التقدم نحو الخلف

ملتقى الإيمان

كثرت الدعاوي التي تدعونا للتقدم نحو النموذج الغربي ،رغم ما نشاهده فيه من سلبيات ،هذا المقال يتحدث عن تلك الدعوات فحبيت انقلكم هذا المقال من موقع وفاء لحقوق المرأة:26::26::26:


التقدم نحو الخلف

كثيرة هي الأقلام التي تتناول قضايا المرأة وتتحدث عن حقوقها وأوضاعها وآلامها، رغم اختلاف هذه الأقلام في توجهاتها وتعدد مشاربها، ذلك التعدد الذي ألقى بظلاله على ما يُطرح من مواضيع حول المرأة؛ فتباينت.
إن الحقيقة التي لا يجحدها عاقل أن الإسلام أعطى المرأة حقوقها كاملة، ولا نستطيع أن نتجاهل دعوات علمائنا الأفاضل للإصلاح وتطبيق تعاليم الإسلام، كما لا نستطيع أن ننكر وجود سواد عظيم من النساء تتمتع إحداهن بجل حقوقها كامرأة، وتحظى بالاحترام في مجتمعات كثيرة لدينا ولله الحمد.

إلا أن الحقيقة نفسها تفرض علينا ألا نتعامى عن شرائح أخرى من النساء تُنتقص حقوقها؛ سواء من قِبل المجتمع، أو في العمل، أو حتى في الدوائر الحكومية.

نحن لا ننكر وجود خلل وإشكاليات في حقوق المرأة لدينا؛ إلا أن الخلل الأكبر في الطريقة التي تتناول بها بعض الأقلام هذه الإشكاليات، فتكون أشبه بوضع الزيت على النار؛ إذ إنها تقدِّم حلولاً غير مدروسة؛ و النتيجة أن تلك الحلول تؤدي إلى مزيد من التدهور.

وسنقف على دعوى الاختلاط كأنموذج ونتأمل تأثيرها على المرأة بشكل موجز.


قامت الدعوى إلى الاختلاط في العمل بحجة توفير وظائف للنساء، وتوفير تكاليف الأقسام النسائية المستقلة، دون دراسة واقعية لعواقب تفعيل هذه الدعوى على المرأة نفسها.

وبالنظر إلى تلك الدعوى نجد أن القول بأن الاختلاط سيحد من بطالة النساء قول يحتاج لتأمل؛ لأن البطالة لدينا ليست قضية نسائية بل هي مشكلة منتشرة لدى الجنسين، ولا يزال الرجل هو العائل الأول للأسرة؛ لذا فهو الأولى بالمطالبة بالبحث عن حل لمشكلة البطالة لديه، ذلك أن غالب النساء مكفولات النفقة، ولو لم يعملن فهي مكفولة لهن شرعاً وعرفا من قبل أوليائهن.

أما تبرير دعوى الاختلاط بتخفيض تكاليف ***** أقسام نسائية مستقلة، فهذا التبرير وإن كان له وجاهته، إلا أن المشكلة التي ستحل هنا هي مشكلة تواجه الشركات والمؤسسات والقطاعات الحكومية، ولا علاقة للمرأة بها؛ ذلك أن الشركات والمؤسسات والقطاعات الحكومية هي من ستوفر كلفة ***** أقسام جديدة، كما أنه يمكن العمل على تخفيض افتتاح أقسام جديدة بتفعيل العمل عن بعد، الذي يوفر الكثير من التكاليف سواء على الشركات أو الموظفين أو حتى الخدمات، بالإضافة إلى توفيره الكثير من فرص العمل للجنسين مع الاحتفاظ بالخصوصية، وهو الأمر الذي لم نسمع صوت من ينادون بتفعيله.

ولنقف هنا لنتأمل تأثير دعوى الاختلاط على المرأة نفسها، إذ لا يخفى على عاقل أن العمل المختلط قد يعرض المرأة للتحرش، وهذا من أكبر الأضرار التي يجرها الاختلاط في العمل على المرأة، وكم من التحرشات تحدث يوميا في شتى بقاع العالم نتيجة الاختلاط في العمل.

الأمر الآخر الذي يجدر التنبه إليه وهو ما فطرت عليه المرأة من حب للتزين والتجمل، وأعتقد أن المطالبين بفتح مجال الأعمال المختلطة لا يختلفون معنا على ضرورة الالتزام بضوابط اللباس الشرعي، وهذا يعني أن على المرأة المبالغة في الاحتشام في اللباس، وستضطر المرأة المسلمة هنا إلى الامتناع عن الزينة، وفي هذا ضرر عليها. كما أن العمل المختلط سيقيدها في لبسها وحركاتها وكلامها، وفي هذا التقييد ضرر كبير لم تكن تواجهه في الأعمال المستقلة والتي تتمتع فيها بأريحية كبيرة.

ولا يقف ضرر الاختلاط على المرأة الموظفة فقط، بل قد يلقي بظلالة على الزوجات أيضا، فلا أعتقد أن هناك امرأة تقبل أن يعمل زوجها مع موظفات، قد يشاركنه التخصص والتوجه والاهتمام، وأترك للقارئ تصور وقع هذا على الزوجات.
إن اللبيب من اتعظ بغيره، وقد جربت عدة دول الاختلاط في العمل، واكتوت بناره، وبدأت المطالبات بالفصل بين الجنسين في الدراسة والعمل، ليصلوا إلى ما نتمتع به نحن من استقلالية، وليسلموا من مفاسد حمانا الله منها، لا سيما وأن الدراسات أثبتت تأثير الاختلاط السلبي على الطلبة والموظفين بل والمجتمع بأسره.
يذكر الدكتور ليورنادو ساكس وهو طبيب أسرة ورئيس ومنشئ منظمة(NASSPE) أو الجمعية الوطنية للتعليم الأهلي غير المختلط بأمريكا، يذكر أن عدد المدارس غير المختلطة ارتفع في الولايات المتحدة الأمريكية من مدرستين عام 1995 إلى 360 مدرسة، وتوقع ساكس فتح مزيد من هذه المدارس. وقد أصدرت شعبة التعليم الاتحادية نظاما سهلت للولايات والمناطق فتح مدارس وفصول غير مختلطة.
ويقول الدكتور سوليفان : "إن السبب الحقيقي في جميع مفاسد أوروبا، وفي انحلالها بهذه السرعة، هو إهمال النساء للشؤون العائلية المنـزلية، ومزاولتهن الوظائف والأعمال اللائقة بالرجال في المصانع والمعامل والمكاتب جنبا إلى جنب".
فهل من العقل أن نطالب نحن بالمضي نحو تجارب ثبت للعالم فشلها!!!
إن الدعوى إلى مزيد من الانفتاح غير المدروس بدعوى التقدم، وتصوير هذا الانفتاح على أنه الحل لمشاكلنا؛ ما هي إلا جلب لمزيد من المشاكل، وتكرار لتجارب فاشلة، وبعد عن الأنموذج المثالي والمنهج الرباني الكامل.
وعلى هذا فَقِسْ سائر الدعاوى للتقدُّم نحو الخلف..
6
502

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

روح الــــود
روح الــــود
جزاك الله خير
القــــرآن في قلبي
almasa53
almasa53
جزاك الله خير
مطلقة متفائلة
جزاك الله خيرا
**ام رغد**
**ام رغد**
حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله انا الى الله راغبون
حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله انا الى الله راغبون

حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله انا الى الله راغبون