هل يمضى طفلك الساعات أمام التلفزيون؟ هل أصبح قليل التركيز، قليل الصبر، سريع الملل لا يحب القراءة؟ ماذا تعرف عن الأبحاث الحديثة لمخاطر التلفزيون؟ كيف تتغلب على مخاطر التلفزيون أو تمنعها؟ كل هذه التساؤلات وغيرها تجيب عليها ندوة مخاطر التليفزيون التي أدارتها هالة شريف نائب مدير مكتبة مبارك وإستضافت خلالها الأستاذة/ سهير الدفراوي خبيرة التربية بالجامعات الأمريكية والتي عاشت معظم حياتها في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي ساهمت في الكثير من أبحاث صناعة الدواء وتأثيره .
وكذلك اهتمت بالطفل العربي في المهجر وغير المهجر، فكتبت وحاضرت وساهمت بأنشطة تربوية وثقافية واجتماعية للتقدم به وبعائلته ، وأخيراً ألفت كتاباً بعنوان "مخاطر التليفزيون على مخ الطفل " والذي تناقشه هذه الندوة ، بدأت الدكتورة سهير الدفراوى الحديث بقولها "أنا لست عدوه للتلفزيون ولكن لكل شئ أصول". قبل أن نتحدث عن أضرار التليفزيون من الناحية العلمية ، لابد وأن نعرف رأى الدين الإسلامى فى التليفزيون ، وأوضحت أن ديننا الإسلامي الحنيف يحثنا على القراءة والتعلم، ولذلك نجد أن أول كلمة نزلت في القران الكريم هي "اقرأ" والقراءة هنا محددة بقراءة الآيات الكونية الموجودة في العالم من حولنا وذلك للوصول إلى الحقيقة، وبقراءة الآيات القرآنية وهى كلام الله عز وجل الذي يعد المصدر الأساسي لفهم معاني الحياة. وإذا نظرنا إلى التليفزيون فإننا نجد أنه السبب الرئيسي في إهمال القراءة ، بسبب إهداره لمعظم أوقاتنا.
كما أن الدين الإسلامي الحنيف يبحث عن إنسانيتنا ،لأن ما يفرق الإنسان عن الحيوان هو قدرته على القراءة ووعيه بما يقرأ ، والإفراط في مشاهدة التلفزيون يقلل قدرة الطفل على القراءة ، من هنا نستطيع أن نقول أن منع الطفل من التلفزيون في سنواته الأولي إنما هو فرض على الآباء والأمهات، وذلك لإنقاذ أبنائهم من الفشل ، وأضافت الدكتورة أن التليفزيون من أكثر الأشياء التي تعمل على إهدار الوقت، وهذا ما يحدث لأطفالنا فهم يقضون معظم أوقاتهم أمام التليفزيون، والوقت أحد الأمانات الرئيسية التي يسأل عنها الإنسان يوم القيامة ، لذا فإن تجنب التليفزيون يعد التزاماً شرعياً ، كما أن التلفزيون يحد من وعى الأطفال الصغار، وهو المسافة التي تسمح لنا بممارسة إنسانيتنا، ومن ثم فإن تغيب الوعي هو تغيب للإنسانية، وهذا ما ينهى عنه الدين الإسلامي، لذا يتحتم علينا المناداة بتحجيم دور التليفزيون، وحجب الأبناء عنه حماية لإنسانيتهم وقدرتهم على ممارستها مستقبلاً.
التلفزيون والأبحاث العلمية
وطبقاً للأبحاث، فقد أوصت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بمنع الأطفال من مشاهدة التليفزيون، وذلك بعد التجارب والأبحاث العلمية التي أجريت على كثير من الأطفال والتي أظهرت مخاطر التليفزيون على نمو مخ الطفل ، استقرت التوصية بعد ذلك بأن طفل السنتين فما أقل لا يشاهد التليفزيون البته، والطفل الأكبر سناً لا يمضى أكثر من ساعتين يومياً أمام شاشات التليفزيون والكمبيوتر واللعب الإلكترونية ، وتستند هذه التوصيات إلي خطر تدخل التليفزيون في التيارات الثلاثة الأساسية التي تؤثر على الموقف في هذه المرحلة السنية وهي:
1-إدراك الأطفال أن لهم ذات منفصلة عن أمهم وعن بيئتهم المباشرة ورغبتهم في إثبات هذه الذات ، ومن ناحية أخرى إيجاد طريقة جديدة للتواصل مع أمهم ومع أفراد بيئتهم المباشرة ، وهنا يكمن خطر التليفزيون في أنه يؤدي بالأطفال إلي حالة سلبية ويمنع تطورهم الاجتماعي .
2-التعبير اللفظي من أهم سمات هذا السن ، لأن الأطفال في هذه المرحلة السنية يعبرون عن أنفسهم من خلال الجمل والعبارات التى يطلقونها ليعبروا عن شخصيتهم . ويكمن خطر التليفزيون في أنه لا ينمي في المشاهد الصغير مهارته اللفظية أو مهارته في التعبير عن نفسه لفظياً ومن ثم لا ينمي ويطور من الشق الأيسر للمخ وهو الجانب المسئول عن الكلام .
3-رغبة الأطفال في اكتشاف كل ما يستطيعون اكتشافه عن بيئتهم المباشرة والغير مباشرة، وعن طريق تلبية تلك الرغبة يستعملون عضلاتهم وحواسهم وخطر التليفزيون يكمن في انه لا يساعد المشاهد الصغير على استعمال عضلاته وأحاسيسه ، وهذا يعني أن مخ الطفل لا ينمو فكرياً .
وقد أرجع العلماء ذلك لأنهم وجدوا أن الطفل الرضيع مثل الحيوان يفكر بالصورة ،وعندما يكبر ويتكلم ينتقل من الفكر السهل المبنى على الصورة إلي الفكر المبنى على الكلمة والذي يتطلب منه أن يُكون بنفسه صورته الداخلية للأشياء،والتليفزيون يمنعه من ذلك ، أما عندما يشاهد الطفل التليفزيون لساعات تطويله فإن ذلك يرجعه إلى الفكر السهل المبنى على الصورة ، وبالتالي يؤدى ذلك إلى عدم حبه للقراءة ،وسرعة الملل ،وقلة التخيل والتفنن والإبداع.
وقد تقدم أحد الحاضرين بطرح هذا السؤال:
ما هو الحل إذا اعتاد هذا الطفل مشاهدة التلفزيون؟
التلفزيون يحد من التفكير المنطقي للطفل:
وفقاً لما أثبتته التجارب التي خلصت إلى أن التليفزيون يحد من تفكير الطفل المنطقي ،لأن هذه الأشياء مبنية على القراءة والكلمة ،وليست مبنية على الصورة والمشاهدة، وبالتالي لا يستطيع الطفل أن يربط ما يراه على شاشات التلفزيون بمعلومات العالم الخارجي الحقيقية.
أمراض قلة الانتباه
كما أضافت الدكتورة أيضاً بأن التلفزيون يزيد من إمكانية إصابة الطفل بأمراض قلة الانتباه "attention deficit disorders " وقد واصلت الدكتورة الحديث عن أضرار التليفزيون وتطرقت إلى عدة جوانب من أهمها أن الطفل الصغير الذي يقضى وقتاً طويلاً أمام شاشة التليفزيون لا ينمى المناطق المختلفة من المخ ،وبالتالي لا ينمو إجماعياً ، وذلك بسبب عدم تعايشه مع الآخرين أو حتى الاختلاط بهم،مما يؤدى به في النهاية لأن يصبح إما كثير الخجل من الآخرين ،أو كثير العدوانية والأنانية.
التليفزيون والشباب
يعد التليفزيون أداة إعلامية عامة لها مفعول يتخطى تأثيره على الفرد ليصل إلى المجتمع بأكمله، لذلك من الواجب علينا أن ننبه الشباب من هذا الخطر فكما انه خطر على الأطفال يعد أيضا خطر على الشباب وهذا يرجع لعدة أسباب من أهمها :
1- إن التليفزيون يعزز الأفكار المادية لدى الشباب فإنه أداة إعلامية فأصحاب القنوات أو ممولوها لهم الكلمة الأولى والأخيرة فيما يعرض على شاشات التليفزيون أما المشاهد فانه الملتقي السلبي الذي لا حيلة له في العبث بعقله لترتيب أولوياته.
2- تأثير التليفزيون السلبي على سلوكيات الشباب من خلال ما يعرضه من برامج مثل نوعية الفيديو كليب التي تعتمد على مشاهدة العري والإثارة .
3- كذلك يساعد التليفزيون الشباب على الإحساس بعدم الرضا على الواقع ومن ثم الهروب منه.
وقد اتسعت بعد ذلك دائرة الحوار لتشمل الحاضرين بالندوة وقد تعددت الأسئلة ومن بينها.
ما هو الوقت المحدد للجلوس أمام التلفزيون ؟
إن الإفراط في مشاهدة التلفزيون يعنى وفقاً لتعريف الخبراء أن يشاهد الطفل الذي بلغ عامه الثاني على الأكثر التلفزيون أو الفيديو ولو لمدة قصيرة ، أما الطفل الأكبر سناً فعليه ألا يتعرض للمشاهدة لمدة تتجاوز ساعة أو ساعتين يومياً ،أي من 7 إلى 14 ساعة أسبوعياً، بما في ذلك الأوقات آلتي يقضيها في ألعاب الفيديو والكمبيوتر. وهذا هو الحد الأقصى الذي يجب عدم تجاوزه بأي حال من الأحوال ، فقد رأينا أن الإفراط في مشاهدة التلفزيون يُحدث تغييرات في مسارات مخ الطفل التي تتأقلم مع هذا الإفراط ، والذي يؤدى بدوره إلى كسل التفكير اللفظي المبنى على الكلمة، ومن ثم يستسهل الطفل استعمال التفكير البدائي المبنى على الصورة الذي رسخ في مخ الطفل بسبب كثرة مشاهدته للتلفزيون.
وقد قامت بعد ذلك أحد الأمهات تطرح سؤال مثيراً للجدل :
ابني أدمن مشاهدة التلفزيون ماذا أفعل؟
فقالت الدكتورة/ سهير " تستطيعين مساعدة طفلك بعدة أشياء أهمها التوقف عن مشاهدته للتلفزيون ، وذلك للتقليل من اعتماده على صور التليفزيون الجاهزة الصنع، لأن ذلك يتيح له الفرصة بأن يطور الصور الداخلية في عقله والتعبير عنها بصوره سليمة ، كذلك إعداد برنامج ينمى للقراءة لطفلك ، وذلك لقراءة الكتب التي تحتوي على بعض الصور وننتقل بعد ذلك إلي الكتب التي لا تحتوي على صور ويجب أن تكون القراءة يومياً على أن يزيد عدد صفحاتها تدريجياً.
كذلك إحلال برنامج رياضي أو ممارسة هواية معينة، وذلك لتزيد من قدرات الطفل على الاحتمال والتركيز ن فعلى سبيل المثال "عندما تجلس طفلة صغيرة لتمارس رياضة السباحة أو إحدى الهوايات ، فهي بذلك تنمي من قدراتها على الصبر والتركيز فيما تفعله ، وعندما تنجح في ذلك تصبح الطفلة فخورة بما أنجزته" ، وقد اختتمت الدكتورة سهير ألد فراوي الندوة بعبارة " أن كثرة مشاهدة الأطفال للتليفزيون يهدد القراءة التي هي رمز إنسانيتنا" .
Aum-Hamod @aum_hamod
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️