الجريمة الكاملة غير موجودة , هكذا يقول أهم علماء الجريمة في العالم . وهو قول صحيح نسبيا لأن ما من مجرم إلا ويخلف وراءه أثرا يدل على هويته ويكتشفه محقق بارع . ولكن ماذا عن الجرائم التي لا اراقة دماء فيها ولا جثث ؟
هي جرائم تقترف بالملايين كل يوم , في البيوت واماكن العمل , سلاحها ناصع البياض , لا مسدس فيه ولا سكين , هو مجرد كلمة أو نظرة أو موقف. جرائم لا يحقق في أمرها أحد لأن ما من شكوى تقدم بصددها إلى المحاكم . وهي مع ذلك تترك ضحيتها مدمرة , مسلوبة الإرادة والهوية , تتركها جثة هامدة على المستوى .النفسي والمعنوي
قصدنا في ما سبق جرائم العنف النفسي التي ترتكب في الخفاء , في ظل شرعية البيت الزوجي أو في أطار العمل أي علاقة يكون هدف أحدهما إلغاء الآخر , لا جسديا بل معنوياً. فالبقاء الجسدي للآخر مطلوب ومرحب به حتى تظل عملية التدمير النفسي موجودة ومستمرة , يرشق منها المعتدي لذة العيش تتم هذه الجريمة المستترة بواسطة أدوات بسيطة : نظرة إحتقار , كلمات ساخرة , تجاهل وجود الآخر , تسخيف كل ما يفعل أو يقول, رفض الحوار معه , تحميلة كل الأخطاء ودفعه الى ارتكاب الخطأ , تجري كل هذه المناورات بدم بارد وبتخطيط شيطاني , واع أو لا واع , وفي غياب أي شهود , فما عسى الضحية أن تقول حين تشتكي : "يهز كتفيه بازدراء وهو يحدثني" أو كلمني بنبرة باردة وقاسية من سيأخذ هذه الشكاوي على محمل الجد أو يعتبرها مسألة خطيرة تمس كيان الانسان؟ ولكن تخيلوا وضعا يمكن المعتدي من تكرار ألاعيبه هذه يوميا من دون رادع , وضعا تكون فيه الضحية مجبرة على مواصلة العلاقة حتى على حساب صحتها النفسية والبدنية , قد تكون الضحية موظفا غير قادر على ترك عمله , أو
زوجة وطفلا , فما عساها أن تفعل ؟
قد يقال : ما كان على الضحية أن تقبل منذ البداية بإقامة علاقة مع شخص من هذا النوع , وأن قبلت فهذا ما تريده . ولكن شخصا من هذا النوع لا يكشف عن أوراقه منذ البداية , بل يقدم لضحيته وجها لطيفاً محبباً لتقع في شباكه فيعمل على أذابتها وامتصاص مادتها الحيوية
ولا ننسى أن الضحية تظل بريئة حتى لو أخطأت في تقديراتها . فمن يلوم فراشة تقع في شباك عنكبوت ؟ والمشكلة الأساسية هنا هي أن لا احد يرى العنكبوت ... .ولا حتى الضحية
هذا المقال منقول للدكتور هدى محيو

البطة @albt
عضوة جديدة
هذا الموضوع مغلق.


عطاء
•
اختيار جميل كعادتك يا البطة!!
مررت لأسجل اعجابي وسأعود فهو موضوع جدير بالوقوف عليه,إلى اللقاء قريبا ياعزيزتي
مررت لأسجل اعجابي وسأعود فهو موضوع جدير بالوقوف عليه,إلى اللقاء قريبا ياعزيزتي
الصفحة الأخيرة
ماشاء الله
اختياراتك قمة في الروعة
سعداء بتواجدك ِ معنا
قبل أن أمضي ...
مروري هذا للإشادة وسأعود بإذن الله