🔺 التدرج في التربية
من الأمانة تجاه المتربي أن أوجه فطرته ومواهبه نحو صلاحه وكماله اللائق به، أستثمرها من أجل أن تتحقق فيه الكرامة الإنسانية ويكون عبدا لله كما ينبغي، من أجل أن يكون مباركا في مجتمعه، هذه كلمات واسعة تسمح لكل القدرات والمواهب أن تكون على الطريق الصحيح.
لا تنخدعوا بالفكرة العلمانية؛ فالمتربي ليس شيئا أدخله فيخرج على القالب؛ بل التربية معارك ومخالفات ومناقشات وغضب وحزن وصبر؛ وهذا كله وأنا أتدرج من حال لحال، ومن الأخطاء التي نرتكبها أن نضع في أذهاننا صورة لهذا الابن نريد منه تحقيقها، وأن نوصل له أنه حصل عندنا إحباط لأنه لم يصلها، و نقلل من قيمته لأجلها، ونوحي إليه أنه لاشي.
مثال: عمره مثلًا 14 سنة، يخرج للصلاة فيتشاغل على الطريق، وقد يصل بعد الركعة الأولى، فتحاسبه عند عودته حسابًا عسيرا !
ليس هكذا تورد الإبل، لا تضع صورة كاملة تريد منه القفز إليها، اشكر الموجود و الله يأتي لك بالمزيد.
تقول أنا طموح وأريد لولدي كذا وكذا؛ فيقال لك: هذه أحوالهم في هذه السن، نحن لا نريد مقارنته بالأسوأ؛ لكن أيضا لا نريد تحطيمه والتقليل من قيمته، فهو عندما يجد أمًّا ليس لديها منهجية في التدرج ولا ترضى عن شيء؛ سيأتيه حين يقول لها فيه: على كل حال لا شيء يرضيك، ثم يترك كل شيء.
الطموح في الأبناء له حدود، ولا يكون بانتظار الثمرة الآن، وكثير من الأبناء ليس هم بأنفسهم تظهر فيهم الثمرة؛ فقد يحمل ابنك الخير لأحفادك، والسبب أنه عندما نضج وعرف المداخل والمخارج للنفس، وعرف العيوب والإشكالات كان أنبه منك وأذكى وأفهم؛ فلما أتى لتربية أبنائه وفّق في تربيتهم، و توفيقه في التربية سيكون ثمرة لك.
سؤال: عندما تأتينا المشاكل الكبيرة مثلا مثل مشكلة ترك الصلاة، ونرى أنه في انحدار؛ فماذا نفعل؟ الجواب: أضع ثقلي على المحافظة على إيمانه وتوحيده لرب العالمين، فهذا التدرج في المنهجية أمر يحتاج إلى التنبه، ويحتاج لمعرفة أنا في أي حالة الآن، هل أنا في مرحلة طلب الكمال، أم في مرحلة طلب الكفاف؟!
والكثير الآن للأسف يقولون نريده فقط مؤمنا وليس ملحدا برب العالمين – والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله-.
وفي هذا نجد أن كثيرًا من الآمال والطموحات الزائدة عن حدّها التي ليس لها بيئتها، ولا تناسب قدراته، ولا مواهبه ولا استعداده، وكثيرا من الفهم الخاطئ للأمور، ومن عدم إدخال السرور على الأبناء، ومن عدم وجود حالة من الإحساس بأني أوده أن يكون بأحسن حال نفسيًا وليس أود أن يكون كالآلة التي تنجز لي ما أريد؛ كل هذا سببّ الكثير من الانتكاسات.
الخلاصة: علينا أن نحافظ على فطرته وننميها، وننمي مواهبه ونوجهها في الطريق التي يكون بها مباركا، لكن هذا يحصل بتدرج ومنهجية تناسبه، وهذا الشيء سأفعله عندما ألحظ الأسس الأربعة:
أنظر إلى أساس الاستثمار وهو الفطرة السوية،
وأعلم أن المطلوب من هذه الفطرة السوية أن أستثمرها في الإيمان والتوحيد،
وأنظر له كوحدة واحدة،
وألحظ البيئة المحيطة به سواء الحقيقية أو الافتراضية.
من لقاءات استثمار الإنسان.
*******
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️