فيضٌ وعِطرْ

فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr

فريق الإدارة والمحتوى

~*~ التوازن الداخلي بين الصمت والصوت ~*~

الأدب النبطي والفصيح

بين عالمي :
الصوت والصمت نعيش ..
في داخلنا عالم ..
وفي الخارج عالم ..
وكل منهما يسكنه .. صوت ، وصمت
وبين أحدهما والآخر ..
تواصل .. وتجاذب ..
وانقطاع .. وتنافر .
...
عالمنا الخارجي ..
ذلك الذي نعيش فيه ونعمل ونتفاعل به ..
وعالمنا الباطني ..
هو الذي يتلقى الذبذبات الخارجية ..
و يترجم مقدار سعادتنا أو شقائنا..
مقدرتنا .. أو عجزنا ..
...
القدرة الإلهية خلقت فينا هذين البعدين ..
وألفت بينهما ..
لأجل أن يعملا معاً ..
بتناغم وانسجام ..
فمن يملك قلباً مبصراً، وروحاً شفافة ..
سيشعر بالتآلف والتوافق بين عالميه من جهة ..
وبينه وبين أنسجة الخليقة بأسرها ..





صــــــــــــوت الصــــــــــمت ~
كل شيء في الكون الواسع..
له إيقاع، وشعور، وهمس ، ونغم ..
فحينما يطبق السكون وتسكن حركة الحياة..
وتهدأ كل الأصوات ..
ينبعث في خلايا الوجود صوت آخر ..
لايسمعه إلا من اتجه إليه بإحساسه ..
وأرخى قياد مشاعره نحوه
وألقى إليه سمعه ... مصغياً لنبسه ..
وأشرع نوافذ قلبه ؛ ليستقبل ذبذبات همسه..
ذلك هو.. صوت الصمت ..
تستل خيوطه الروح الجميلة بخفة ورفق ..
من نسيج الكون ..
ويتلقاه بحبٍ وشغف ..
كل ذيحسٍٍ رهيف ..وقلبٍ شفيف..
...
فإذا الكون الساكن الصامت ..
حي .. ناطق..
تستقبله كل الأحاسيس وتعي لغته..
فتسمع:
للزهور صوت وهي تتودد للضياء..
صوتٌ .. يخاطب الشعور باللون ..
والحس بالعبير ..
...
وللنسمة الرخية صوت يرق في اللمس ..
...
وللموجة صوت يدوزن إيقاع النفس الداخلي ..
...
ولقطرة الماء صوت يتألق بالجمال ..
وهي تترقرق على الوريقة الخضراء في البكور..
...
وللصخور الملساء والحجر الأصم ..
والجبال الشم ...
صوت . . يسكن في عروق الصمت ..
يسبح لله .. !
( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم )






قيل في الصمت ~
قال لقمان الحكيم لولده:
( يا بني إذا افتخر الناس بحسن كلامهم فافتخر أنت بحسن صمتك)
:
:
في عالم المادة لايتجاوز السمع حدود قدراته ..
ولكن في عالم الروح يتخطى كل الحدود...
فالروح تستقطب الأصوات من مختلف موجات الأثير ..
ليست تلك الأصوات المزعجة ..
ولكن تلك الأصوات المتناغمة الهامسة التي تمدها بالراحة ..
وتبعث فيها شعورالنشوة والسلام ..
...
عانقي الوجود من حولك بنظرة عميقة ..
وارخي حبال إحساسك الداخلي..
ستجدينه يلتقط الأصوات التي لايدركها حسك الخارجي ..
...
إن للتأمل والتفكر والتدبر ...
بوابة تفتح على مدارك البعد الآخر الذي يتصل بالروح ..
فنسمع نغم الوجود وعزف الطبيعة وتسبيحها ..
ونستشعر العالم من حولنا ..
نلتقط صوت الصمت من ذبذبات الأثير المتنائي عن عالم المادة ..
نندغم في إيقاعه ..
وندور في فلكه
ونتوحد في كيانه ..
فنغدو جزءاً لايتجزأ من منظومة الكون المتسق ..
:
:
قيل في الصمت ~
لو أني أصغيت إلى صوت الفطرة وتركت البداهة تقودني
لأعفيت نفسي من عناء الجدل ..
ولقادتني الفطرة إلى الله ..
ولكنني جئت في زمن تعقد فيه كل شيء ..
وضعف صوت الفطرة حتى صار همسا..
وارتفع صوت العقل حتى صار لجاجة وغرورا واعتدادا.
( مصطفى محمود).
:
:
وماذا عن الصوت ؟ ~
تثير فينا ذبذبات الصوت شتى الانفعالات ..
منها ماهو جميل يبعث في النفس الشعور بالراحة ..
ومنها ماهو سلبي ضار يعمل كمعول
في هدم السلام الداخلي ..
:
:
قيل في الصوت المزعج ~
و في الصباح يخيفني كل شيء ,
أصوات الشوارع , جدران البيت ,
صوت الراديو ,
ضحكات الشغالات على السلم ,
كل الأصوات , وكل الألوان , وكل الروائح ,
أشعر أن كل شيء فيه خطر.
( بهاء طاهر ).





وتأثير الصوت لو تعلمون...
أكثر حدة وأوسع حدوداً من البصر ..
فلو جربنا أن نغمض أعيننا ..
لننفصل عن مجال الرؤية ..
سندرك أن سمعنا متوزعاً في كل الاتجاهات ..
يلتقط مختلف الأصوات... ويميز الفواصل بينها ..
فللسمع إذن شمولية تتعدى قدرات البصر
ولذا جاءت الآيات القرآنية مقدمة السمع على البصر
( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ).


حقيقة علميـــــــــــــــــــــــــــة ~
من الحقائق العلمية ..
أن الأصوات المختلفة من عالمنا الخارجي ..
نستقبل إشاراتها وذبذباتها من خلال خلايا بشرتنا
وشعرنا وعظامنا ، وليس من آذاننا وحدها ..
:
:
قيل في الصوت ~
ثلاثة لاتُعلَّــم :
الشعر .. والكرم .. والصوت الحسن .
:
:
ألم تمري ذات مرة بتجربة سماع ..
بعثت فيك القشعريرة ؟
كأن طرق سمعك صوت عذب يتردد بآيات الله ..؟
دعاء يتردد جرسه من صوت خاشع ..؟
استمعت إلى قصة إنسانية بصوت مؤثر وانفعال ..؟!
كنت من محبي الصوت واللحن ..
فسرقك صوت آسر يتغنى بكلمات القلب ..
فأثار رياح الوجد وأهاج مكمن الحب ..؟!
...
إن الصوت الجميل هبة سماوية ..
تتلذذ بسماعه الأذن ..
وتشتاقه اشتياق العين للمنظر الحسن ..
وكم من صوت عذب كان له في النفوس تأثير عميق ..
وفي القلوب تحفيز لشتى ألوان المشاعر .. !
ومن عميق تأثيره هو
إما يسمو بك نحو آفاق علوية ..
أو يهوي بك إلى مزالق الضلال ..
:
:
صوت الحب ~
من أين أجمع صوت الجهات لأصرخ :
إني أحبك.
( محمود درويش ).
:
:
وصفت الأصوات والنغمات بأنها ..
الرابط بين السماء والأرض ..
وجسراً بين الخالق والمخلوق ..
فلقد بدأت من أمر : ( كن )
الإنطلاقة التي شيدت على أثرها السماوات والأرض ،
وظهر الوجود ....
ففي البداية كانت الكلمة ..
والكلمة تردد إلهي مصور أوجد عالم المخلوقات .
...
وليس الصوت الخارجي وحده يؤثر فينا ..
ففي داخل كل ّ منّا نغمات وترددات ..
ولكل واحدة تأثير على النفس أو البدن ..
وقد يرتبط ذلك باللون ، والمزاج ، والرائحة..
ولذا نجد أن كل الديانات السماوية ..
استخدمت التراتيل ، والتمتمات ..
وقد تكون غير مسموعة خارجياً ..
لكنها تتحرك في الشفاه المستغرقة في العبادة
تنبعث كل خلية بالجسم البشري ..
تلك الخلايا التي لها ترددات مختلفة وأمواج ..
كأنما موجات الصوت الداخلي..
حين تضرب الخلايا .. يرجع لها الصدى ..
فيحدث تدليكاً في مستوى الخلايا ..
يزيد الدماء فيها تدفقاً ، ويزيدها تماسكاً.





قيل في الصوت الجارح ~
ينكسر الزجاج فينتهي الصوت بسرعة ؛
وتبقى قطع الزجاج تجرح من يلمسُها .
كذلك الكلام الجارح ينتهي ؛
ويبقى القلب يتألم طويلاً..
:
:
إن عالمنا الداخلي قارة ..
ليس من الصعب اكتشاف مجاهلها ..
فهو عالم منفتح على الروح ..
وموجود في كل نَفَس ..
وفي كل دقة قلب ...
وفي كل تمتمة ..
ونحن نستطيع بسهولة ..خلق أصوات من الداخل ..
تسمح لقوة الحياة بالاهتزاز خلال أعضائنا ..
وتعيد لنا في دقائق قليلة التوازن والتناغم ..
وبذا نعالج أنفسنا بأنفسنا .
:
:
قيل في بعض الصوت ~
إنهم كذّابون.. ويعلمون أنهم كذّابون ،
ويعلمون أننا نعلم إنهم كذّابون ،
ومع ذلك فهم يكذبون بأعلى صوت.
( نجيب محفوظ )
:
:
العلاج بالصوت في الإسلام ~
ركز الإسلام على الصوت الداخلي في العلاج والاستشفاء..
من خلال الترانيم، والأذكار ، وقراءة القرآن ، والتسبيحات ..
والرقية الشرعية ..
وما دعوة تكرار تلك الأذكار إلا لتحويلها إلى سلوك حياتي ..
يوازن بين كل متعلقات الإنسان الداخلية والخارجية ..
( واذكروا الله ذكراً كثيراً ).
...
فالذكر هو تلك الكلمات والعبارات ..
التي خصها الله بمقاييس تفضيلية..
لما لها من أثر تناغمي يربط أرواحنا بالقوة المطلقة ..
والإرادة العليا التي تهبنا السعادة والأمل والرضا والتوازن ..
وتحول ضعفنا إلى قوة ..
فقول : لاإله إلا الله ..
أفضل الذكر
وقول : الحمد لله ..
أفضل الدعاء ..
...
والتلفظ بأسماء الله الحسنى وتكرارهاوالتخلق بها ذكر ..
فكل ذكر حين نردده بإيمان..
يجد له منفذاً إلى رواحنا ..
يتسلل إليها فيزودها بطاقة نورانية ..
وفيض روحاني ..
:
أخيـــــــــــــــــــــــــــراً ...

إن الصوت المستمد من ذكر الله ..
يسكن ألمنا .. ويشفي أرواحنا وأبداننا ..
ويبعث فينا الطمأنينة والسلام ..
ويجعلنا متوازنين ..
ويؤلف بين عالمينا الباطن والظاهر ..
...
صوت الذكر وهو يترد. على الشفاه ..
أو يطرق السمع ..
أو يتحدث في أعماقنا ..
كله ترانيم ذات جوهر ومفاهيم ..
تقربنا من القوة المطلقة المسيرة لهذا الوجود ..
وتربط بحبٍ .. الخالق والمخلوق ..
وعندما يتحقق ذلك تتسق وتيرة التناغم بيننا
وبين سائر الوجود ..
( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
8
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حنين المصرى
حنين المصرى
رائع جدا حرفك هنا يا فيض أسرني منذ البداية وحتى النهاية .. موضوعا وطرحا وتصويرا وتعبيرا وجمالا.. تحيتي من القلب لقلمك المبدع فقد استمتعت حتى آخر رشفة ارتشفتها من فيض قلمك الرقراق ... دمت مبدعة فيضنا ودمت بود وحب دائمين
المحامية نون
المحامية نون
الغالية فيض ...
تفصيل رائع وطرح في منتهى الجمال ...
لعالمين مختلفين الصوت والصمت ....
لكل منهما ميزة نعيش داخلها ...فيبهرنا جمال الصوت
وقد يثير فينا النفور ان تحول الى ضوضاء
ويأخذنا الصمت الى عالمه الساحر الهادئ
وتلك هي من نعم الخالق ....
ذوق رفيع في اختيار الفكرة ...
بارك الله فيك وحفظك وسدد خطاك
دونا
دونا
مابين الصمت والصوت
مابين عالمين منفصلين ومتصلين
سرت بأرواحنا الذائبة هنا وهناك
ولامست شغاف القلوب فتفتح ابوابها
لصمت حروف وصوت سطورك
بورك بحثك وقلمك وعطاؤك...
واساله تعالى ان يرزقك النعيم المقيم
حيث لاعين رات ولا اذن سمعت ولاخطر على قلب بشر
في جنان الخلد.
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
رائع جدا حرفك هنا يا فيض أسرني منذ البداية وحتى النهاية .. موضوعا وطرحا وتصويرا وتعبيرا وجمالا.. تحيتي من القلب لقلمك المبدع فقد استمتعت حتى آخر رشفة ارتشفتها من فيض قلمك الرقراق ... دمت مبدعة فيضنا ودمت بود وحب دائمين
رائع جدا حرفك هنا يا فيض أسرني منذ البداية وحتى النهاية .. موضوعا وطرحا وتصويرا وتعبيرا ...
أنت الأروع ياحنين الشعر وهمس القوافي ..!
شكراً من القلب على كل حرف ينبض بصدق التعبير
وسخاء النفس ..
بوركت شاعرة الواحة ودمت عطاء .
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
الغالية فيض ... تفصيل رائع وطرح في منتهى الجمال ... لعالمين مختلفين الصوت والصمت .... لكل منهما ميزة نعيش داخلها ...فيبهرنا جمال الصوت وقد يثير فينا النفور ان تحول الى ضوضاء ويأخذنا الصمت الى عالمه الساحر الهادئ وتلك هي من نعم الخالق .... ذوق رفيع في اختيار الفكرة ... بارك الله فيك وحفظك وسدد خطاك
الغالية فيض ... تفصيل رائع وطرح في منتهى الجمال ... لعالمين مختلفين الصوت والصمت .... لكل منهما...
الغالية نون :
شكراً لروعة مشاركتك ..
وجميل حضورك ..
بارك الله بك وجزاك كل الخير
ياطيّبة ..!