الأخرى هو أن تتأمل مرة واحدة يوميا أو تقوم بعدة تأملات صغيرة طوال اليوم.
كيفية التأمل؟؟
إن كل ما تحتاج إليه هو كرسي ودقيقتان ولست بحاجة إلى معرفة الكثير عن البداية و تعامل مع التأمل كما لو كنت تعمل شيئا ما تستمتع به مثل: أن تسمع الموسيقى، تأخذ قسطا من النوم تشرب تأكل أو تقرأ. ضع التأمل في ذلك الشق في حياتك مع الأشياء التي تعملها للاسترخاء أو لتحصل بهدوء على وقت طيب، فإذا ما اتخذت هذا المدخل فسوف يصبح التأمل بسرعة جزءا من حياتك اليومية. إن الشيء المهم الذي ستمارسه هو الإيقاع، الانحسار والتدفق للعديد من الإيقاعات المثيرة، لأن هذه هي الحياة.. فمن المحتمل أن تكون ممارستك واحدة مما يلي:
الاسترخاء والتحرر
الانسجام من خلال الأفكار حول حياتك اليومية واستعراض العواطف التي شعرت بها خلال اليوم وإعطاؤها الفرصة لتنطلق أو تتبدد. لحظات موجزة للهدوء العميق والسلام الداخلي خيالات شبه النائم وأشبه بالحلم. جهازك العصبي يؤلف نفسه بدقة على المستوى الأمثل لليقظة.
إذا كنت تتمتع بنفسك وتحس بالارتياح ولديك إحساس بالسهولة فأنت تعمل الشيء الصحيح وأنت على صواب وعلى المدى الطويل فأنت تعرف أنك تعمل الشيء الصواب إذا كنت أكثر تأقلما ومرونة و أكثر إدراكا وتقديرا للحياة.

سيدة الوسط @syd_alost
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

بينـــار
•
الله يعطيكي العافيه وبجرب

الصفحة الأخيرة