التمور وتخمير الخبز
بحث / د. حنان الزريعي
منذ القدم ... والخبز هو الغذاء الرئيسي للإنسان ، فكان رفيقاً للإنسان في أسفاره ، لصغر حجمه ، وسهولة حمله وحفظه ، ولا يخفى علينا طريقة صنع الخبز في وقتنا الحالي ، فالخميرة » خميرة الخبز « Baker`s yeast هي الأساس لعملية تخمير معظم أنواع الخبز ، لكن قديماً لم تكن خميرة الخبز معروفة كما هي الآن وبأشكالها التجارية المتعددة .
ففي العصور القديمة كان سكان بحيرات سويسرا يخلطون الحبوب المطحونة من قمح وشعير وجاورس ( الدخن ) مع الماء ، ويقومون بلفّ هذا العجين إلى رقائق ، وخبزها على حجارة ساخنة ، وهذا الخبز لم يكن مختمراً .
أمّا المصريون القدماء فقد لاحظوا بأن ترك عجين الخبز لبضعة ساعات ، فإن العجين يتمدد أثناء الخبيز ، كما لاحظوا بأن العجين كان إلى حدّ ما حامضي . وفي روما القديمة جمع الرومانيون الخميرة من الخمور واستعملوها لتخمير عجين الخبز .
أمّا الشعوب العربية فقد استخدمت – قديماً – الفواكه ( تمر ، تين ، .. وغيرها ) في تخمير وإنتاج الخبز .
وتعتبر التمور من الفواكه الغنية بالسكريات ( حسب مراحل نضج الثمرة ) ، كما تحتوي التمور على العديد من المعادن الغذائية حيث تعتبر مصدراً جيداً للحديد والبوتاسيوم ، ومعتدلاً في الكالسيوم ، كما أنّها تحتوي على مقادير مناسبة من المغنيزيوم والنحاس والفوسفور ، أمّا البروتين فنسبته في التمور قليلة جداً حيث تقدّر بنحو 1.7 – 2.95 % من الوزن الطري للثمرة ، لكن هذه النسبة تعتبر ذات قيمة حيوية عالية وذلك نظراً لاحتوائها على عدد لا بأس به من الأحماض الأمينية الأساسية ، أمّا بالنسبة للفيتامينات فإن التمور ليست مصدراً جيداً لها .
بما أنّ التمور غنية بهذه العناصر الغذائية ، إذن فقيمتها التغذوية تعتبر عالية أيضاً ، واستخدام التمور في صناعة الخبز الحامض Sour ) dough ) سيضفي على هذا الخبز بعض الخصائص التغذوية المرتبطة بالتمور ، فمن خلال الدراسات تبيّن بأن للتمور دوراً كبيراً في تغذية الأمعاء ، كما أن محتوى الدهن المنخفض يجعل التمر غذاءً جيداً لمرضى القلب ومن يعانون من ارتفاع الكوليسترول ، كما تمتاز التمور بكونها مثبّطة للنمو البكتيري .
التمور مثلها مثل أيّ مادة غذائية ، فهي وسط غذائي جيد لنمو وتكاثر الكائنات الدقيقة ، ومن أكثر الكائنات الدقيقة تواجداً في التمور هي الخمائر yeasts والتي تنمو بصورة جيدة في الأوساط الحامضية الذي يتراوح الأس الهيدروجيني فيها بين 5.5 – 6.0 ( الأس الهيدروجيني للتمور بين 6.2 – 6.4 ) .
كما أن الفطريات من الكائنات الدقيقة المحتمل تواجدها في التمور وكذلك منتجات الخبيز ، بالإضافة إلى أنّ هنالك علاقة وثيقة بين التمور ونمو بكتريا حمض اللاكتيك .
وفي هذا البحث تم دراسة الحمل الميكروبي لعشر أنواع من التمور الليبية ؛ قُسمت إلى ثـلاث مجموعات حـسـب مـنــاطـقـها ، المنطقة الساحلية وشـمـلـت تمور البكـراري ، الـحـلاوي و البيوضي ، المنطقة الوسطى وشملت تمور آبل ، أم قليب ، حمراي ، وخضراي ، المنطقة الجنوبية وشملت تمور تاسفرت ، تاغيات ، وتاليس . واستخدم جهاز الـ mini API لتعريف بكتيريا حمض اللاكتيك والخمائر . كما تم إجراء تحليل المعادن لتلك التمور .
تم تخمير صنفي البكراري والبيوضي بالطريقة التقليدية المستخدمة قديماً ، وأُخذت عينات من نقيع السائل المتخمر لكلا الصنفين كل ثماني ساعات لمدة 88 ساعة ، لإجراء الاختبارات الميكروبيولوجية وقياس الأس الهيدروجيني وتحديد نهاية الطور اللوغاريتمي للخمائر النامية في كلا النقيعين المتخمرين .
تـم استخدام دقيق القمح والشعير مـعاً بنسـب مختلفة ( 3 : 1 و 1 : 3 و 1 : 1 و 9 : 1 ) ( قمح : شعير ) ، كما استخدم دقيق القمح بمفرده ، وعُجنت تلك النسب بكمية من الماء الدافيء و 20 مل من نقيع السائل المتخمر لكلا صنفي التمر كل عـلى حـدة ، كـمـا اسـتـخـدمـت خميـرة الـخبز التجارية - كمقارنة - بدلاً من السائل المتخمر للتمور .
تم عزل أنواع من بكتيريا حمض اللاكتيك وشملت ؛ Lactobacillus brevis II و Lactobacillus fermentum و Lactobacillus plantarum I . أما الخمائر التي تم عزلها من التمور فشملت Saccharomyces cerevisiae و Saccharomyces kluyverii . وتم عزل Aspergillus و Mucor و Alternaria . كما تم التعرف على بكتيريا حمض الخليك Acetobacter ، في حين أن جميع عينات التمور كانت خالية تماماً من بكتيريا القولون .
أشارت نتائج التحليل الإحصائي بأن تمور المنطقة الساحلية كانت الأعلى من حيث احتوائها على بكتيريا حمض اللاكتيك وبكتيريا حمض الخليك والخمائر .
أشارت نتائج التحليل الإحصائي للمعادن بأنه لا توجد فروق معنوية في محتوى العينات من الحديد والنحاس ، ولا توجد فروقاً معنوية في محتوى المنجنيز بين تمور المنطقة الوسطى والجنوبية ، كما أنه لا توجد فروقاً معنوية في محتوى الكالسيوم بين تمور المنطقة الساحلية والجنوبية ، في حين نجد فروقاً معنوية عند مستوى احتمالية 0.05 بالنسبة للبوتاسيوم والصوديوم في المناطق الثلاثة .
تم تحديد نهاية الطور اللوغارتمي للخمائر النامية في نقيع تمور البكراري المتخمر عند الزمن 24 ساعة من التخمير ، كما تمَ تحديد نهاية الطور اللوغاريتمي للخمائر النامية في نقيع تمور البيوضي المتخمر عند الزمن 32 ساعة من التخمير .
لوحظ تواجد Lactobacillus brevis II ؛ Acetobacter ؛ Saccharomyces cerevisiae في نقيع تمور البكراري المتخمر خلال جميع الفترات الزمنية . كما لوحظ سيادة بكتيريا Lactobacillus brevis II في نقيع تمور البيوضي المتخمر خلال الست عشرة ساعة الأولى وابتداءً من الزمن 24 ساعة نمت بكتيريا Lactobacillus fermentum متزامنة مع بكتيريا Lactobacillus brevis II وعند الزمن 40 ساعة سادت فقط بكتيريا Lactobacillus fermentum .
أظهرت نتائج سعة اختبار العجين أن استخدام دقيق القمح دون خلطه مع دقيق الشعير أعطى أعلى سعة رفع للعجين لكل من البكراري والبيوضي . كما تميز الخبز الناتج باستخدام دقيق القمح فقط مع نقيع تمور البيوضي المتخمر بأن لب الخبز كان مسامياً طرياً ، ناضجاً ، وقشرة الخبز كانت ملتصقة باللب ولم يحدث لها أي تشقق .
من هنا نستنتج بأن استخدام نقيع التمور المتخمرة يسهم في إضفاء النكهة الحامضية المرغوبة للخبز ، بالإضافة لإحداث عملية التخمر ، والمسؤول بالدرجة الأولى عن الحموضة هو تكوّن حمض اللاكتيك وحمض الخليك ، كما أن لهذه الأحماض دوراً في منع نمو الكائنات الدقيقة الأخرى المسببة للفساد ، بالإضافة لكونها تعمل على تعديل اللزوجة وبالتالي التغيير في الصفات الريولوجيكالية ( Rheological ) للعجين .
منقول...
فلسطينية_وافتخر @flstyny_oaftkhr
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
بارك الله فيك أختي العزيزه