عزة تفائل

عزة تفائل @aaz_tfayl

محررة برونزية

التبشير بان نصر الأمه لايفتقرالا لحسن اعتقاد مع قليل التدبر ...مقاله تستحق القراءه

الملتقى العام

التبشير بأنَّ نَصْرَ الأمَّة لا يَفْتَقِرُ إلا لِحُسْنِ اعْتِقادِ مَع قليلِ التَّدبِر

و هذا بعد فضل الله – سبحانه وتعالى - .

كتبه : منتصر بن محمد البيروتي – غفر الله له و لوالديه - .

و أنا اقرأ في قصة معركة اليرموك (1) ، هَالَنِي ما قرأت من وصفٍ لِجَماعَة الرُّوم و حزبهم ، و سَرْدٍ لِعَدَدِهم و عُدَّتِهِم ، فَلَمَّا قرأت رِسَالَةَ أبي عُبيدَة - رضي الله عنه - ، ارْتَجَفَ قَلْبِي و ذُهِل عَقْلي لما كَان مِنْ لِين عِبَارتِه , و ظُهُور شَفقته على المُسلمين و مَخَافَتهِ مِن أن يُستأصلوا عن بَكْرَةِ أبِيهم فِي الشام و غَيْرها .

و كان المُسْلِمون قد اجْتَمعوا على الإنسحاب مِن أطراف قِنسرين و من حِمْصَ و دِمَشق إلى الجَابِيَة و مِن بعدها أذْرَعات (2) ، رادِّينَ الجِزيَةَ لأهل القُرى مَخافَةَ أن لا يَقدِروا على الدَّفْعِ عَنْهم كما شُرِط في الصلح ، كل هَذا و الرُّوم على الطَّريق الدَّاخلي يَتَعَقَّبون المُسْلِمِينَ و يَسعون لِتَطْوِيقهم .

فَلَمَّا سَمِع أهل إيلياء و الأردن خَبَرَ جَحافِل الرومِ و جُيُوشِهم في البرِّ و البَحر ، فشى فِيْهم الإرجاف و نَقَض أباطِرَتُهم العهود و خُوِّفَتْ جَماعَةُ المُسْلِمِينَ فِي فلسطين و الأردن.

كانت الأَجْواءُ و كأنَّما سَيُتَخَطَّفُ المُسلِمون من حولهم ، فَطُرُقُ الإمداد بَعيْدَةٌ أو مُقَطَّعة ، و ذِمَّة اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بَرئَتْ مِن عُهُودِ أهْلِ الكِتَابِ و مَواثِيقِهِم غَدْراً و خِيَانَةً .

فكان مِن رِسالَةِ أبِي عُبيدَةَ - رضي الله عنه - : " أخبر أمير المؤمنين - أكرمه الله - أن الروم نفرت إلى المسلمين براً و بحراً ، و لم يخلفوا وراءهم رجلاً يطيق حمل السلاح إلا جاشوا به علينا ، و خرجوا معهم بالقسيسين و الأساقفة و نزلت إليهم الرهبان من الصوامع ، و استجاشوا بأهل أرمينية و أهل الجزيرة ، و جاءونا و هم نحو من أربعمائة ألف رجل ... " .

ثم قال بعد أن سَرد استراتيجيتهم في مواجَهَة هذا الخطر : " ... فالعجل العجل يا أمير المؤمنين بالرجال بعد الرجال ، و إلا فاحتسب أنفس المؤمنين إن هم أقاموا ، و دينهم منهم إن هم تفرقوا ، فقد جاءهم ما لا قبل لهم به إلا أن يُمدهم الله بملائكته أو يأتيهم بغياث من قبله ، و السلام عليكم "

فاحترت في المسألة و قُلت : و ما عسى أميرَ المؤمنينَ – رضي الله عنه – يُرسل ، و والله لَوْ وُجِدَ عَدَدٌ وَ عَدِيدٌ لَمَا أمَرَ خَالِداً باللَّحَاقِ بِجَيْشِ الشَّام أصلاً .
فَلَمَّا تَتَبَّعْتُ مَا رَواه المُؤرِّخُون مَا وَجَدْتُ كَثْرَتَ جُنْدٍ في المدد ، و إنَّما أمَدَّهم أَمِيْرُ المُؤمِنين بما هو أعظم مِن العدد .
أرسل أمير المُؤمِنين – رضي الله عنه – إلى أبِي عُبَيْدةَ – رضي الله عنه – بَرْقِيَّةً عَسْكَرِيَّةً حُقَّ أَنْ تُكْتَبَ بِمَاءِ الذَّهب ، أرى أن أنقُلها كَما هي ، فلا خَطَّ أَخُطُّه – و إن بلغت كَلِمَاتُه عدد ما طَلَعَت عليه الشمس من الحصى – يُوزَنُ بِحَرْفٍ مِنْ فيك يا أمير المؤمنين – رضي الله عنك و عن جيلك الطاهر - ، نَصُّها : " أما بعد ، فقد قدم علينا أخو ثمالة بكتابك تخبر فيه بنفير الروم إلى المسلمين برا وبحرا ، وبما جاشوا به عليكم من أساقفتهم و قسسهم و رهبانهم وإن ربنا المحمود عندنا و الصانع لنا و العظيم ذو المن و النعمة الدائمة علينا قد رأى مكان هؤلاء الأساقفة والرهبان حين بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق و أعزه بالنصرة و نصره بالرعب على عدوه وقال وهو لا يخلف الميعاد (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (3) فلا تهولنك كثرة ما جاء منهم فإن الله منهم بَرِيءٌ ، و من بَرِئَ الله منه كان قَمِنَاً (4) ألا تنفعه كثرةٌ ، و أن يكله الله إلى نفسه ويخذله ، ولا توحشنك قلة المسلمين فإن الله معك وليس قليلا من كان الله معه ، فأقم بمكانك الذي أنت به حتى تلقى عدوك وتناجزهم تستظهر بالله عليهم وكفى بالله ظهيراً و ولياً و ناصراً .

وقد فهمت مقالتك ، احتسب أنفس المسلمين إن أقاموا و دينهم إن هم تفرقوا (5) ، فقد جاءهم ما لا قبل لهم به إلا أن يمدهم الله بملائكته أو يأتيهم بغياث من قبله ، وأيم الله لولا استثناؤك هذا لكنتَ أسأتَ ، و لعمري إن أقام لهم المسلمون وصبروا فأصيبوا لما عند الله خيرٌ للأبرار ولقد قال الله – عز وجل – ( فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا )(6) فطوبى للشهداء ولمن عقل عن الله ممن معك من المسلمين لأسوة بالمصرعين حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مواطنه ، فما عجز الذين قاتلوا في سبيل الله ولا هابوا الموت (7) ، في جنب الله ولا وهن الذين بقوا من بعدهم ولا استكانوا لمصيبتهم ، ولكن تأسَّوْا بهم وجاهدوا في الله من خالفهم منهم وفارق دينهم .

ولقد أثنى الله على قوم بصبرهم فقال : ( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (8) فأما ثواب الدنيا فالغنيمة و الفتح ، وأما ثواب الآخرة فالمغفرة والجنة .
واقرأ كتابي هذا على الناس ومرهم فليقاتلوا في سبيل الله وليصبروا كيما يؤتيهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ، فأما قولك إنه قد جاءهم ما لا قبل لهم به فإن لا يكن لهم به قبل فإن لله بهم قبلا ، ولم يزل ربنا عليهم مقتدرا . ولو كنا و الله إنما نقاتل الناس بحولنا وكثرتنا لهيهات ما قد أبادونا وأهلكونا ولكن نتوكل على الله ربنا ونبرأ إليه من الحول والقوة ونسأله النصر والرحمة ، و أنَّكُم منصورون - إن شاء الله - على كل حال ، فأخلصوا لله نياتكم وارفعوا إليه رغبتكم واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " (9)


فأيُّ مَدَدٍ أعْظَمُ مِن ذا يا أمير المُؤمِنين ، و أيُّ ثِقَةِ بالله عِنْدَ هَذا الحَيِّ مِنَ المُسْلِمِين ، كَلِمَاتٌ جِسَامٌ و مَعَانٍ عظام ، تُخْبِرُ عَنْ نُفُوسٍ كِبار ، اي أخيَّ لا تَسْمَعْ لِلْمُرْجِفِيْنَ و تَوَكَّل على العَليِّ العَظِيمِ ، فإنّما هِيَ دَعْوَةٌ – إن أخلِصَت النِّيَّة – على عَيْن اللهِ تُصطَنَعُ و تَسِيْر ..

و هُنا لا يَفُوتُنِي أن أذْكُر كَلِمَةً للصَحابيِّ الجَلِيلِ أبِي سَفْيانَ بِن حرب – رضي الله عنه - ، صَدَعَ بِهَا لِتُلَامِسَ قُلُوبَ المؤمِنين في المعَركَة و مَيمَنَةُ جَيْشِ المُسلِمِينَ تُطْحَنُ طَحنَاًَ ، و قَدْ فَرَّ مَنْ فَرَّ و ثَبُتَ مَنْ ثبتْ ، و تَسَرَّبَت جُمُوع المُشرِكِينَ إلى مُعَسكَرِ المُسْلِميِنَ حَيْث تَصَدَّتْ لَهُمُ النِّساء .

فلمّا اشتد الوطيس و ارتجفت قُلوب مَنْ عَظُمتْ جُموعُ المشْركِينَ في عينيه و باتَ جُنود درنجار النَّاسِكُ الكَافِرُ عَلى مرمى حَجَرٍ مِنَ النَّصر ، قُلبت المَوازِين و ردَّ المُسْلِمُون بهَجْمَةٍ خاطفَةٍ على عشَرات الآلاف المُتَهافِته في تَكْتِكٍ عَسْكَريٍّ أشبه بالحُلم ، و عندها سُمِعَ ذلك الصَّوْتُ ، و نَتْرُك الكَلام للرَاوي و هو سعيد بن المسيب – رحمه الله - عن أبيه رضي الله عنه : " لما جلنا هذه الجولة سمعنا صوتاً قد كاد يملأ العسكر يقول : ( يا نصر الله اقترب ، الثبات الثبات يا معشر المسلمين ) ، فتعاطفنا عليه فإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه " .

فذا أبو سُفيان واثقٌ بِنصر ربِّه و كذا يَجِبُ عليْنا أن نكون ، و كيف لا يَكون هذا من أبي سُفيان – رضي الله عنه – و هو الذي كان يَقُول قَبل المَعرَكَةِ هَاتِفاً بالجُند بعد أن يَقِفَ على الكَراديس : " الله الله ، إنّكم ذادة العرب و أنْصَار الإسلام ، و إنَّهم ذادة الروم و أنصار الشرك . اللهم إن هذا يومٌ مِن أيَّامك ، اللهم أنزل نصرك على عبادك " .
ثُمَّ نحى إلى نِسَاء المُسلِمين – وَ هُنَّ أكْثَرُ رُجُولة مِنكم يَا خوالفَ ، و أكثَرُ أنُوثَةً مِنْكُنَّ يا مُثبِّطَات – و قال : " لا يرجع إليكن أحد من المسلمين إلا رميتموه بهذه الحجارة و قلتن : من يرجوكم بعد الفرار عن الإسلام و أهله و عن النساء بأرض العدو ؟ فالله الله " ، ثم رَجِع إلى مَوقِفه استعداداً للمعركة و نادى في النَّاس قائلاً : " يا معشر أهل الإسلام حضر ما ترون ، فهذا رسول الله و الجنَّة أمامكم و الشيطان والنَّار خلفكم (10) .

و لو أَرَدْتُ سَرْدَ بطولاتِ المَعرَكةِ لاحتجْتُ لتَصنيف كتاب آخر ، و قد وفَّى عُلَماؤنا بالمقصود فلا حاجة لذلك ، لكن السؤال هنا :

أفلا تَقرأ تاريخك لِتَعْرِفَ أمْجادك يا أخا اليأسِ ، فإن لم تفعل ، فَكُفَّ عن الأمَّة و دَعْهَا تُسَطِّرُ أمْجَادها بِيَمينها ، فيُسراها قَد شلَّها تَخْذيلُك ..

و الله المُستعان على كل حال ،



منقول
5
562

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام خلودي&حمودي
بارك الله فيك يالغاليه
جرح الحنان
جرح الحنان
بارك الله فيك يالغاليه
عزة تفائل
عزة تفائل
يسعدني مروركن حبيباتي
هدى ana
هدى ana
بارك الله فيك
عزة تفائل
عزة تفائل
وياك حبيبتي .......يسعدني مروركن