:39:الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
التواضع كلمة جميلة الكل يحب أن يتصف بها ، لأن من تواضع لله رفعه ، فالتواضع من صفات الأنبياء والمرسلين ، ومن صفات الكرماء والنبلاء باقي إلى يوم الدين ورد ذكره في القران ، والسنة وأقوال السلف . أنشد به الشعراء ومُدح به الأمراء ، وقال عن الحكماء ، من اتصف به سمى وكان من أولي النهى .
خُلق حميد، وجوهر لطيف يستهوي القلوب ، ويستثير الإعجاب والتقدير وهو من أخصّ خصال المؤمنين المتّقين ، ومن كريم سجايا العاملين الصادقين ، ومن شِيَم الصالحين المخبتين . التواضع هدوء وسكينة ووقار واتزان ، التواضع ابتسامة ثغر وبشاشة وجه ولطافة خلق وحسن معاملة ، بتمامه وصفائه يتميّز الخبيث من الطيب ، الصادق من الكاذب ..!
قال تعالى ( واخفض جناحك للمؤمنين )
فخفض الجناح كناية عن التواضع وقد قال صلى الله عليه وسلم (( إن الله قد أوحى إلي أن تواضعوا ، ولا يبغي بعضكم على بعض )) رواه بن ماجة . وقد تجلّى ذلك في حياته عليه الصلاة والسلام ، وتتلمذ في مدرسته النبوية الصحابة الكرام حتى قال الفاروق (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه من تواضعه : امرأة أصابت وأخطأ عمر .
والتواضع باقي بمن سار على نهجهم إلى يوم الدين ، وإن أخذوا أعلى الشهادات ، ونالوا أعلى الرتب ، وسكنوا أعلى المباني لا تغيرهم الظروف مهما كانت أحوالهم باقون على التواضع في كل زمان ومكان .
وقال تعالى في آية أخرى تدل على التواضع ومدح أهله (( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا )) فالمتواضع يمشي على الأرض بسكينة ووقار من غير جبرية ولا استكبار، وقد أعجبني صاحب المثل الذي قال عن التواضع ( التواضع كالأرض السهل تشرب ماءها وماء ما فوقها ) فصاحبه لا يوقفه شيء سائر متغلب على العوائق والخصوم .
ولعل ما كتبته من مقدمة يجعل القارئ يطلب التواضع أكثر ليتصف به ويكون حافزاً له للتحلي بالتواضع ، وكي نتواضع تواضعاً محموداً نؤجر عليه في دنيانا وأخرنا
جاهد نفسك وعالج زلاتها وأدِّبها لتسلك هذا الخلق الرفيع فقد قال تعالى ( قد أفلح من زكاها ) .
ومن المحفزات كذلك : استحضار الدار الآخرة وما أعده الله لهؤلاء الذين يتواضعون لوجهه الكريم ومرضاته ، وكذلك معرفة قدرك أنت كإنسان فالتواضع هو الذي يزيّن الإنسان ويحل به الكمال لإنسانيته ، وبغيره تجف المنابع وتستحقر الأمور.
ويُعد النزول لمستوى الجميع تواضعاً في مناسبته من زيارة مريض ، ومساعدة محتاج ، وعون الأهل في البيت وقضاء حوائجهم ، وغيره من الأمور المحمودة .
والمتواضع يبدأ من لَـقِـيَهُ بالسلام ، ويجيب دعوة من دعاه ، كريم الطبع ، جميل العشرة ، طلق الوجه ، رقيق القلب ، متواضعا من غير ذلة ، جواداً من غير سرف.
تواضع تكن كالنجم لاح لناظرعلى صفحات الجو وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بذاتـهإلى طبقات الجو وهو وضيع
وما يزال التواضع بأهله حتى يرفعهم الله به في الدنيا والدين وفي الآخرة في جنات النعيم.

الشامخة بعزها @alshamkh_baazha
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

مهاو القلب
•



الصفحة الأخيرة