بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسامة بن عطايا العتيبي : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ,, فقد انتشر في هذه الأيام رسالة عبر الجوال هذا نصها: انتهت الرسالة .
وقد أخبرني أحد الثقات الأفاضل من طلبة العلم أن هذه الرسالة قرئت على الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان يوم أمس الأربعاء 7/1/1431هـ فأفتى بأنها بدعة محدثة .
ولا شك في كون هذه الرسالة بالطريقة التي اشتملت عليها بدعة منكرة، لا سيما مع إذا اشتملت على استحلاف المرسِل لمن أرسلها إليها أن ينشرها بعدد معين ولو مرة واحدة، أو اشتملت على وعد بشفاء أو نحو ذلك وترتيب ذلك على إرسالها ..
وكل هذا لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من هدي الصحابة رضي الله عنهم ولا من تبعهم بإحسان .
والله جل وعلا يقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.
وفي رواية عند مسلم وعند البخاري معلقاً: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ)) .
والتواطؤ على إرسال مثل هذه الرسالة في وقت معين يحدده بعض الناس من البدع الإضافية التي اشتملت على تخصيص عام في الشرع أو تقييد مطلق.
فإن التداعي إلى فعل الطاعات بمثل هذه الطريقة من البدع والمحدثات كما قرره العلماء الأثبات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «قَاعِدَةٌ شَرْعِيَّةٌ :
شَرْعُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِلْعَمَلِ بِوَصْفِ الْعُمُومِ وَالْإِطْلَاقِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا بِوَصْفِ الْخُصُوصِ وَالتَّقْيِيدِ ؛ فَإِنَّ الْعَامَّ وَالْمُطْلَقَ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا يَخْتَصُّ بَعْضُ أَفْرَادِهِ وَيُقَيِّدُ بَعْضَهَا فَلَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْخُصُوصُ وَالتَّقْيِيدُ مَشْرُوعًا ؛ وَلَا مَأْمُورًا بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الْأَدِلَّةِ مَا يَكْرَهُ ذَلِكَ الْخُصُوصَ وَالتَّقْيِيدَ كُرِهَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَهُ اُسْتُحِبَّ وَإِلَّا بَقِيَ غَيْرَ مُسْتَحَبٍّ وَلَا مَكْرُوهٍ .
مِثَالُ ذَلِكَ : أَنَّ اللَّهَ شَرَعَ دُعَاءَهُ وَذِكْرَهُ شَرْعًا مُطْلَقًا عَامًّا . فَقَالَ : { اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } وَقَالَ : { ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ فَالِاجْتِمَاعُ لِلدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ ؛ أَوْ زَمَانٍ مُعَيَّنٍ ؛ أَوْ الِاجْتِمَاعِ لِذَلِكَ : تَقْيِيدٌ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الدَّلَالَةُ الْعَامَّةُ الْمُطْلَقَةُ بِخُصُوصِهِ وَتَقْيِيدِهِ لَكِنْ تَتَنَاوَلُهُ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنْ دَلَّتْ أَدِلَّةُ الشَّرْعِ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ كَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ ؛ أَوْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ الْمَشْرُوعَيْنِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ؛ وَالْأَعْيَادِ وَالْجُمَعِ وَطَرَفَيْ النَّهَارِ ؛ وَعِنْدَ الطَّعَامِ وَالْمَنَامِ وَاللِّبَاسِ ؛ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ ؛ وَالْأَذَانِ وَالتَّلْبِيَةِ وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ صَارَ ذَلِكَ الْوَصْفُ الْخَاصُّ مُسْتَحَبًّا مَشْرُوعًا اسْتِحْبَابًا زَائِدًا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ الْعَامِّ الْمُطْلَقِ .
وَفِي مِثْلِ هَذَا يُعْطَفُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ ؛ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ كَصَوْمِ يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عُمُومِ الصَّوْمِ وَإِنْ دَلَّتْ أَدِلَّةُ الشَّرْعِ عَلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ كَانَ مَكْرُوهًا مِثْلَ اتِّخَاذِ مَا لَيْسَ بِمَسْنُونِ سُنَّةً دَائِمَةً.
فَإِنَّ الْمُدَاوَمَةَ فِي الْجَمَاعَاتِ عَلَى غَيْرِ السُّنَنِ الْمَشْرُوعَةِ بِدْعَةٌ كَالْأَذَانِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْقُنُوتِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالدُّعَاءِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ الْبَرْدَيْنِ مِنْهَا وَالتَّعْرِيفِ الْمُدَاوَمِ عَلَيْهِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ لِصَلَاةِ تَطَوُّعٍ ؛ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ كُلَّ لَيْلَةٍ ؛ وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ مُضَاهَاةَ غَيْرِ الْمَسْنُونِ بِالْمَسْنُونِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْآثَارُ وَالْقِيَاسُ .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْخُصُوصِ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ بَقِيَ عَلَى وَصْفِ الْإِطْلَاقِ كَفِعْلِهَا أَحْيَانًا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْمُدَاوَمَةِ مِثْلَ التَّعْرِيفِ أَحْيَانًا كَمَا فَعَلَتْ الصَّحَابَةُ وَالِاجْتِمَاعِ أَحْيَانًا لِمَنْ يَقْرَأُ لَهُمْ أَوْ عَلَى ذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ ؛ وَالْجَهْرِ بِبَعْضِ الْأَذْكَارِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا جَهَرَ عُمَرُ بِالِاسْتِفْتَاحِ وَابْنُ عَبَّاسٍ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ . وَكَذَلِكَ الْجَهْرُ بِالْبَسْمَلَةِ أَحْيَانًا .
وَبَعْضُ هَذَا الْقِسْمِ مُلْحَقٌ بِالْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْخُصُوصُ مَأْمُورًا بِهِ كَالْقُنُوتِ فِي النَّوَازِلِ وَبَعْضُهَا يُنْفَى مُطْلَقًا فَفِعْلُ الطَّاعَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا مُطْلَقًا حَسَنٌ وَإِيجَابُ مَا لَيْسَ فِيهِ سُنَّةٌ مَكْرُوهٌ .
وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ إذَا جُمِعَتْ نَظَائِرُهَا نَفَعَتْ وَتَمَيَّزَ بِهَا مَا هُوَ الْبِدَعُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يُشْرَعُ جِنْسُهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَأَنَّهَا قَدْ تُمَيَّزُ بِوَصْفِ اخْتِصَاصٍ تَبْقَى مَكْرُوهَةً لِأَجْلِهِ أَوْ مُحَرَّمَةً كَصَوْمِ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ وَالصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ
كَمَا قَدْ تَتَمَيَّزُ بِوَصْفِ اخْتِصَاصٍ تَكُونُ وَاجِبَةً لِأَجْلِهِ أَوْ مُسْتَحَبَّةً كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ .
وَلِهَذَا قَدْ يَقَعُ مِنْ خَلْقِهِ الْعِبَادَةُ الْمُطْلَقَةُ وَالتَّرْغِيبُ فِيهَا فِي أَنْ شَرَعَ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ كَمَا قَدْ يَقَعُ مِنْ خَلْقِهِ الْعِلْمُ الْمُجَرَّدُ فِي النَّهْيِ عَنْ بَعْضِ الْمُسْتَحَبِّ أَوْ تَرْكِ التَّرْغِيبِ .
وَلِهَذَا لَمَّا عَابَ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ شَرَعُوا مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَأَنَّهُمْ حَرَّمُوا مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ .
وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْمُتَصَوِّفَةِ مَنْ يَصِلُ بِبِدَعِ الْأَمْرِ لِشَرْعِ الدِّينِ وَفِي الْمُتَفَقِّهَةِ مَنْ يَصِلُ بِبِدَعِ التَّحْرِيمِ إلَى الْكُفْرِ» انظر: مجموع الفتاوى (20/196-198
منقول
ميزي @myzy
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
عـبـيـر نـجـد
•
جزاك الله خير
جزاك الله خيرا واسال الله ان تكوني ممن اذا نظر اليهم تبسم لهم واذا لاذو اليه احتضنهم واذا سألوه اعطاهم واذا دعوه اجابهم ومن فيض خزائنه اعطاهم
ومن الهم والضيق نجاهم.....
ومن الهم والضيق نجاهم.....
jouliana
•
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
اللهم ارزقني رزقا يزيدني لك شكرا ويغنيني عمن سواك
ويزيدني اليك فاقتا وفقرا
يارب إن لي أخوات في عالم حواء لهم في صدورهم حاجات وأمنيات
اللهم فأقضها لهم وحقق لهم رغباتهم وارزقهم من واسع فضلك عاجلاً غير آجل
جزاك الله عنا عزيزتي الغالية خير الجزاء وأفاض عليك من نعمه ظاهره وباطنه
اللهم ارزقني رزقا يزيدني لك شكرا ويغنيني عمن سواك
ويزيدني اليك فاقتا وفقرا
يارب إن لي أخوات في عالم حواء لهم في صدورهم حاجات وأمنيات
اللهم فأقضها لهم وحقق لهم رغباتهم وارزقهم من واسع فضلك عاجلاً غير آجل
جزاك الله عنا عزيزتي الغالية خير الجزاء وأفاض عليك من نعمه ظاهره وباطنه
الصفحة الأخيرة