

كنتُ احلم أن أراك يا صغيري كبيراً ..
و كبرت .. فـ أصبحت احلم أن أراك متزوجاً ..
و تزوجت .. فـ أصبحت أنتظر رؤية ابناءك .. بـ فارغ الصبر ..
و ها هم قد أتو .. و أتى فلذة كبدي .. لـ يفتت كبدي .. من أجل فلذة كبده ..

عواصفٌ قاتلة تقتلع أفئدة من كنا و ما زلنا فلذات أكبادهم ..
تساقوا من الحياة مرارتها .. لـ يسقوننا حلاوتها .. فـ إذا بنا نرشقهم بـ مرارتها ..
كم من ابنة مطيعة بارة .. تحفظ حقوق والديها و تطيعهما ..
و لكن عندما يأتي الأمر عند ابناءها تنسى البر و أصوله و لـ ربما نست الأدب و الاحترام ..
فها هي ترضى لـ ابنها الصغير أن يتطاول على والديها بـ دون أن تقول له شيئاً ..
و المصيبة و الكارثة العظمى .. من ترضى لـ أطفالها بـ أن يمدوا إيديهم على والديها ..
و تقول بكل سخافة يحملها عقلها .. ضرب أطفال .. ما هو معورهم و لا مزعلهم ..
و تعلق كل تلك التصرفات تحت شماعة .. ما زالوا أطفالاً .. لا يفقهون ما يقولون ..
و لم تعلم أنها هي التي لا تفقه شيئاً .. بل ربما كانت أشد جهلاً من الطفل الصغير ..
فـ الطفل لا يدرك .. و لكنهُ يُعَلم و يُهَذب .. فـ كيف بـ من يدرك و عليه واجب التعليم و التهذيب ..
نسيت دورها عندما أتى الحق في أرضها .. و رفعت صوتها عندما أتى في أرض غيرها ..
كل الحقوق تراها .. إلا الحقوق التي تنزع من نفسها شيئاً ..
كل الحقوق تنادي بها .. إلا الحقوق التي لا تعطي نفسها شيئاً ..

هذا نداء أبعثهُ لـ كل الابناء ..
أن كان لكم في مشوار الأمومة خمس أو عشر أو عشرين سنة ..
فـ والديكما لهما ضعف المشوار ..
أن أحببتم طعم الأمومة و ما زلتم تستلذون بها ..
فـ هم لا زالوا جياع لـ طعم من كانوا يملؤون المنزل عليهم يوماً ..
أن كنتم متشوقين أن تروا أطفالكم كباراً ..و تروا نجاحهم ..
فـ هم في شوقٍ أكبر أن يرونكم سعداء هانئين مطمئنين ..

لـ تبقى في الذاكرة بعض الذكرى ..
تذكروا .. بـ حجم الدموع التي ذرفتوها على أولادكم .. هم ذرفوا أكثر ..
تذكروا .. بـ قدر الألم الذي حملتموه و أخفيتوه .. هم تألموا و عانوا أكثر ..
تذكروا .. بـ عدد التضحيات التي قدمتموها لهم .. هم قدموا و أعطوا أكثر ..
تذكروا .. بـ كم الخوف و القلق و سهر الليالي .. هم لاقوا أكواماً مما لاقيتم ..
تذكروا .. بـ بركم لهم .. سـ تجدون البر .. و بـ عقوقكم لهم سـ تجدون العقوق ..


أين الضجيج العذب والشغب *** *** أين التدارس شابه اللعب
أين الطفولة في توقدها *** *** أين الدمى في الأرض والكتب
أين التشاكس دونما غرض *** *** أين التشاكي ما له سبب
أين التباكي والتضاحك في *** *** وقت معاً والحزن والطرب
أين التسابق في مجاورتي *** *** شغفاً إذا أكلوا وإن شربوا
يتزاحمون على مجالستي *** *** والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجّهون بشوق فطرتهم *** *** نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدهم (بابا) إذا فرحوا *** *** و وعيدهم (بابا) إذا غضبوا
وهتافهم (بابا) إذا ابتعدوا *** *** ونحيبهم (بابا) إذا اقتربوا
بالأمس كانوا ملء منزلنا *** *** واليوم ويح القوم قد ذهبوا
كأنما الصمت الذي هبطت *** *** أثقاله في الدار إذا غربوا
ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنهم في *** *** القلب ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفت *** *** نفسي وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم *** *** في الدار ليس ينالهم نصب
وبريق أعينهم إذا ظفروا*** *** ودموع حرقتهم إذا غلبوا
إني أراهم حيثما اتجهت*** *** عيني كأسراب القطا سربوا
زر والديك وقف على خبريهما *** *** فكـأنني بـك قد نقـلت اليهــــــما
ما كان ذنبهـما إليك فطــــالـما *** *** منحاك محض الود من نفسيهما
كانـا اذا ابصـرا بــــــــك عـلة *** *** جزعا لمـا تشكوه وشق عليهما
كانـا اذا سمعـا انينك أســــبلا *** *** دمعـيهما أسـفاً عـلى خديــــهما
وتمـنيا لو صادفـا لك راحـــة *** *** بجميع ما يحـويه ملـك يديهمـــا
أنسـيت حقهما عشية أُسكـــنا *** *** دار البـلاء وسكنت في داريـــهما
فـلتـلحـقنــــهما غـداً او بعده *** *** حتـماً كما لحـقا هما ابويهـــــما