بنت الهجر @bnt_alhgr
عضوة نشيطة
التوحيد .. بيان فضله ..
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد .. بيان فضله ..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيد الأولين والأخرين وعلى آله وأصحابه واتباعه إلى يوم الدين أما بعد,
اعلم أرشدك الله لمحابه بأن تحقيق التوحيد هو الغاية من خلق الخلق قال تعالى { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
قال ابن عباس رضي الله عنه : كل أمر بالعبادة في القرآن فهو التوحيد. .
وقال صلى الله عليه وسلم: " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ". أخرجاه في الصحيحين
بل واعلم رحمك الله بأن التوحيد هو أول الأوامر وضده الشرك وهو أول النواهي في جميع الشرائع السماوية قال تعالى { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } وقال عز وجل { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ } .
واعلم وفقك الله بأن المسلمين مع التوحيد هم على ثلاثة مراتب وهي:
1- منهم من يأتي بأصل التوحيد ويموت عليه:
ضابطه: السلامة من الشرك الأكبر ولكنه لم يسلم من الشرك الأصغر.
ثمرته : قال أهل العلم إن من هذه حاله يعذبه الله ابتداءاً لعموم قوله تعالى { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }
ولقوله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ " وهذا الحديث يدل على أن من لقي الله وهو يشرك به شيئاً وأقل الشرك هو الشرك الأصغر فلابد له من دخول النار , لأن مطلق الشرك دقه وجله لا يغفره الله إن مات عليه العبد , فمن مات وهو متلبس بشرك أصغر مثل الحلف بغير الله أو الرياء أو اعتقاد ما ليس بسبب أنه سبب – مثل لبس التمائم - فلابد له من العذاب ابتداءاً ولكنه يسلم من الخلود في نار جهنم ومآله إلى الجنة قطعاً بسبب سلامته من الشرك الأكبر وإتيانه بأصل التوحيد.
وقال بعض أهل العلم أن من يموت وهو متلبساً بشرك أصغر هو تحت المشيئة , والأدلة دالة على خلاف هذا كما تقدم والله أعلم.
2- منهم من يأتي بالتوحيد الواجب ويموت عليه:
ضابطه: السلامة من الشرك الأكبر والشرك الأصغر والبدع ولم يسلم من كبائر الذنوب.
ثمرته : قال بعض أهل العلم إن التوحيد الواجب يُكفر الذنوب بدلالة قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: " حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا " وما جاء في صحيح مسلم من الحديث القدسي: " وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً " .
وقال غيرهم إن الجنة لا تدخلها إلا نفسٌ طاهرة وإن أهل الكبائر إن ماتوا عليها هم تحت المشيئة يوم القيامة ومآلهم إلى الجنة , أو يطهرون بفتن الدنيا كالأمراض والآلآم والمصائب أو بفتنة القبر وعذابه بدلالة حديث الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَقَالَ: " إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ " .
قلت: فكيف بباقي الكبائر كالزنا والربا أعاذنا الله وإياكم؟
3- منهم من يأتي بكمال التوحيد ويموت على ذلك:
ضابطه: السلامة من الشرك الأكبر والشرك الأصغر والبدع وسائر الكبائر وبعض المباحات.
ثمرته : دخول الجنة بدون حساب ولا عذاب والدليل قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ }
وما جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْأُمَّةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ هَؤُلَاءِ أُمَّتِي قَالَ لَا وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قَالَ هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ وَهَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ قُلْتُ وَلِمَ قَالَ كَانُوا لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ".
تنبيه: قولهم بعض المباحات هي ما جاءت في هذا الحديث من طلب الرقية والكي فقط.
ففعلهما جائز ولكنهما تَحرِمان فاعلهما أو أحدهما من كمال التوحيد الموجب لدخول الجنة مع السبعون الف بغير حساب ولا عذاب.
وقد قال بعض أهل العلم أن استدامة طلبهما والمسارعة في فعلهما أو أحدهما هو الممنوع على من أراد كمال التوحيد فإن فعله عَرَضَاً لا يؤثر إن شاء الله وتركه أولى , والله اعلم.
فالعاقل الحازم المؤمن بالله يحرص على ما ينفعه لقوله عليه الصلاة والسلام: " احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ " وتحقيق التوحيد هو الأمن التام والنفع الخالص للإنسان لو كان يعقل قال تعالى { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ }
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على المسلمين فقالوا: يا رسول الله فأينا لا يظلم نفسه؟ فقال: " ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى ما قال لقمان لابنه وهو يعظه: "يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ".
ولا تكن وفقك المولى ممن يتعلق بقوله تعالى{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } وينسى بقية الأية { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ }
قال ابن كثير رحمه الله: قوله{ ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ } أي الشرك والعظائم من الذنوب.أهـ
وخطأ ابن الجوزي رحمه الله من يتعلق بآيات الرحمة وهو واقع في المعاصي من وجهين قائلاً:
أحدهما: أنه نظر إلى جانب الرحمة ولم ينظر إلى جانب العقاب.
والثاني: أنه نسي أن الرحمة إنما تكون لتائب كما قال عز وجل {وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ} وقال {وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْء فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}، وهذا التلبيس هو الذي يهلك عامة العوام.أهـ
أسال الله لي ولكم ولوالدينا أن يتقبلنا وإياهم بالتوحيد الكامل الموجب لدخول الجنة بدون حساب ولا عذاب
وصلي اللهم على شفيعنا وحبيبنا نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
__________________
3
451
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
حكايه صبر
•
جزاك الجناااااااان ومناااااازل الرحمن....والله يبارك لك فى عمرك...وجعله ربى فى موازين حسناتك...
الصفحة الأخيرة