التوبه قبل الموت

ملتقى الإيمان

التوبة قبل الموت

إذا جاءك كتاب من العمل بحذف علاوة من العلاوات ، أو خصم بمرتبك الشهري ، فماذا أنت فاعله؟ وما هو ردة فعلك ؟
سوف يضيق صدرك وسوف تحزني .. أليس كذلك ؟
ولكن ماذا لو جاءتك مديرة المدرسة أو الشركة التي تعملين فيها وأخبرك بنفسها أنك مفصوله ومطروده من العمل ، ماذا سوف تعملين ؟
إنك سوف تحزنين وتقلب الدنيا رأساً على عقب ، وتتذكري أولادك وتقول كيف هذا ؟ أنا لدي أولاد ، ولدي أقساط والتزامات ، وربما تدور بك الدنيا ويدور رأسك ، وربما تبكين أو تتوسلي إليها لكي يردك إلى العمل .. أليس هذا صحيحاً ؟
ولله المثل الأعلى .. ماذا تقولي لو أنك وقفت أمام الله جل جلاله يوم القيامة ويقول لك بنفسه: أنت مطروده من رحمتي ، وسوف تلقين في النار .

أليست هذه خسارة ؟ بل هي الخسارة الكبرى .
وربما تسألي نفسك وتقولي : لماذا كل هذا يحصل لي ؟
أقول لك : ألم تكوني أنت مسؤوله عن نفسك في طاعة الله أو عصيانه ؟
ألم تكوني مقصره في واجب من واجبات دينك ؟
لما لم تصليين ؟ لما قلدت الغرب في ملبسهم ومأكلهم وفي طريقة حياتهم؟ لما رافقت رفقاء سوء وتركت الصحبة الأخيار ؟ إنك لم تعملي من أعمال المسلمين إلا القليل ، ولم تتجرئين في تقليد سنن النبي صلى الله عليه وسلم خشية الاستهزاء بك ، أو تكاسلاً ، أو كنت تعتقدين أنه لا يناسب الزمن الذي تعيشين فيه ، وقصرت أيضاً في حق زيارة الرحم ، وقصرت في أمور دينك من صلاة وصيام وزكاة وحتى الحج لم تؤديه ، رغم أنك سافرت كل بلدان العالم إلا الحج لم تذهبي إليه ، إنك لو أحببت ربك لأطعته وأحببت داعيه ، ولكنك كنت تحبي الشيطان وتطيعنه في كل أوامره وتجيبين داعيه، والمرء مع من أحب ، وسيحشر يوم القيامة مع من أحب .
قولي لي بالله عليك ، ألم تكوني تعلمي أن الصلاة واجبة عليك ؟
بالطبع تعلمي .. ولكن الكسل والكبر والجري وراء لذائذ الدنيا أخذلتك عن القيام بها .
قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : « الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ »
ألم تعلمي أن العهد الذي بيننا وبين الكفار الصلاة ، ومن يتركها فقد يكفر والعياذ بالله ؟
وهذه فتوى لابن عثيمين في ترك الصلاة : ( إن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة , فالذي لا يصلي كافر خارج عن الملة , وإذا كان له زوجة انفسخ نكاحه منها , ولاتحل ذبيحته , ولا يقبل منه صوم ولاصدقة , ولا يجوز أن يذهب إلى مكة فيدخل الحرم , وإذا مات فإنه لا يجوز أن يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولايدفن مع المسلمين , وإنما يخرج به إلى البر ويحفر له حفرة يرمى فيها , ومن مات له قريب وهو يعلم أنه لا يصلي فإنه لا يحل له أن يخدع الناس ويأتي به إليهم ليصلوا عليه , لأن الصلاة على الكافر محرمة لقوله تعالى :( ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله ) 0
ولأن الله يقول :( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) انتهى ..

وقد ذكر الإمام الذهبي في كتابه ( الكبائر ) : أن شاباً دفن أخته في المقبرة ، وأثناء الدفن سقطت محفظة النقود في قبرها , وعند عودته إلى البيت تبين له أن محفظته ليست معه ، وتذكر أنه ربما تكون قد سقطت في القبر , فعندما رجع إلى قبر أخته وحفر ، ظهرت ناراً عظيمة من قبرها ، هرب الشاب وعلم أن أخته ماتت على سوء الخاتمة 0 وذهب ليسأل أمه : ماذا كانت تفعل أختي قبل أن تموت ؟ لأنني رأيت ناراً عظيمة تخرج من قبرها 0 قالت : لم تكن تعمل شيئاً غير أنها لم تكن تصلي الصلوات في وقتها .

أختي في الله .. فكري .. هذه حالتها لأنها كانت تصلي ولكن تؤخرها ، أحيناً كانت تصلي الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء ، فما بالك بالذي لا يصلي أبداً . هذا حالها في القبر فقط ، فما بالك بيوم القيامة .

إذاً لما الرجل يتعب ليل نهار في حفر زرعه أو بستانه ؟
لأنه يريد أن يحصد ما جنته يداه من تعب عمله ، فاليوم لك ما جنيت .

نحن اذا كنا في فصل الصيف والمكيفات تعمل والحر يكاد يقطع أفئدتنا ، لا نكاد نتحمل الحر ،فما بالك بحر يوم القيامة ألا يستحق أن تتفكري فيه أكثر ، لأن الإنسان إذا مات لا يستطيع الخروج من القبر ليعمل العمل الصالح من صلاة وصيام وزكاة وصدقة .
ألا يستحق أن تفكري في ظلمة القبر وحره ؟ وضمته على أعضاءك ؟ وأكل الديدان أجسادك ؟
هل تريدين العذاب لمجرد شهوة قضيتها في الدنيا ؟ أو صلوات لم تصليها ؟ أو قد ألحقت ظلماً بإنسان ضعيف كنت في عز جبروتك وطغيانك ؟

يا أختي .. إن أكبر نعمة هي أنك على قيد الحياة ، وتستطيع أن تقولي :
( استغفر الله ، وأتوب إليك من كل الذنوب ) ويكون مخلصة من قلبك ، ويكون العزم على عدم العود إلى الذنوب ، لأنك لومت لاينفع الندم والتوبة والإستغفار.
أختي مادام النفس يخرج منك ( اطلبي التوبة ) لأن الموت يأتي فجأة ، أو ربما يتوقف ويقف القلب ويموت الإنسان وبذلك يكون قد خسر الدارين .

هل تعرفي ماذا يعني لو أنك تركت كل المعاصي والذنوب وتبت إلى الله ؟
هذا يعني أن الله سوف يغفر لك كل الذنوب التي أسلفتها من قبل مهما كانت صغيرة أو كبيرة ، ليس هذا فحسب ، بل إن الله سيبدل كل سيئاتك إلى حسنات ، أليس هذه نعمة كبيرة ، أليس ربك غفور رحيم . قال تعالى : { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } سورة الفرقان .
كم نحن مقصرون ، وكم نحن مذنبون ، وكم من ذنب نرتكبه في اليوم والليلة ، وكم من نظرة حرام ، ومن جلسة حرام ، وكم إنساناً على وجه الأرض ينتهك حرمات الله كالزنا وشرب الخمر والقمار والسهر إلى الفجر بدون صلاة .

هل تعتقد نحن خلقنا لهذا ، أم خلقنا للعبادة والفوز بالجنة ؟
إن الله جعل النساء والأموال والأولاد فتنة لنا واختباراً وجعلها مكاناً للامتحان ، لذلك ميّز رب العالمين الإنسان عن الحيوان بالعقل لكي يستخدمه في مكانه الصحيح 0
هل الحياة صعبة بارتكاب المعاصي ؟ كلا إنها سهلة .
ولكن الحياة صعبة بكبت الشهوات ، وهذا هو الاختبار الحقيقي .
إذاً ما الفرق بينك وبين البهائم (أعزك الله) ؟ أنت تأكل وهي تأكل ، أنت تنام وهي تنام ، ولكن الفرق بينك وبينها أنك تصلين وتصومين وتقومي بباقي العبادات وهي .. لا .
لذا عليك شكر نعم الله عليك ، وذلك بالعبادات والطاعات له ، واجتناب نواهيه .

وبعد هذا ألا يكفي النظر إلى الحرام ، والسماع إلى الحرام كسماع الأغاني أو الغيبة أو مشاهدة القنوات الفضائية أو إلى المجلات الساقطة وإلى غير ذلك ، واحذر الخلوة بالنساء دون محرم فإن ذلك يؤدي إلى الوقوع في الرذيلة .
واعلم إن الله لن يعذر رجل وصل الخمسين والستين ، ويقول غداً سأتوب وغداً سأصلي وغداً سأصوم وغداً وغداً ...
وهل يا ترى بقى لك من العمر شئ بعد أن تجاوزت الخمسين أو الستين ؟ هل تعلم متى ستموت ؟ وهل مازال عندك أمل أنك تعيش أكثر مما عشته؟ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم :«أَعْذَرَ اللّهُ إِلَى امْرِىءٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً» رواه البخاري.

أنتِ !!؟ ماذا تريدين من هذه الدنيا أكثر مما أخذته ؟ هل أعطيت ربك أكثر مما أخذت ؟ كلا .
فاحذري هذه السقطة إنه من عمل الشيطان ، قال تعالى : {ياأَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} سورة لبقرة

وعمله أن يسوّف لكِ ويمنّيكِ بالأماني المزيفة وذلك منذ أن كنت صغيرةً إلى أن تكبري ويقول لك : أنت مازلت صغيره ، وعندما تنهي من الدراسة أو السفر أو الزواج أُطلُبي التوبة من الله واعملي الطاعات ، وسوف تدعوا بعد ذلك إلى دين الله ، وسوف وسوف وسوف ....
إلى أن يقبض الله روحكِ وأنتِ في عز لهوك وطيشك ،وتأتي إلى الله وهو عليك غاضب ، وبعدها تندمي وتقولي :
{ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}

أختي في الله .. هل أنت أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ بالطبع لا ..
إذاً الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي ويصوم ويطيع الله ولا يعصي أوامره ، الرسول الذي غفر الله له ذنبه ما تقدم وما تأخر كان يطيع ربه بالليل والنهار حتى تتفطر قدماه ، فما بالك أنت ، لم يغفر لك ذنبك ، ولم يكفر عن سيئاتك ومع ذلك تعصي الله وتعمل الفواحش والمنكرات وفوق هذا تريد الجنة .. سبحان الله .

أختي : هذه بعض نصائح من أخت لك تحبك في الله وتخاف عليك ، نحن المسلمين نحب بعضنا بعضاً ، ولابد أن نتناصح فيما بيننا ، وواجبي كمسلمه أن أذكّرك في الله ، وفي عذابه وغضبه { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}
وإن الإنسان يغفل عن ذكر الله وينسى { وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ } الكهف

يا أختي .. ألا تريدين النجاة من النار ؟ ألا تريدين أن تقضي باقي أيامك في الآخرة في نعيم دائم ؟
إذاً لك هذه النصيحة الغالية مني ، وهي مجمل في قوله تعالى : {فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } وتخيلي لو أنك تقضي يوم القيامة باقي أيامك في النار ، وفي العذاب الأليم مخلدةً فيها إلى أبد الآبدين ، وحتى لو خرجت من النار ، يا ترى متى سيكون خروجك منها ؟ بعد سنة ؟ أو عشرة سنين ؟ أو بعد قرناً من الزمان؟
إن اليوم الواحد في النار تمر عليك كسنين طوال ، يا ترى هل تحبين العذاب ؟ بالتأكيد لا أحد يود ذلك ، إذاً ماذا عليك أن تفعلي ؟
أرجو منك عند انتهائك من القراءة تذهبين وتتوضئين وتصلين لله , وتندمي على كل عمل عملته , وعلى كل ذنب اقترفته .
وتذكر الموت .. هذا (الموت) الذي حير العلماء على مر العصور .. كيف هو ؟ ومتى يأتي ؟ وما أماراته ؟ وما هي الروح ؟ وكيف تخرج من الجسد ؟ وأين تذهب ؟ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}

أسأل الله العظيم أن يوفقك في حياتك , وتفكري في حال الموتى ، وفي قبورهم وكيف يعذبون ، واحمدي الله أن لك بقية في عمرك لكي تتمكني من الاستغفار والتوبة ، وتحمدي الله إنك مازلت فوق الأرض وليس تحتها ، وما زال هناك فرصة للتوبة قبل أن يفوت الفوت .
ونسأل الله العظيم أن يثبتنا على ديننا ، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم ، وصلى الله على سيدنا محمداً وعلى آله وصحبه أجمعين .

لا تنسونا من دعاءكم الصالح ...

3
341

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مانجـــو
مانجـــو
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
أم زيودي .
أم زيودي .
جزاك الله خير
لمار**
لمار**
استغفرالله العظيم وأتوب إليه ,أستغفرالله العظيم الذي لاإله إلاهو الحي القيوم وأتوب إليه,,

سبحان الله ,والحمدلله, الله أكبر,لاإله إلاالله ,لاحول ولاقوة إلابالله


جزاك الله خيرا ورفع الله قدرك ورزقك من حيث لاتحتسبين