التوكل على الله سبحانة وتعالى ودرجات التوكل
بسم الله الرحمن الرحيم
التوكل على الله
خالد بن عبد الرحمن الشايع
دار الوطن
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. أما بعد:
فإن للتوكل على الله تعالى منزلة عظيمة في الإسلام، يلحظها من تأمل النصوص الواردة فيه، وكل عبد مضطرٌ إليه، لا يستغني عنه طرفة عين، كما أنه من أعظم العبادات من جهة توثق صلته بتوحيد الرب سبحانه، يقول تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ . في هذه الآية أمر من الله تعالى لنبيه أن يتوكل عليه سبحانه وتعالى، وألا يركن إلا إليه؛ لأنه الحي الذي لا يموت، وهو القوي القادر سبحانه وتعالى، ومن يتوكل عليه جل وعلا فهو حسبُه، أي كافيه ومؤيدُه وناصرُه، ومن توكل على غير الله، فإنما يتوكل على من يموت ويفنى، والضعف والعجز يعتوِرُه من كل جهة، ولأجل ذلك فالمتوكِّل عليه يضيع ويزيغ، وكل من اعتمد على غير الله فقد ضل سعيه.
فدلّ ذلك على فضل التوكل على الله جل وعلا وتعليق القلب به سبحانه.
والتوكل معناه: صدق اعتماد القلب على الله عزوجل في استجلاب المصالح ودفع المضار، من أمور الدنيا والآخرة كلها، وأن يَكِلَ العبد أموره كلها إلى الله جل وعلا، وأن يحقق إيمانَه بأنه لا يعطي ولا يمنع، ولا يضر ولا ينفع: سواه جل وعلا.
وقد حَضَّ الله عباده المؤمنين على التوكل في مواضع عديدة من الكتاب العزيز، وبيَّن سبحانه ثمراته وفضائله:
ومن ذلك قوله سبحانه: وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ، وقوله عزوجل: وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ، وقوله تعالى: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، وقوله جل وعلا: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ، وقال سبحانه واصفاً عباده المؤمنين في معرض الثناء والمدح: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ .
وفي السنة المطهرة تكاثرت النصوص الموضِّحة لأهمية التوكل والحضِ عليه، ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه : { لو أنكم توكَّلون على اللّه حق توكله، لَرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خِماصاً، وتعود بِطاناً }.
قال الحافظ ابن رجب رحمه اللّه: ( هذا الحديث أصلٌ في التوكل، وأنه من أعظم الأسباب التي يُستجلب بها الرزق )، قال اللّه عزوجل: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
دخل أحد الصحابة مسجد رسول الله سلى الله عليه وسلم في غير وقت صلاة فوجد غلاما لم يبلغ العاشرة من عمره
قائما يصلي بخشوع أنتظر حتى إنتهى من صلاته فجاء اليه وسلم عليه
وقال له إبن من أنت
فطأطا الغلام رأسه وإنحدرت دمعة على خده تم رفع رأسه وقال ياعم إني يتيم الاب والام
فرق له الصحابي وقال له يابني أترضى أن تكون إبنا لي ؟
فقال الغلام هل أدا جعت تطعمني ؟
فقال نعم
فقال الغلام هل إدا مرضت تشفيي؟
قال الصحابي ليس إلى دلك سبيل يابني
قال الغلام هل إدا مت تحيني ؟
قال الصحابي ليس إلى دلك سبيل
فقال الغلام فدعني ياعم
للدي خلقني فهويهدين
والدي هو يطعمني ويسقين
و إدا مرضت فهو يشفين
والدي يميتني تم يحين
والدي أطمع أن يغفر لي خطيئتيي يوم الدين
سكت الصحابي ومضى لحاله وهو يقول
أمنت بالله من توكل على الله كفاه
لقد غابت معاني التوكل
وصار التعلق بالجوارح
والدرهم والدينار
فشقيت البشرية لهده المادة الظاغية
سبحان الله
هدا حال أطفال الصحابة مع التوكل
فماهو حال رجالنا اليوم مع التوكل
فمن هو البطل
فمن هو الشجاع
الدي يربي إبنه على القرأن الكريم
وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
درجات التوكل
( من كلام ابن القيم في مدارج السالكين)
1 - الأولى: معرفة الرب وصفاته من قدرته وكفايته وقيوميته وانتهاء الأمور
إلى علمه وصدورها عن مشيئته وقدرته واليقين بكفاية وكيله
وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك
2 - الثانية : إثبات الأسباب ورعايتها والأخذ بها
3 - الثالثة: رسوخ القلب في مقام التوحيد
4 - الرابعة: اعتماد القلب على الله واستناده إليه وسكونه إليه بحيث
لا يبقى فيه اضطراب من تشويش الأسباب ولا سكون إليها
وطمأنينته بالله والثقة بتدبيره
5 - الخامسة: حسن الظن بالله عز وجل
6 - السادسة : استسلام القلب لله وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعته
7 - السابعة : التفويض: هو إلقاء العبد أموره كلها إلى الله ، وإنزالها به طلبا واختيارا
لا كرهاً واضطراراً. والتفويض هو روح التوكل ولبه وحقيقته
8 - الثامنة: الرضا
ويمكن اعتبار درجات للتوكل كما يلي
1- الأولى : أن يكون المتوكل حاله في حق الله سبحانه والثقة بكفالته
وعنايته كحاله في الثقة بالوكيل
( هذا توكل العامة)
2- الثانية: حال المتوكل مع الله تعالى كحال الطفل مع أمه فإنه لا يعرف غيرها
ولا يفزع إلى أحد سواها ولا يعتمد إلا إياها والفرق بين هذه الدرجة والأولى
أن هذا متوكل وقد فني في توكله عن توكله إذ ليس يلتفت قلبه إلى التوكل وحقيقته
بل إلى المتوكل عليه فقط وهي أقوى من الأولى
3- الثالثة: أعلاها ، وتكون باستسلام القلب لله وانجذاب دواعيه كلها إليه
وقطع منازعته ، ويكون بين يدي الله تعالى في حركاته وسكناته
مثل الميت بين يدي الغاسل لا يفارقه
من توكل على الله فهو حسبة
الامــيــرة01 @alamyr01
عضوة مميزة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خير