annonon2016

annonon2016 @annonon2016

عضوة جديدة

التيسير منهج الإسلام

ملتقى الإيمان

اليسر والسماحة
في الإسلام إعداد أ د . فالح بن محمد الصغير كلية أصول الدين – جامعة الإمام
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين ، وبعد :
إن الإسلام هو الدين الذي اختاره الله – تعالى – لعباده ، منذ أن خلق الخليقة الأولى آدم عليه السلام ، يقول الله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ )(سورة آل عمران الآية 19 ) . ويقول أيضًا : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ )(سورة آل عمران الآية 85) . وجعل لهذا الدين محورًا واحدًا إلى يوم القيامة ، هو توحيده جل وعلا ، وهو المحور الذي كان يدعو إليه الأنبياء والرسل أقوامهم وأتباعهم ، يقول جل ثناؤه : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)(سورة النحل الآية 36 ) . وقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(سورة الذاريات الآية 56) .
ولكن أحكام هذا الدين كانت تختلف من رسالة إلى أخرى ، وكانت تلك الأحكام مقتصرة على أقوام وأفراد في زمان ومكان محددين ، ولا تدوم أحكام أية رسالة بعد وفاة نبيها لأمد طويل ، فسرعان ما يعتريها التحريف والتبديل ، فيفسد التوحيد عند الناس ، وتعم المعاصي والمظالم ، حتى يرسل الله تعالى نبيًّا آخر يجدد للناس دينهم ، ويردهم إلى توحيد الله وهديه ، هكذا كانت سنة الله – تعالى – في الأمم السابقة .
حتى بعث الله – تعالى – آخر رسله صلى الله عليه وسلم ومعه آخر رسالة ، فجاءت هذه الرسالة عامة للإنس والجن ، والأبيض والأسود ، والعرب والعجم ، وهي الرسالة التي حملت مضمونين جديدين ، هما الرحمة والعالمية ، لقوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)(سورة الأنبياء الآية 107 ) .
إن هذا الدين العالمي الذي يخاطب الناس كافة ، بجميع أعراقهم وأطيافهم ، في كل أرجاء الأرض ، لا بد أن يتميز بصفات وخصائص تتناسب مع أحوال الناس وظروفهم في البلاد المتفرقة من العالم ، فجاء يحمل في أحكامه وتشريعاته التيسير والسعة ، فلا تخلو فريضة من الفرائض ولا شعيرة من الشعائر إلا وقد أضفى عليها الله – تعالى – من اليسر ما يجعل الإنسان قادرًا على تطبيقها والقيام بها على الصورة التي أرادها الله – تعالى – ورسوله صلى الله عليه وسلم ، لأنه – عز وجل – لا يكلف النفس فوق طاقتها أبدًا : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)(سورة البقرة الآية 286 ) .
وتتوضح لنا هذه الحقيقة في رسالة الإسلام بشكل أكثر عندما تتم المقارنة بين ما كانت عليها الأمم السابقة من المشقة والعنت ، وما صارت عليه أمة الإسلام من يسر وسهولة ، يقول الله تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(سورة الأعراف الآية 157) .
فقد خفف الله – تعالى – عن عباده الأغلال والأثقال التي كانت ترافق شرائعهم فتثقل بها كواهلهم ، وتصعب معها حياتهم ، وهذا فضل كبير من الله – تعالى – لهذه الأمة ، ولم يكن ذلك أمرًا عارضًا وإنما لحكمة يعلمها الله ، أرادها لعباده تمشيًا مع فطرهم وإعانتهم في أداء طاعاتهم وعباداتهم ، ومن ثم تحقيق مصالحهم في شؤونهم كلها ، فكل حكم أو تشريع يحمل معه مصلحة للناس في أنفسهم وأموالهم وأولادهم ، وغيرها .
وإذا أردنا أن نخوض في أعماق مبدأ التيسير والسماحة في دين الله – تعالى – فإننا سنجد أنفسنا أمام بحر زاخر من الشواهد والنصوص والأحداث التي تقر هذا المبدأ وتحث المسلمين على انتهاجه واتباعه، ولا يعني إقرار هذا المبدأ تحكيم الأهواء والرغبات ، وتحقيق المصالح الشخصية من وراء ذلك ، فقد يستغله ضعاف الإيمان لتحكيم أهوائهم ورغباتهم ويجعلون هذا يسرًا أو سماحة ، بل اليسر والسماحة يجب أن تكون مبنية على مصادر التشريع الأصلية وهي القرآن الكريم والسنة والنبوية والإجماع .
1
130

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ورد وشوك رمان
ورد وشوك رمان
سبحان الله
الحمدالله
الله اكبر
لا اله الا الله