السلام عليكم ورحمة الله
اليوم ابنزل الجزء الخامس من سورة الكهف والاخير وهو عن قصة ذي القرنين وبذلك نكون قد انتهينا من تفسير كامل
لسورة الكهف من كتاب تفسير ابن كثير ، ج5 ، من ص133-209 أترتككم مع تفسير الآيات
)ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا ً&إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا ً(
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ) ويسألونك (يا محمد ) عن ذي القرنين(أي : خبره ، وقد ذكرنا في الجزء الأول أن كفار قريش قد بعثوا إلى اليهود يسألونهم ما يمتحنون به الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا : سلوه عن رجل طواف في الأرض ، وفتية لا يدري ما صنعوا ، وعن الروح ، فنزلت سورة الكهف .
وهناك من خلط بين الإسكندر المقدوني وذي القرنين ،فالإسكندر ابن فليبس المقدوني من الروم وهو من بني الإسكندرية وكانت تؤرخ به الروم قبل المسيح بثلاث مائه سنة لذلك لا يصح أن يقال أنه هو ذي القرنين ، أما ذي القرنين (المذكور في القرآن) فيقال أنه طاف بالبيت الحرام مع إبراهيم الخليل أولما بني الكعبة وآمن به واتبعه ، والله أعلم .
سبب تسميته بذي القرنين :
هناك إختلاف بين العلماء في سبب تسميته ، منهم من قال أنه ملكاً و سمي بذلك لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس ومنهم من قال أنه كان في رأسه شبه قرنين ،ويقال أنه سمي ذي القرنين لأنه بلغ المشارق والمغارب ، من حيث يطلع قرن الشمس ويغرب والله أعلم .
وقوله : ) إنا مكنا له في الأرض (أي أعطيناه ملكاً عظيما ً متمكناً ، له فيه من جميع ما يؤتى الملوك من التمكينوالجنود والآت الحرب والحصارات ، ولهذا ملك المشارق والمغارب الأرض ودانت له البلاد وخضعت له ملوك العباد وخدمته الأمم من العرب والعجم ، ولهذا ذكر البعض أنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها .
وقوله : )وآتيناه من كل شيء سبباً(قال ابن عباس رضي الله عنه وغيره من العلماء: يعني علماً ، وقال قتادة معناه منازل الأرض وأعلامها ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يعني تعليم الألسنة ، وكان لا يغزوقوماً إلا كلمهم بلسانهم وقد قال الله في حق بلقيس ) وأوتيت من كل شيء ( أي مما يؤتى مثلها من الملوك ، وهكذا ذي القرنين يسر الله له من الأسباب أي : الطرق والوسائل إلى فتح الأقاليم والرساتيق والبلاد والأراضي وكسرالأعداء وكبت ملوك الأرض وإذلال أهل الشرك ، فقد أوتي من كل شيء مما يحتاج إليه مثله سبباً ، والله أعلم.
)فأتبع سبباً &حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئةٍ ووجد عندها قوماً قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حُسناً &قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً&وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا (&
قال ابن عباس : يعني بالسبب المنزل وقال غيره : منزلاً وطريقا ً ما بين المشرق والمغرب ، وقال آخر : أي اتبع منازل الأرض ومعالمها ، وقال آخرون : أي علماً فيما قال آخر : أي معالم وآثار كانت قبل ذلك .
وقوله : ) حتى إذا بلغ مغرب الشمس(أي : فسلك طريقاً حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب وهو مغرب الأرض .
وقوله : )وجدها تغرب في عين حمئةٍ (أي : رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى الى ساحله ، يراها و كأنها تغرب فيه ، وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبته فيه .
والحمئة مشتقة على إحدى القراءتين من "الحمأة" وهوالطين ، كما قال تعالى : ) إني خالق بشراً من صلصال من حمأ مسنون( أي : طين أملس .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :" وجدها تغرب في عين حامية" أي حارة وكذا قال الحسن البصري
ولا تعارض بين المعنيين إذ قد تكون حارة لمجاورتها وهج الشمس عند غروبها ، وملاقاتها الشعاع بلا حائل و) حمئةٍ (في ماء وطين أسود.
) ووجد عندها قوماً(أي أمه من الأمم ، ذكروا أنها كانت أمة عظيمة من بني آدم .
وقوله : ) قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حُسناً(معنى هذا : أن الله مكنه منهم وحكمه فيهم ، وأظفره بهم وخيره : إن شاء قتل وسبي ، وإن شاء منٌ أو فدى ، فعرف عدله وإيمانه فيما أبداه عدله وبيانه فيقوله :)أما من ظلم (أي : من أستمر على كفره وشركه بربه ) فسوف نعذبه (واختلف في أنواع العذاب قال قتادة : بالقتل ، والله اعلم وقوله : ) ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً(أي : شديداً بليغاً وجيعاً أليماً . وبهذا إثباث الميعاد والجزاء.
وقوله : ) أما من آمن(أي :تابعنا على ما ندعوه إليه من عبادة الله وحده لا شريك له ) فله جزاء الحسنى(أي في الدار الآخرة عند الله عز وجل )وسنقول له من أمرنا يسرا(قالمجاهد : معروفا ً.
)ثم أتبع سبباً &حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً &كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا(&
يقول : ثم سلك طريقاً من مغرب الشمس إلى مطلعها ، وكان كلما مر بأمه قهرهم وغلبهم ودعاهم إلى الله عزوجل ، فإن أطاعوه وإلا أذلهم وأرغم أنوفهم ، وأخذ يجوب الأرض بعرضها وطولها ولما انتهى إلى مطلع الشمس من الأرض كما قال تعالى : ) وجدها تطلع على قوم (أي : أمه) لم نجعل لهم من دونها ستراً(أي ليس لهم بناء يكنهم ولاشجر يظلهم ويسترهم من حر الشمس .
وقوله : ) كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا(قيل : علما ً ، أي : نحن مطلعون على جميع أحواله وأحوال جيشه لا يخفىعلينا منها شيء ، وإن تفرقت أممهم وتقطعت بهم الأرض ، فإنه تعالى : ) لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء( .
)ثم أتبع سبباً &حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً&قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أنتجعل بيننا وبينهم سداً &قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة ٍ أجعل بينكم وبينهم ردماً &آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال آتوني أفرغ عليه قطراً (&
يقول تعالى مخبراً عن ذي القرنين : ) ثم اتبع سبباً(أي : ثمسلك طريق من مشارق الأرض ) حتى إذا بلغ بين السدين ( وهما جبلان متناوحان بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك ، فيعيثون فيهم فساداً ، ويهلكون الحرث والنسل ويأجوج ومأجوج من سلالة آدم عليه السلام ، كما ثبت في الصحيحين : " إن الله يقول : يا آدم ، فيقول : لبيك وسعديك ، فيقول : ابعث بعث النار ، فيقول : ما بعث النار ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائه وتسع وتسعون إلى النار ، وواحد إلى الجنة ؟ فحينئذ يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، فيقال :إن فيكم أمتين ، ما كانتا في شيء إلا كثرتاه : يأجوج ومأجوج" .
وقال بعض العلماء : هؤلاء من نسل يافث أبو الترك وقيل : أنهم سموا ترك ، لأنهم تركوا وراء السد من هذه الجهة وإلا فهم أقرباء أولئك ولكن كان في أولئك بغي وفساد وجرأه .
وقوله : ) وجد من دنهما قوما لايكادون يفقهون قولاً (أي لاستعجام كلامهم وبعدهم عن الناس .
) قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا (قال ابن جريج عن ابن عباس : أجراً عظيماً يعني أرادوا أن يجمعوا له منبينهم ما لا يعطونه إياه ، حتى يجعل بينهم وبينهم سداً فقال ذي القرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير : ) ما مكني ربي فيه خير(أي : إن الذي أعطاني الله من الملك والتمكين خير لي من الذي تجمعونه ، كما قال سليمان عليه السلام :) أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل انتم بهديتكم تفرحون ( وهكذا قال ذي القرنين : الذي فيه أنا خير من الذي تبذلونه ، ولكن ساعدوني ) بقوة(أي بعملكم وآلات البناء ، )أجعل بينكم وبينهم ردماً & آتوني زبر الحديد(والزبر :جمع زبرة وهي قطعة منه ، وقال مجاهد وقتادة وهي كاللبنة ، و يقال كل لبنة زنة قنطار بالدمشقي أو تزيد عليه .
) حتى إذا ساوى بين الصدفين (أي : وضع بعضه على بعض من الأساس حتى إذا حاذى به رؤوس الجبلين طولاً و عرضاً ، واختلفوا في مساحة عرضه وطوله ) قال انفخوا(أي : أجج عليه النار حتى صار كله ناراً ، ) قال آتوني أفرغ عليه قطرا(قيل النحاس وزاد بعضهم : المذاب ، ويُستشهد بقوله تعالى : )وأسلنا له عين القطر ( ولهذا يشبه بالبرد المحبر.
ثم قال تعالى :
)فما اسطعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا &قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا &وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعضٍ ونفخ في الصور فجمعناهم جمعاً(&
يقول تعالى مخبراً عن يأجوج ومأجوج أنهم ما قدروا أن يصعدوا فوق هذاالسد ولا تمكنوا أن ينقبوا أسفله ، ولما كان الظهور عليه أسهل من نقبه قابل كلاً بما يناسبه فقال : ) فما اسطعوا أن يظهروهوما استطاعوا له نقبا( وهذا دليل على أنهم لم يقدروا على نقبه ولاعلى شيء منه .
وروي عن زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظمن نومه وهو محمر وجهه ، وهو يقول : " لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم ردم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق قلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ نعم إذا كثر الخبث " رواه البخاري ومسلم.
وقوله : ) قال هذا رحمة من ربي (أي لمابناه ذي القرنين ) قال هذا رحمة من ربي(أي بالناس حيث جعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج حائلاً يمنعهم من العيث في الأرض والفساد) فإذا جاء وعد ربي(أي إذا اقترب الوعد الحق ) جعله دكاء(أي ساواه بالأرض ، تقول العرب في اللغة : ناقة دكاء إذا كان ظهرها مستوياً لا سنام لها ،وقال تعالى : ) فلما تجلى ربك للجبل جعله دكاء( أي مساوياً للأرض.
وقوله : ) وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ( أي الناس يومئذ يوم يدك هذا السد ويخرج هؤلاء فيموجون في الناس ويفسدون على الناس أموالهم ويتلفون أشياءهم ، وقيل هذا كله قبل يوم القيامة وبعد الدجال وقال آخرون المراد من هذه الآية انه يوم القيامة يختلط الإنس والجن ) ونفخ في الصور (على أثرذلك )فجمعناهم جمعا(والصور" قرن ينفخ فيه " إسرافيل عليه السلام . وقوله )فجمعناهم جمعا(أي أحضرنا الجميع للحساب) وحشرناهم فلم نغادرمنهم أحداً(
)وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا &الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعاً& أفحسب الذين كفروا أنيتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلاً(&
يقول تعالى مخبراً عما يفعله بالكفار يوم القيامة : أنه يعرض عليهم جهنم ، أي يبرزها لهم ويظهرها ، ليروا ما فيها من العذاب والنكال قبل دخولها ليكون ذلك أبلغ في تعجيل الهم والحزن لهم .
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يؤتى بجهنم تقاد يوم القيامة بسبعين ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ".
ثم قال مخبراً عنهم : ) الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري(أي تعاموا وتغافلوا وتصاموا عن قبول الهدى واتباع الحق ، وقال ) وكانوا لا يستطيعون سمعاً( أي لا يعقلون عن الله أمره ونهيه.
ثم قال ) أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء (أي أعتقدوا أنهم يصح لهم ذلك وينتفعون بذلك ؟ ولهذا أخبر أنه أعد لهم جنهم يوم القيامة منزلاً .
)قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً&الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً&أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم وزناً&ذلك جزآهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزواً(&
قال البخاري باتصال السند عن مصعب سأل والده سعد بن أبي وقاص ) قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً(أهم الحرورية ؟ قال : لا هم اليهود والنصارى ، أما اليهود فكذبوا محمد أما النصارى فكذبوا بالجنة وقالوا لا طعام فيها ولا شراب .
والآية الكريمة تشمل اليهود والنصارى وغيرهم ، لا أنها نزلت في هؤلاءعلى الخصوص ولا هؤلاء ، بل هي أعم من ذلك فإن الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى، وقبل وجود الخوارج بالكلية ، وهي عامة في كل من عبد الله على طريقة غير مرضية يحسب أنه مصيب فيها وعمله مقبول ، وهو مخطئ وعمله مردود.
وقال )هل ننبئكم(أي نخبركم ، ) بالأخسرين أعمالاً(ثم فسرهم وقال ) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا(أي عملوا أعمال باطلة على شريعة غير مشروعه مرضية مقبولة ، ) وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً(أي يعتقدون أنهم على شيء وأنهم مقبولون ومحبوبون.
وقوله ) أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه(أي جحدوا بآيات الله في الدنيا وبراهينه التي أقام عليها وحدانيته وصدق رسله ، وكذبوا بالدار الآخرة ) فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً(أي لا نثقل موازينهم لأنها خالية من الخير.
قال البخاري باتصال السند عن ابي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنه ليأتي الرجل السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة " وقال " أقرؤوا إن شئتم ) فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً("
وقوله ) ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا (أي إنما جازيتهم بهذا الجزاء جهنم ، بسبب كفرهم واتخاذهم آيات الله ورسله هزواً ، أستهزؤوا بهم وكذبوهم أشد التكذيب .
)إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً&خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً(&
يخبر الله عن عبادة السعداء وهم الذين آمنوا بالله ورسله و صدقوهم فيما جاؤوا به بأن لهم جنات الفردوس.
قال مجاهد : الفردوس هو البستان بالرومية ، وفي الصحيحين : " إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنها الجنة ".
وقوله ) نزلاً(أي ضيافة، فإن النزل هو الضيافة وقوله ) خالدين فيها (أي مقيمين ساكنين فيها لا يظعنون عنها ابداً ) لا يبغون عنها حولاً(أي لايختارون غيرها ولا يحبون سواها .
وفي وقوله ) لا يبغون عنها حولاً(تنبيه على رغبتهم فيها وحبهم لها مع أنه قد يتوهم فيمن هو مقيم في المكان دائماً أنه يسأمه أو يمله ، فأخبر أنهم مع هذا الدوام والخلود السرمدي لا يختارون عن مقامهم ذلك متحولاً ولا انتقالاً و لا ظعناً ولا رحلة ولا بدلاً.
)قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً(&
يقول تعالى : قل يا محمد : لو كان ماء البحر مداداً للقلم الذي تكتب به كلمات ربي وحكمه وآياته الدالة عليه ) لنفد البحر (أي لفرغ البحر قبل أن يفرغ من كتابة ذلك ) ولو جئنا بمثله مدداً (أي بمثل البحر آخر ، ثم آخر وهلم جرا بحور تمده ويكتب بها ، لما نفدت كلمات الله ، كما قال تعالى : ) ولو أنما في الأرض م شجرة أقلام والبحر يمدهمن بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم( .
قال الربيع بن أنس : إن مثل علم العباد كلهم في علم الله كقطرة من ماء البحور كلها وقد أنزل الله ذلك ) قل لو كان البحرمداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً(
يقول لو كان البحر مداداً لكلمات الله والشجر كله أقلام لانكسرت الأقلام و فنى ماء البحر وبقيت كلمات الله قائمه لا يفنيها شيء ، لأن أحداً لا يستطيع أن يقدر قدره ولا يثني عليه كما ينبغي ، حتى يكون هو الذي يثني على نفسه ،إن ربنا كما يقول وفوق ما نقول ، إن مثل نعيم الدنيا أولها وآخرها في نعيم الآخرة كحبة خردل في خلال الأرض كلها .
)قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي إنما إلهكم إلهاً واحداً فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً (&
يقول الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ) قل(لهؤلاء المكذبين برسالتك إليهم ) إنما أنا بشر مثلكم(فمن زعم أني كاذب فليأت بمثل ما جئت به فإني لا أعلم الغيب فيما أخبرتكم به من الماضي ،عما سألتم من قصة أصحاب الكهف وخبر ذي القرنين مما هو مطابق في نفس الأمر لولا مااطلعني الله عليه ، وأنا أخبركم ) إنما إلهكم (الذي أدعوكم إلى عبادته ) إله واحد (لا شريك له ) فمن كان يرجوا لقاء ربه (أي ثوابه وجزاءه الصالح ) فليعمل عملاً صالحاً (وهو ماكان موافقاً لشرع الله ) ولا يشرك بعبادة ربه أحداً(وهو الذي يراد به وجه الله تعالى وحده لا شريك له ، وهذان ركنا العمل المتقبل لابد أن يكون خالصاً لله صواباً على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
مـاغيرها @maghyrha
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️