التغافل ؟!!
لا يخلو شخص من نقص، ومن المستحيل أن يجد كل ما يريده أحدنا في الطرف الآخر كاملاً.. كما أنه لا يكاد يمر وقت دون أن يشعر أحدنا بالضيق من تصرف عمله الآخر .
ولهذا على كل واحد منا تقبل الطرف الآخر والتغاضي عما لا يعجبه فيه من صفات، أو طبائع، وكما قال الإمام أحمد بن حنبل "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل".
التغــافل
التغافل لغةً : هو تعمد الغفلة ، و أرى من نفسه أنه غافلُ وليس به غفلة
التغافل: وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور .
قال الحسن: ما استقصى كريمٌ قط.
وقال سفيان: ما زال التغافل من شيم الكرام.
واعلم أن من الدهاء كل الدهاء التغافل عن كل ذنب لا تستطاع العقوبة عليه، ومن عداوة كل عدو لا تقدر على الانتصار منه.
فأما التغافل عن ما لا يعني فهو العقل. وقد قال الحكماء: لا يكون المرء عاقلاً حتى يكون عما لا يعنيه غافلاً.
التغافل والمشاكل الزوجية
وأما المشاكل العابرة فهي المشاكل التي يفتعلها أحد الزوجين بشكل استثنائي عابر, وهي ليست من صفاته الدائمة, وإنما كما يقال : لكل عالم هفوة, ولكل جواد كبوة .
ومثالنا على ذلك كأن يستهزئ الزوج بزوجته وليس من عادته الاستهزاء, أو أن يتحدث عن بعض عيوبها أمام أهلها وليس من عادته فعل ذلك, وهذه التصرفات يكفي في علاجها الإشارة فقط, ولا ينبغي لأي من الزوجين أن يعاتب الأخر ويهجره من أجل هذه التصرفات وذلك باعتبار أنها عابرة وليست دائمة والأصل في المشاكل العابرة إتباع أسلوب التغافل معها .
من فقه الحياة الزوجية التغاضي عن دقيق المحاسبة:
ولكلٍ من الزوجين على الآخر حق، وربما كانت الدقة في المراقبة والشدة في المحاسبة من بواعث الاضطراب وعدم الاستقرار، وفي التغافل أحياناً، والمرونة أحياناً كفالة باستدامة السعادة ، وبقاء المعاشرة الجميلة، كل ذلك ضمن الضوابط الشرعية والتوصيات الأخلاقية
التغافل وتربية الأولاد
يجب التغافل عن بعض هفوات التلاميذ وعدم التعليق على كل حركة تصدر عنه بل لا بد أن ننبههم بروح الشفقة والرحمة حتى لا نذل نفسه ونحطم شخصيته أو ندفعه لاكتساب عادات خلقية سيئة كالعناد والكذب، ولنتمثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابي الذي كبر للصلاة من أول المسجد وركع وظل يمشي حتى وصل الصف فنبهه النبي صلى الله عليه وسلم على خطئه بلطف حيث قال: ((زادك الله حرصا ولا تعد)).
من أنماط التربية، التغافل -لا الغفلة- عن بعض ما يصدر من الأولاد من عبث أو طيش وهو مبدأ يأخذ به العقلاء في تعاملهم مع أولادهم ومع الناس عموما؛ فالعاقل لا يستقصي، ولا يشعر من تحت يده أو من يتعامل معهم بأنه يعلم عنهم كل صغيرة وكبيرة؛ لأنه إذا استقصى، وأشعرهم بأنه يعلم عنهم كل شيء ذهبت هيبته من قلوبهم، ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي، ثم إن تغافله يعينه على تقديم النصح بقالب غير مباشر، من باب: إياك أعني واسمعي يا جاره، ومن باب: ما بال أقوام. وربما كان ذلك أبلغ وأوقع.
التغافل على أخطاء قليلة حكمةٌ تربويَّة:
إذا ظهر على الصبي خُلقٌ جميل وفعلٌ محمود ، فينبغي أن يكرَّم عليه ـ يجب أن تثني على ابنك إذا رأيت منه خُلقاً حميداً ؛ أمانةً ، وفاءً ، صدقاً ـ ويجازى عليه لما يفرح به ، وأن يُمدح بين أظهر الناس ، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرَّةً واحدة فينبغي أن يتغافل عنه .
جاء في وصية الغزالي: فإذا خالف ذلك في بعض الأحوال مرَّةً واحدة فينبغي أن نتغافل عنه ـ وأن لا نهتك ستره ، وألا نكاشفه ، أما إذا عاد ثانيةً يُعاتب عتاباً رقيقاً فيما بينك وبينه.
لمن التغافل
مسامحة أهل الاستئثار والاستغنام والتغافل لهم ليس مروءة ولا فضيلة بل هو مهانة وضعف وترضية لهم على التمادي على ذلك الخلق المذموم وتغبيط لهم به وعون لهم على ذلك الفعل السوء.
وإنما تكون المسامحة مروءة لأهل الإنصاف المبادرين إلى الإنصاف والإيثار فهؤلاء فرض على أهل الفضل أن يعاملوهم بمثل ذلك لا سيما إن كانت حاجتهم أمس وضرورتهم أشد.
التغافل شيمة أهل الدين
عن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث. متفق عليه
وسوء الظن يدعو إلى التحسس والتجسس.
فعن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم لا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا. متفق عليه.
التجسس في تطلع الأخبار والتحسس بالمراقبة بالعين فستر العيوب والتجاهل والتغافل عنها شيمة أهل الدين ويكفيك تنبيها على كمال الرتبة في ستر القبيح وإظهار الجميل أن الله تعالى وصف به في الدعاء فقيل يا من أظهر الجميل وستر القبيح والمرضى عند الله من تخلق بأخلاقه فإنه ستار العيوب وغفار الذنوب ومتجاوز عن العبيد فكيف لا تتجاوز أنت عمن هو مثلك أو فوقك.
وقد قال عيسى عليه السلام للحواريين كيف تصنعون إذا رأيتم أخاكم نائما وقد كشف الريح ثوبه عنه قالوا نستره ونغطيه قال بل تكشفون عورته قالوا سبحان الله من يفعل هذا فقال أحدكم يسمع بالكلمة في أخيه فيزيد عليها ويشيعها بأعظم منها.
قال عمرو بن عثمان المكي: المروءة التغافل عن زلل الإخوان.
عن أبي بكر بن أبي الدنيا أن محمد بن عبد الله الخزاعي قال: سمعت عثمان بن زائدة يقول:
العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل.
قال: فحدثت به أحمد بن حنبل فقال: العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل.
قال الأعمش: التغافل يطفئ شراً كثيراً.
عن أبي بكر بن عياش قال: قال كسرى لوزيره ما الكرم ؟ قال: التغافل عن الزلل .."
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب الرفق في الأمر كله) استحباب تغافل أهل الفضل عن سفه المبطلين إذا لم يترتب عليه مفسدة.
قال الشافعي: الكيس العاقل هو الفطن المتغافل.
قال جعفر بن محمد الصادق: (عظموا أقدراكم بالتغافل).
قال المهاجري: (قال أعرابي لرجل: قد استدللت على عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس لأن طالبها متهم بقدر ما فيه منها).
وكما قال الإمام أحمد بن حنبل "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل"
والحسن البصري يقول: ما زال التغافل من فعل الكرام".
وقال أكثم بن صَيْفيّ: الكَرم حُسن الفِطنة وحُسْنُ التغافل واللّؤم سوءُ الفطنة وسُوء التغافل ولم تَرَ أهلَ النُّهَى والمنسوبِين إلى الحِجَا والتُّقَى مَدَحوا الحلماءَ بشدة العقاب وقد ذكروهم بحُسن الصَّفْح وبكثرة الاغتفار وشدّة التغافُل وبعد فالمُعَاقِب مستعدٌّ لعداوة أولياءِ المذنِب والعافي مُسْتَدْعٍ لشكرهم آمِنٌ من مكافأتهم أيّامَ قدرتهم ولأنْ يُثنَى عليك باتِّساع الصدر خيرٌ من أن يُثْنى عليك بضِيق الصَّدر على أنّ إقالتك عثرةَ عبادِ اللّه موجبٌ لإقالتك عَثْرَتَكَ من ربِّ عباد اللّه وعفوُك عنه موصولٌ بعفو اللّه عنك وعقابُك لهم موصولٌ بعقاب اللّه لك"
4
689
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
(وردة الزهور)
•
جزاك الله خير
قيل ... ان تسعة اعشار الخلق في التغافل
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه
" لا تظنَّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً،وأنت تجد لها في الخير محملاً"
قال الإمام ابن القيم: "من أساءإليك ثم جاء يعتذر من إساءته، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته،
حقاً كانت أوباطلاً، وتكل سريرته إلى الله.. ".
لا اله الا الله
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه
" لا تظنَّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً،وأنت تجد لها في الخير محملاً"
قال الإمام ابن القيم: "من أساءإليك ثم جاء يعتذر من إساءته، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته،
حقاً كانت أوباطلاً، وتكل سريرته إلى الله.. ".
لا اله الا الله
الصفحة الأخيرة