الفأل اصطلاحا :
هو الكلمة الصالحة أو الكلمة الطيبة أو الكلمة الحسنة ،
مصداق ذلك ما جاء في الحديث الشريف من انه صلى الله عليه وسلم سئل ما الفأل ؟
فقال : الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم .
صحيح الإمام البخاري .
فالتفاؤل إذا :
انشراح قلب الإنسان وإحسانه الظن ،
وتوقع الخير بما يسمعه من الكلم الصالح أو الحسن أو الطيب .
3- الفرق بين الفأل والطيرة :
قال ابن عباس رضي الله عنهما : الفرق بين الفأل والطيرة ،
أن الفأل من طريق حسن الظن بالله، والطيرة لاتكون إلا في السوء ، فلذلك كرهت .
4- التفاؤل من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم :
أ- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل الصالح ، الكلمة الحسنة . صحيح الإمام البخاري ، كتاب الطب ، باب الفأل .
ب- - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل ، قالوا: وما الفأل ؟قال: كلمة طيبة .صحيح البخاري
ج- - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل ، الكلمة الحسنة والكلمة الطيبة . صحيح البخاري .
د- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن ويكره الطيرة.
مسند الإمام أحمد ، وإسناده حسن عند الشيخ أحمد شاكر .
قال الحليمي :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل ؛
لأن التشاؤم سوء الظن بالله تعالى بغير سبب محقق ،
والتفاؤل حسن ظن به ، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال .
قال العلماء: وإنما أحب النبي صلى الله عليه وسلم الفأل ؛
لأن الإنسان إذا أمل فائدة الله تعالى وفضله عند كل سبب قوي أو ضعيف فهو على خير في الحال ، وإن غلط في جهة الرجاء ، فالرجاء له خير ،
وأما إذا قطع رجاءه وأمله من الله تعالى ، فإن ذلك شر له ،
والطيرة فيها سوء الظن وتوقع البلاء .
ه- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرح ويتفاءل إذا سمع الإسم الحسن ،
عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء ،
وكان إذا بعث عاملا سأل عن اسمه ، فإذا أعجبه اسمه فرح به ، ورؤي بشر ذلك في وجهه ،
وإن كره اسمه ، رؤي كراهيةذلك في وجهه ، وإذا دخل قرية سأل عن اسمها ،
فإن أعجبه اسمها فرح بها ، ورؤي بشر ذلك في وجهه ، وإن كره اسمها رؤي كراهة ذلك في وجهه
صحيح أبي دود ، للألباني .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته ، فقال :
أخذنا فألك من فيك .صحيح أبي داود .
قال ابن عمر رضي الله عنهما : إن ابنة لعمر كانت تسمى عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة .صحيح مسلم
ويوم الحديبية جاء رجل من المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليفاوضه اسمه سهل ، فتفاءل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : سهل إن شاء الله .
و- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي مكث في مكة ثلاثة عشر عاما والمشركون يؤذونه ويحاصرون دعوته ويتآمرون عليه وعلى أصحابه –
لم ينطفىء في صدره الأمل والتفاؤل حتى في أحرج اللحظات ،
فعندما وصل المشركون إلى باب غار ثور
اشتد حزن أبي بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم وقال :
إن قتلت فإنما أنا رجل واحد ، وإن قتلت أنت هلكت الأمة ،
فعندها قال له رسول الله صلى الله عليه وسلمك
.
5- التفاؤل من صفات الأنبياء :
أ- تفاؤل إبراهيم عليه السلام :
فهذا إبراهيم عليه السلام قد صار شيخا كبيرا ،
بلغ في العمر مائة وعشرين عاما ، وزوجته بلغت تسعة وتسعين عاما ،
لم يرزق بولد ، فدفعه حسن ظنه بالواحد الأحد وتفاؤله بالفرد الصمد أن يدعوه ليرزقه ولدا من الصالحين ،
فاستجاب الله له ووهب له إسماعيل وإسحاق نبيين من الصالحين ،
قال الله تعالى : الصافات : 100- 101
وقال الله تعالى: الذاريات : 29-30
ب- تفاؤل زكرياء عليه السلام :
كان سنه مائة عام وسن زوجته تسعا وتسعين ، ولم يرزق بولد ،
فدعا الله تعالى فرزقه يحيي على شيخوخته وأصلح له زوجه ،
قال ابن عباس :
كانتزوجته سيئة الخلق طويلة اللسان ، فأصلحها الله وجعلها حسنة الخلق ،
قال الله تعالى : الأنبياء : 88-89
ج- تفاؤل يعقوب عليه السلام :
فهذا نبي الله يعقوب عليه السلام فقد ابنه يوسف عليه السلام ،
ثم أخاه ،
فصبر على محنته ولم ييأس ولم يقنط ، بل تفاءل ورجا أن يجد لمحنته مخرجا ،
قال بقلب ملؤه اليقين والتفاؤل :
يوسف:83
وقال :
يوسف : 87
د- تفاؤل أيوب عليه السلام رغم توالي المحن :
كان أيوب عليه السلام نبيا ، وكان له أولاد ومال كثير ، فأذهب الله ماله فصبر ،
ثم أهلك الأولاد فصبر ، ثم سلط البلاء والمرض على جسمه فصبر،
فمرعليه ملأ من قومه فقالوا :
ما أصابه هذا إلا بذنب عظيم ، فعند ذلك تضرع إلى الله ولم ييأس بل ظل متفائلا، ف
كشف الله عنه الضر ،
قال الله تعالى : الأنبياء : 82-83
قال ابن مسعود رضي الله عنه :
مات أولاده وهم سبعة من الذكور وسبعة من الإناث ،
فلما عوفي أحيوا له وولدت له امرأته سبعة بنين وسبع بنات .
الخطبة الثانية
6- من ثمرات التفاؤل
1- حسن الظن بالله تعالى :
جاء في الحديث القدسي : الترغيب والترهيب ، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما .
إن التفاؤل لا ينشأ من عدم ؛ فهو وليد الإيمان العميق بالله جل وعلا ،
فهو سبحانه وتعالى من يبدل من بعد الخوف أمنا ،
ومن بعد العسر يسرا ويجعل لكل ضيق مخرجا ولكل هم فرجا ،
لذا كان أمر المؤمن كله خير لحسن ظنه بالله تعالى وتفاؤله لبلوغ الآمال ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
صحيح مسلم .
يقول أحد الشعراء المتفائلين :
وإني لأرجو الله حتى كأنما أرى بجميل الظن ما الله صانع
2- التفاؤل يجلب السعادة إلى النفس والقلب :
فالمتفائل أهدأ نفسا وأعصابا وأكثر ثباتا عند الحوادث والنوازل وأقرب للسعادة والصحة ؛
لأن التفاؤل يطرد اليأس من القلب ، فهو يجعل من يتيقن بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ،
مطمئنا على رزقه دون قلق ، لأن الله تعالى تعهد بذلك وقد طمأن آدم عليه السلام أزلا
طه : 115
وقال الله تعالى : هود : 6
3-التفاؤل ترويح للمؤمن وسرور له :
لذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل قول فيه تيئيس للناس ،
قال عليه الصلاة والسلام :
صحيح مسلم ،
كتاب البر والصلة والآداب ،
باب النهي عن قول : هلك الناس
قال الإمام الخطابي :
معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول :
فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك ، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم –بضم الكاف-
أي أسوأ حالا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم .
وكما يحرم على المسلم أن يبعث الروح الإنهزامية في الناس ،
فكذلك لا يحل له أن يغرس الفشل والكسل والتشاؤم في نفسه ،
كأن يقول الطالب مثلا :
مهما اجتهدت فلن أتفوق ، بل ينبغي له أن يكون متفائلا ،
والتفاؤل هو أساس النجاح لأنه يقوم على أسس قوية :
حسن الظن بالله والتوكل عليه والجدية في العمل،
فالذي يغري التاجرفي تجارته أمله في الأرباح ،
والذي يبعث الطالب على الجدية في دراسته أمله في النجاح ،
والذي يحبب إلى المريض الدواء أمله في الشفاء .
4- التفاؤل يدفع المؤمن إلى التوبة والإنابة إلى الله تعالى ،
إذا اقترف ذنبا لا ييأس من رحمة الله ومغفرته ،
قال الله تعالى :
الزمر : 50
5- التفاؤل اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم .
والحمد لله رب العالمين.