سيدة الوسط

سيدة الوسط @syd_alost

عضوة شرف في عالم حواء

التوحد.. ذلك المرض الغامض

الأسرة والمجتمع

كثير من الناس لم يسمع بكلمة "التوحد" أو Autism الذي يصفه هل الاختصاص بأنه إعاقة غامضة، أو لغز محير لم تنفك طلاسمه الغريبة بعد. أما الأهل فيصفون التوحد بأنه أمر مؤلم ومحير فهم يحاولون أن يصلوا إلى طفلهم المنسحب عما حوله ويحاولون أن يجدوا نقطة تواصل يستطيعون من خلالها أن يتواصلوا ويتفاعلوا معه.
أحاسيس الأهل من خلال كل ذلك هي أحاسيس مضطربة وتائهة، تتأرجح ما بين إحساس بالذنب كونهم قد تسببوا في هذه الإعاقة أو إحساس بالغضب تجاه كل الأحداث وسؤال معذب يطرح نفسه في كل حين: لماذا أنا؟ ولماذا طفلي؟ وإحساس بالقلق من هذا الأخطبوط الشرس الذي لا يدع جانباً من جوانب حياة الطفل إلا وأثر عليه، وإحساس باليأس كون هذه الإعاقة متلازمة مع حياة الطفل، تكبر معه وتبقى معه مدى الحياة.

يتعرض هذا المقال لبعض جوانب التوحد، بدءاً بتعريفه.. ما هو؟ ما أعراضه؟ ما أسبابه؟ كيفية تشخيص الإعاقة؟ هل هناك من علاج؟ هل من أمل؟ وأخيراً ما الخطوات التي تعقب تشخيص الطفل بالتوحد؟ وأخيراً نذكر بعض المراجع المهمة التي تتطرق لموضوع التوحد.
ما التوحد؟
التوحد إعاقة يولد الطفل بها، رغم أن أعراضها لا تبدأ بالظهور إلا في عمر سنة إلى ثلاث سنوات. وغالباً يكون التشخيص في عمر 36 شهراً من عمر الطفل وذلك عقب قلق الأهل من تأخر الطفل في تطوير المهارات اللغوية المناسبة لعمره المرحلي.
التوحد نوع من الإعاقة التي تصيب الجهاز التطوري للطفل. وهو اضطراب (DISORDER) يصيب الدماغ ويسبب التأخر في أكثر من مجال من مجالات تطور الطفل. ويتميز التوحد بقصور وتأخر في النمو في أكثر من مجال، وهو يوثر بشكل كبير على الجوانب التالية:
1 اللغة والتواصل، وهو ما يوثر على تعليم الطفل مستقبلاً.
2 العلاقات الاجتماعية.
3 قصور في مهارات الطفل في اللعب والابتكار.
4 وجود حركات متكررة وغير طبيعية مثل هز الرأس أو الجسم أو تحريك اليدين أعلى وأسفل FLAPPING HANDS.
5 استجابة غير طبيعية من الحواس تجاه المحيط.
وتختلف حدة التوحد ما بين طفل وآخر، فقد نرى طفلاً متوحداً قد انسحب كلياً من محيطه.. يفضل أن يجلس وحيداً لا يلعب مع أحد ولا يكلم أحداً ولا يسمح لأحد أن يلمسه. وفي المقابل قد نرى طفلاً متوحداً عنده الرغبة في تكوين علاقات ناجحة مع المحيط، ولكن مؤهلاته اللغوية والاجتماعية تخونه في هذا المجال... بعض أطفال التوحد يحبون أن يلفوا الأشياء أو الألعاب SPINING وهذا يعطيهم متعة كبيرة.. بعض الأطفال يحركون أيديهم في حركة متكررة وغير طبيعية.. بعض الأطفال يحبون أن يحدقوا في أجسام معينة بطريقة معينة وبدون سبب واضح للآخرين. ملخص القول أن كل طفل متوحد حالة خاصة بعينه ولهذا وجب أن يكون لكل طفل مشخص بالتوحد برنامج تعليمي خاص به يمكن أن يكون قاعدة الانطلاق بالنسبة للأهل من أجل محاولة السيطرة على جوانب التوحد.
أعراض التوحد
ما شكل أطفال التوحد؟ كيف يختلفون عن الأطفال ذوي النمو الطبيعي؟
من أجل فهم حقيقة التوحد، لابد أن نفهم أعراض التوحد، على الرغم من أن أطفال التوحد يختلفون من شخص لآخر كما قلنا إلا أن هناك الكثير من السمات أو الأعراض أو الخصائص التي تجمعهم معاً:
أولاً: اضطرابات شديدة في الكلام واللغة والتواصل:
بكل أسف فإن نسبة 40 % من أطفال التوحد لا يتكلمون على الإطلاق
MICHAEL D. POWER CHILDREN WITH AUTISM, p.4 ). بعضهم الآخر يعاني ما يسمىecholia وهو نوع من تكرير الكلام المسموع من دون فهمه. مثال ذلك: قد تسأل الأم طفلها: هل تريد قطعة حلوى؟ فيجيب بالقول: هل تريد قطعة حلوى؟ فهنا الطفل يكرر الكلام كالببغاء من دون أن يفهم المعنى أو المقصود منه. وقد يكرر عبارات سمعها أو مقطعاً من أغنية أو مقاطع من دعايات التلفاز.
الطفل المتوحد قد لا يفهم لغة الإشارات gestures مثل حركة اليد مع السلامة، أو قد لا يفهم معنى الخطر وهذا ما يوقعه في كثير من المشكلات. وقد يخلط ما بين استعمال الضمائر مثل أنا وأنت فيستعملها بالمقلوب، وقد لا يحسن استعمال الكلام كوسيلة للتخاطب والتواصل مع الآخرين وإنما إن أراد شيئاً فهو يكتفي بأن يأخذ بيد أمه إلى ما يريد.. مثلاً ياخذها إلى الثلاجة لتعطيه عصيراً أو يعتمد على نفسه فيجلب كرسياً ويصعد من أجل أن يحصل على ما يريد.
هو لا يبدأ الحوار أو في فتح موضوع ما بينه وبين شخص آخر حتى لو كان الشخص مقرباً إليه.
الطفل المتوحد قد يكتفي بإجابة الأسئلة بنعم أو لا من دون أي تفصيلات. وهو غير قادر على أن يتكلم عن تجاربه اليومية وعما عمل في يومه فهو لا يستطيع التعبير عن ذلك.
قد لا يملك الطفل سيطرة على نبرة صوته فقد يتكلم بصوت عال جداً أو بصوت خفيض صعب الفهم. وهو قد يقف قريباً جداً من متكلمه أثناء الكلام.
وعادة ما يتجنب الطفل المتوحد النظر المباشر فهو إما لا ينظر في وجه متحدثه أو أنه ينظر من خلال عينيه وليس إليه، كما أن تركيزه قصير المدى، ومن السهل جداً أن يتبعثر اهتمامه لأتفه الأسباب، فهو لا يستطيع أن يركز لمدة طويلة وهذا ما يضيف صعوبة في تعليم الطفل تكرير العبارات من أجل التعلم.
ثانياً: الفشل في تطوير علاقات اجتماعية طبيعية:
لا يتفاعل أطفال التوحد مع المجتمع المحيط بهم مثل ما يتفاعل الطفل الطبيعي، فهذا الطفل قد يكتفي بأن يتفرج على الأطفال وهم يلعبون بدل أن يشاركهم اللعب.. قد يفضل أن يكون وحيدا ًبدل أن يكون مع الآخرين.
يعاني الطفل من مشكلات وصعوبة شديدة في التعبير عن أحاسيسه ولهذا قد يظهر نوعاً من أنواع التعلق الشديد بلعبة معينة أو حدث معين. يبدو الطفل كأنه غير مهتم بوجود الآخرين.. وإذا حدث وأن حاورهم فهو لا ينظر في عيني من يكلمه. قد يبدو الطفل كأنه فاقد للإحساس تجاه الآخرين، فلا يريد أن يشاركهم أحاسيسهم أو أن يحضن من قبل الوالدين أو أي أحد، وإذا حضن فهو يستعمل يديه وقدميه معاً من أجل الابتعاد عن أمه أو أبيه، ويعود السبب في ذلك إلى قصور العلاقات الاجتماعية أولاً ومن ثم شدة حساسية الطفل المتوحد تجاه حاسة اللمس وهو ما سنتكلم عنه فيما بعد.
عادة لا يميل الطفل إلى تكوين أصدقاء، وإذا حدث فسيكون عنده صديق واحد متعلق به ويكون هذا الصديق هو القائد في طريقة اللعب، وما على الطفل المتوحد إلا أن يتبعه وذلك لقصور الابتكار في اللعب عند الطفل. وتحكم هذه العلاقة الكثير من القوانين والقواعد التي ينشئها الطفل من أجل أن يحافظ على روتين حياته اليومي.
ثالثاً: تعلق غير طبيعي بالأحداث أو الأشياء:
الطفل المتوحد له علاقة غريبة ومحيرة بالمحيط، فهو قد يستمتع بلف الأشياء بدل اللعب بها على الصورة المطلوبة، ونجد أن عنده تعلق غير طبيعي بالروتين، وأي اختلاف في روتينه اليومي أو ما اعتاد عليه قد يؤدي إلى ظهور نوبة غضب شديدة لأتفه الأسباب. مثال ذلك نجد أن طفلاً متعوداً على أن يتفرج على برامج تلفزيونية بشكل مبالغ فيه وهذا عائد بشكل ما إلى أن التفرج على التلفزيون لا يتطلب أخذاً ورداً بين الطرفين، وإنما فقط الاستماع من قبل الطفل. فاذا كان الطفل متعوداً على أن يتفرج في ساعة محددة من النهار فإذا اختلف الجدول لانقطاع في الكهرباء أو لسبب عائلي أو غيره، فإننا نجد الطفل المتوحد يعاني من نوبة عصبية بسبب رغبة الطفل في المحافظة على الروتين اليومي. ولعل السبب في هذه الرغبة تجاه الروتين هو رغبة الطفل في أن يعرف ماذا سيأتي.. ماذا سيتوقع وهذا ما يعطيه سيطرة أكبر على محيطه. ومثال ذلك محاولة الطفل السيطرة على محيطه فالطفل يسأل الأم: ماذا سنفعل الآن؟ الجواب من الأم: سنذهب مثلاً إلى الحديقة. ومن ثم يسأل الطفل مرة أخرى وبعد ذلك ماذا سنفعل؟ وتجيب الأم سنتغدى مثلاً ويسأل مرة أخرى: ماذا بعد ذلك؟!. هذه الأسئلة رغم أنها تسبب إزعاجاً للوالدين لأنهم لابد أن يقرروا ماذا سيفعلون طيلة النهار وأنهم إذا قالوا أمراً فلابد أن يلتزموا به أمام أولادهم، فإنها تمنح الطفل شعوراً بالسيطرة والثقة بقدراته على مواجهة العالم المضطرب من حوله.
هذه العلاقات والتعلق غير الطبيعي بالأشياء أو الأحداث من حوله، من الممكن أن تعالج في الطفل مع التدريب المستمر المناسب لحالة كل طفل على حدة.
رابعاً: استجابة غير طبيعية من الحواس الخمسة تجاه المؤثرات الخارجية:
الحواس بكل ما تشمله من لمس، شم، إحساس، نظر وسمع.. تتأثر عند الطفل المتوحد لسبب لا يعرف تفسيره بعد. وعند الطفل حساسية مفرطة تجاه اللمس ولذلك فإنه يقاوم أن يلمسه أحد أو أن يحضن من قبل أقرب المقربين إليه، وإن حضن ضد رغبته فإنه يقاوم ويدفع يديه وقدميه محاولاً التملص من هذا اللمس العنيف في مفهومه.
أما السمع فإنه يتأثر أيضاً بشكل كبير، فمثلاً نجد أن الطفل يرتعد من الصوت الآلي، وإن كان الصوت لا يمت إلى محيط الطفل بصلة. مثال ذلك: الطفل في البيت وتأتي سيارة نقل القمامة في الشارع وتصدر جلبة عالية، فإذا بالطفل يصاب بنوبة عصبية شديدة ويصرخ ويسد أذنيه نتيجة الصوت العالي الذي لا يقدر أن يتحمله. مثال آخر على حساسية الطفل تجاه حاسة السمع: أنت في السوق والناس ينادي بعضهم بعضاً، الإنسان العادي عندما يعرف أن النداء غير موجه إليه فإنه لا يبدي تركيزاً تجاه الخطاب أما الطفل المسكين فإنه لا يتمكن من عمل "فلترة" للأصوات المهمة أو التي لا تخصه، وبالتالي فإنه يتعب من سماع كل المعلومات في درجة واحدة من الاهتمام. على النقيض من ذلك هناك بعض الأطفال المتوحدين الذين يتصرفون وكأنهم لا يسمعون رغم أن سمعهم سليم، فنرى الواحد منهم لا يستجيب لمناداته باسمه، أو أن الوالدين يحتاجان إلى أن يكررا الكلام مع الطفل وطلب أن يبدي بعض الانتباه حتى يستجيب لهما.
أما بالنسبة للنظر فإن بعض الأطفال يظهرون اهتماماً غريباً بالألوان البراقة أو يحدقون في بقعة معينة لمدة من الزمن من دون أي هدف مفهوم للآخرين، كما يتأثر بالشم والذوق أيضاً ولكن بدرجة قليلة.
ولا يعلم إلى الآن ما سبب هذه الحساسية المفرطة تجاه الحواس واستقبال أطفال التوحد للموثرات الخارجية، لكن في نفس الوقت لابد من القول إنه ليس كل طفل متوحد يبدي تأثراً بهذه الحساسية فهم يختلفون وكل طفل هو حالة بعينها.
خامساً: تأخر واختلاف النمو:
الأطفال الطبيعيون يتطور نموهم وفق معدلات عامة، يسير معظم الأطفال طبقاً لها وإن اختلفوا فيكون الاختلاف ضمن المعدل الطبيعي. أما الطفل المتوحد فإن كل نموه مختلف، وخاصة في الجوانب اللغوية والاجتماعية والعقلية. أما بالنسبة للتطور الجسدي فهو يسير بشكل عام في المستوى الطبيعي أو يتأخر بشكل ضئيل. ويجمع بعض الأطفال بين التوحد وأمراض أخرى مثل التخلف العقلي أو الانفصام أو مشكلات لغوية كبيرة، فبعضهم يكون عنده مشكلات وإعاقات جسدية تزيد في تأخر حالتهم العامة.
ويلاحظ أن بعض أطفال التوحد يتعلمون الكلام بشكل ممتاز في بداية حياتهم، وفجاة ومن دون أي مقدمات أو أسباب يفقدون هذه اللغة المنطوقة وهو ما يسمى ب regretion أي العودة إلى الوراء وهنا أيضاً لم يقدم لنا العلم أي تفسير يوضح سبب ذلك.
ويصف أهل أطفال التوحد ابنهم منذ الصغر قائلين "هناك شيء غريب. شيء ما ليس في محله وقد لا يستطيعون أن يعلموا ما هو بالضبط، كثيرون يقولون ابني مختلف ولا أدري لماذا؟ ولكن مع مر السنين الثلاثة الأولى تبدأ الصورة تتضح ويبدأ القول: لابد من زيارة الطبيب لمعرفة ما العلة خاصة أن التوحد أمر غير معروف لعامة الناس بل حتى في الأوساط الطبية خاصة وأن عهد اكتشافه كتشخيص طبي يعود إلى عام 1943 وهي مدة قصيرة نسبياً لتاريخ التوحد.
في الحلقة المقبلة نستكمل الحديث عن أعراض مرض التوحد ثم نتحدث عن أسبابه وكيفية تشخيصه والتعامل مع الطفل المصاب به.

المجتمع
2
1K

هذا الموضوع مغلق.

كهرمان
كهرمان
مشكوره كثييييييييييييييييييييير اختي سيدة الوسط على هالمعلومات القيمه جدا واللي احتاجها كثير
انا عندي ولد خالتي عندو اشتباه في انو يكون طفل توحدي وامه تعبااااانه كثير معاه بس كنت بسئل هل في مدارس تعتني فيهم وهل بالامكان علاجهم
اتمنى ان تعطيني ولو بارقة امل لاو الولد كان من احلى مايكون وفجأه اصبح شخص ثاني والبعض قال انو بسم الله عليه مسكون اتمنى تفيديني
ولك مني جزيل الشكر
ابو حنان
ابو حنان
السلام عليكم

اختي الكريمه....

مسكون.... كلام غريب..

افيدك اختي الن الطفل ان تم تشخيصه على انه توحد وهذا يسلتزم اخضاعه الى مجموعه من الاختبارات والفحوصات فان هناك مدارس ومراكز تعنتي بحالة هؤلاء الاطفال .

ودون ادنى شك اوؤكد انهم يتعلمون ويتاهلون ويتدربون وممكن ان نغير في مجمل سلوكهم.

تحياتي