ام اليزيد

ام اليزيد @am_alyzyd

عضوة شرف في عالم حواء

التواصل فن // كيف نبني تواصلا فعالا

الملتقى العام

التواصل فن // كيف نبني تواصلا فعالا

--------------------------------------------------------------------------------

من الانتقادات العنيفة التي توجه للمسلمين اليوم أنهم يتنازعون فيما بينهم باستمرار، ولا يحسنون الحوار، كل منهم لا يسمع إلا نفسه، ويهاجم الآخرين بشراسة، وهم لذلك غير قادرين على الاجتماع على أي موقف موحد.

فلعل الوقت قد حان لتغيير ما بأنفسنا حتى يغير الله ما بنا من ضعف وهوان.

ومن وسائل التغيير: تعلم مبادئ التواصل السليم الفعال لنصبح كما علمنا الله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ولنستعن على تبليغ دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

والإسلام يشجع على طلب العلم النافع القابل للتطبيق، المرسخ لقيم الإسلام العملية بعيدا عن الأفكار الفلسفية الجدلية المضيعة للوقت والجهد.

مبادئ الاتصال الفعال

1- شرع الله هو المرجعية للمسلم في كل شئونه:

حيث لا يصح له الرجوع إلى الأفكار الوضعية إذا ما تعارضت مع قواعد الإسلام الواردة في الكتاب والسنة. فمثلاً بعض المؤلفات في فنون التعامل تستشهد بالكتابات الفلسفية، أو بإرشادات مضللة وخاطئة قالها الطواغيت الذين يعبدهم الجهلاء في الهند والصين على أنهم "حكماء"، فلا عجب أن جاءت آراؤهم قاصرة بالمقارنة بشرع الله العظيم.

2- السعادة الحقة من عند الله لا من عند الناس:

لأن رضى الناس عن المسلم ما هو إلا نتيجة لرضى الله عنه، فالله إذا رضي عن العبد وضع له القبول في السماء والأرض، وهذه هي السعادة الحقة، وفي المقابل لا يجوز إرضاء الناس على حساب رضى الله؛ لأنه "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" ومن أصبح هدفه هو الحصول على رضى كل الناس سيكتشف أن ذلك غير ممكن؛ لأن من سنن الله في الكون خلق الناس مختلفين، ولهذا فإرضاؤهم جميعا مستحيل، فمن باع رضى الله برضى الناس سخط الله عليه وأسخط عليه الناس! فالمطلوب إذن تحقيق التوازن بين ما يرضي الله وما يسعد مَنْ حولنا، مع ترجيح كفة الله إذا تعارضت مع كفة الناس.

3- {لا تزر وازرة وزر أخرى}:

فلا يمكنني تعميم خطأ بعض الناس على كل الناس، فأبدأ بالتعالي عليهم أو مهاجمتهم أو عدم الثقة فيهم جميعا دون تمييز؛ كرد فعل لما ألحقه بي بعضهم من أذى، وأبدأ بالتعامل من منطلق سلبي، فهذا مما ينهى عنه الإسلام، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا: "خالق الناس بخلق حسن"، ويعلمنا القرآن: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (الحجرات: 12) وكل هذه المبادئ العظيمة ينتج عنها تفاعل إيجابي مع الآخرين، وليتذكر كل منا أنه من جماعة "الناس" بالنسبة للآخرين، ولا يرضى لنفسه بالمعاملة السيئة، فلماذا يرضى بها لهم، والرسول يأمره أن يحب لهم ما يحب لنفسه؟!

دائرة الاتصال

تعالوا نحاول معًا -باستخدام مهارات الاتصال الفعال عن طريق الكتابة- أن نرسم وسيلة إيضاح تساعدنا على تخيل مسارات المعلومات أثناء التواصل مع الآخرين ومعوقاتها.

الأدوات المطلوبة:

ورقة مقاس A4، ومجموعة ألوان، وقلم رصاص.

خطوات التنفيذ:
1. ابدأ الرسم باستخدام القلم الرصاص على عرض الورقة، ارسم دائرة في حجم قبضة يدك في الطرف الأيمن من الورقة، ولوِّنها باللون الأزرق مثلاً واكتب بداخلها "أنا".

2. ثم ارسم دائرة مماثلة لها في الحجم في الطرف الأيسر من الورقة ولونها باللون الأحمر، واكتب فيها "هو".

3. الآن ارسم خطًّا منحنيًا يخرج من قمة الدائرة الزرقاء الخاصة بك ليصل إلى قمة الدائرة الحمراء الخاصة بالآخر، وارسم عليه أسهمًا صغيرة تبين اتجاهه من اليمين إلى اليسار، ثم اكتب فوقه بخط واضح: "إرسال".

4. ثم ارسم خطًّا منحنيًا آخر يخرج من قاعدة دائرة الآخر ليصل إلى قاعدة دائرتك، وارسم عليه أسهمًا صغيرة تبين اتجاهه من اليسار إلى اليمين، ثم اكتب تحته بخط واضح: "استقبال".

5. ارسم خطًّا متقطعًا مستقيمًا يصل بين دائرتك ودائرة الآخر من المنتصف، ارسمه عريضًا في شكل قوالب طوب، ولوِّنها بألوان كئيبة لا تحبها، واكتب داخل كل واحدة منها إحدى هذه الكلمات: معوقات، إزعاج، تشويش، ضوضاء، حواجز، سلبيات.. إلخ.

الشكل النهائي:

بيضاوي كبير، في كل طرف منه دائرة ذات لون مختلف، وفي وسطه صف متقطع من قوالب الطوب، يصل بين منتصفي الدائرتين.

اكتب على لوحتك عنوانًا كبيرًا: "دائرة الاتصال".

تعالوا الآن لنشرح هذه الدائرة المهمة التي نستعملها يوميًّا مئات المرات دون أن ندري.

ببساطة شديدة، كل واحد منا عندما يريد أن يتواصل مع إنسان آخر يكون عنده فكرة معينة أو "رسالة" message يريد توصيلها له، فيبدأ في "تشفير" encoding ما يريد قوله إلى اللغة المفهومة بينهما (سواء منطوقة أو غير منطوقة، كالإشارات والنظرات)، ثم يستخدم وسائل اتصال متعددة حتى "يرسل" هذه الرسالة المشفرة من "دائرته" إلى "دائرة" الشخص الآخر (النصف العلوي من الرسم)، وعندما تصل الرسالة المشفرة إلى الآخر فإنه يقوم بعملية " فك الشفرة" decoding أي فهم الرسالة وتحليلها، ثم يعيد إرسال "رد فعل" feedback للمرسل في صورة رسالة جديدة (النصف السفلي من الرسم)، وتستمر دائرة الاتصال ما بين إرسال واستقبال، ورد فعل، ثم رد فعل مقابل .. وهكذا إلى ما لا نهاية (نظريًّا).

ولكن –بالطبع- هذه هي الصورة المثالية، ما يحدث في الواقع أنه في معظم الأحيان توجد "معوقات" أو حواجز تُحْدِث تشويشا على عملية الاتصال الفعال نسميها noise (التي هي قوالب الطوب ذات الألوان الكئيبة).

من أهم أمثلة هذه الحواجز: النظرة السلبية المسبقة للآخر، وهو ما يسمى "قولبة" stereotyping أي وضع الناس في قوالب جامدة معدَّة مسبقا طبقا لظروف خاصة تم تعميمها على مجموعة من الناس وإصدار أحكام مسبقة عليهم، مثال: "كل الأسبان مصارعي ثيران" أو "القرويون بسطاء ومن السهل خداعهم" أو "المسلمون إرهابيون"! مع أن كل تلك الأفكار غير صحيحة على أرض الواقع، والتعامل من خلالها لا شك يشكل معوقا للاتصال الفعال.

تعريف عملية الاتصال

يمكننا الآن أن نعرِّف عملية الاتصال تعريفا مبسطا:

هي نشاط إنساني يؤدي إلى التواصل بين البشر، الغرض منه تبادل المعلومات، وهو نشاط ذو طبيعة خاصة؛ لأنه متواصل غير منقطع، لا يمكن إعادته، كما لا يمكن محوه أو عكسه.

مما سبق نستفيد عدة نقاط هامة:

1- لو تعاملنا مع الناس من خلال صورة مسبقة لم نكونها بناء على رسائلهم أو ردود أفعالهم الحقيقية فلا يمكن أن يتم أي نوع من التواصل الفعال؛ لأن هناك "تشويشا" على فهمنا، بالضبط كما لو كنا لا نتحدث نفس اللغة. الصحيح أن نبدأ التواصل في حالة من الحياد، ونجتهد في تفسير ما يَرِد إلينا من الرسائل على الوجه الصحيح، ثم نرسل رد الفعل تبعًا لذلك.

2- الشكل المثالي لدائرة الاتصال ذو طرفين Two-way communication، كل واحد منها مرسل ومستقبل في الوقت نفسه باستمرار، أما الشكل المتبع في نظم التدريس عندنا فيلغي الجزء السفلي من الرسم (الخاص برد الفعل)، ويصبح نوعًا قاصرًا من التواصل غير الفعال يسمى One-way communication أي اتصال من طرف واحد، وهو غير فعال؛ لأنه يلغي مصدرًا هامًّا للمعلومات عن مستوى استيعاب المتلقي واستعداده للمزيد من عدمه!.

هذه القواعد نفسها تنطبق على الخطاب الدعوي، فإن كنت أيها القارئ الكريم ممن يعمل بالتدريس أو الدعوة، فبالله عليك لا تمارس هذا التواصل التلقيني "القمعي" على مستمعيك، بل علمهم أن يفكروا ويبحثوا ويناقشوا ليكونوا إيجابيين، وليس مجرد متلقين سلبيين.



--------------------------------------------------------------------------------
سحر النادي
خبيرة مصرية في مهارات الاتصال.




منقول من منتديات المسك / أم إيمان
6
755

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

متفائلة2
متفائلة2
اهلا بك اخيتي ام اليزيد :26: وبما تكرمتي به علينا ...
جزاك الله خير وأحسن اليك ... ونفع به .
موضوع جد ير بالاهتمام والتمعن ...
اتمنى ان ضرفي يساعدني على المشاركة ... بما يستحق ..
تقبلي فائق الاحترام والتقدير
وفي امان الله وحفظه
ام اليزيد
ام اليزيد
متفائلة2
حياك الله ياغالية
أسعدني مرورك كثيرا

جزاك الله خيرا
بقايا المجد
بقايا المجد
رائع هذا الموضوع

ولو طبقنا كل خطواته لتغير حالنا

جزاك الله خير يا ام اليزيد على حسن الإختيار

سأنقله على الورد وأحاول تطبيقه على نفسي تدريجيا 00ثم أولادي فيما بعد
فن الكلام
فن الكلام
ام اليزيد00
موضوع ممتاز ومفيد جدا00 وشكرا لك وجزاك الله خيرا0
الواثقة من نفسها
ام اليزيد : موضوعك في غاية الأهمية لجهلنا بة وعدم ممارستة للأسف 00 جعلنا نتناسى هذا الفن

المهم بارك الله فيك
0:26: :26: