الجنس المبهم وأمراض الهوية الجنسية... أسبابه ، تشخيصه وعلاجه

الصحة واللياقة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






يعرف الجنس المبهم عند الرضيع أو الطفل بأنه عبارة عن اختلالات خلقية تؤدي إلى نمط ظاهري وتشوهات اختلاطية في الأعضاء الجنسية التي تؤدي بدورها أيضاً إلى الاختلاطات التشخيصية من جانب المريض نفسه في سن المراهقة إذا لم تكتشف هذه الاختلاطات التشوهية الجنسية بعد الولادة أو قبل سن المراهقة من قبل الطبيب المختص .

أما أمراض الهوية الجنسية عند البالغين فهي الإصابة بخلل انتمائي جنسي بديلي مستمر وثابت، مع معاناة نفسية ذي درجة فائقة في أداء الدور الجنسي البيولوجي والشخصي لهؤلاء الأشخاص . وهؤلاء المرضى المصابون بأمراض اختلال الصفة الجنسية (GENDER IDENTITY DISORDERS) يعتقدون أنهم ولدوا في جسم زائف أو خاطئ، وهو اعتقاد يؤدي إلى ضيق وكربة نفسية ثابتة، ورغبة مستمرة في تبديل جنسهم وهويتهم الجنسية، مع العلم بأن نمط حياة هؤلاء المرضى يكون متردياً اجتماعياً وصحياً ونفسياً، مقارنة بالأشخاص الطبيعيين، حيث أثبتت الإحصاءات الجراحية لهؤلاء المرضى بعد مرور فترة من الزمن على تغير جنسهم بتحسن نوعية نمط الحياة لديهم، وخاصة صحتهم الجسدية وصحتهم النفسية بصورة خاصة، مع تحسن ملحوظ في علاقتهم الاجتماعية .




الأســـباب


تدل الدراسات الإحصائية لهذه الأمراض على أن نسبة الإصابة عند الأشخاص الذين ولدوا بيولوجياً ذكوراً ويعانون مرض هوية جنسية أنثوية (MALE-TO FEMALE TRAN***UALE) تكون أعلى بكثير من نسبة الإصابة عند الأشخاص الذين ولدوا بيولوجياً إناثاً ومرض هويتهم الجنسية ذكرية (FEMALE TO MALE TRAN***UALE) .

ولكن رغم شحة البحوث والدراسات الطبية والنفسانية للأسباب الباثولوجية لهذه الأمراض فإنه ثبت بحثياً بأن العوامل البيولوجية قد تكون لها علاقة وثيقة بالإصابة بهذه الأمراض . وتدل الاحصاءات الحديثة على أن امرأة واحدة من بين خمسمئة امرأة تصاب بمرض الهوية الجنسية الذكرية .

وهناك أربعة اختلالات خلقية رئيسة تؤدي إلى نمط ظاهري لتشوهات الاختلاط الجنسي، التي تؤدي بدورها إلى اختلاطات تشخيصية من جانب المريض نفسه في سن المراهقة إذا لم يكتشف من قبل الأبوين في سن الطفولة، أو من جانب الطبيب المختص في أمراض الأطفال ما بعد الولادة مباشرة وهي:


1- الخنوثة الكاذبة الأنثوية FEMALE PSEUDOHERMAPHRODITISM .

2- الخنوثة الكاذبة الذكرية MALE BSEUDOHERMAPHRODITISM .

3- الخنوثة الحقيقية TRUE HERMAPHRODITISM .

4- خلل خلقي في تكون مزدوج من الخصيتين والمبيضين ومن جنسين ذكري وأنثوي .


إن هؤلاء المرضى يجب أن يخضعوا إلى فحوص سريرية تشخيصية متميزة، وخاصة من قبل الطبيب المختص، إن كان ذلك في سن المراهقة، أو كان ذلك في سن الطفولة، أو بعد الولادة مباشرة (كرضيع)، وذلك لتفادي المشكلات الصحية والأمراض النفسية والاجتماعية والجنسية عند هؤلاء المرضى .



التشخيص السريري للرضيع أو الطفل:


1- الفحص السريري للأعضاء التناسلية .

2- التشخيص المختبري الخلوي بواسطة المسحة الشدقية (الخدية) لمعرفة الكتلة الكروماتينية وصفتها في داخل الخلية .

3- التحليل الجيني لنمط النواة والكروموزومات لتشخيص ومعرفة نوع التشوهات الخلقية الجنسية .



والجدير بالذكر، وللأهمية التشخيصية المتميزة، فإن على الطبيب المختص في أمراض المسالك الجنسية والتناسلية أن يركز فحصه السريري على الأعضاء التناسلية للرضيع وللطفل وللشاب، مع التركيز بصورة خاصة على تناظر الأعضاء الجنسية، إن كانت ثنائية أو غير ثنائية، وهذا يعني بأن على الطبيب المختص أن يبحث في فحصه السريري عن تناظر (تماثل) الأعضاء التناسلية لكي يشخص، هل هناك خصيتان في الصفن أو إحداهما أو عدم وجودوهما الاثنين؟ فإذا وجدت كلتا الخصيتين في الصفن فإنهما متناظرتان، أما عدم وجود إحداهما في الصفن فإن هذا يعتبر غير متناظر .

ومن خلال هذه الطريقة التشخيصية يستطيع الطبيب المختص أن يشخص أمراض الخنوثة بالاعتماد في الوقت نفسه على التزامن مع تشخيص الكتلة الكروماتينية مختبرياً . وكما نرى في الشكل 3 كيف تشخص وبسهولة أمراض الخنوثة والجنس المبهم .

فعلى سبيل المثال يشخص في مرض الخنوثة الكاذبة الذكرية بشعور رجالي عند المريض بعد بلوغه سن الرشد، بينما يشخص في حالة مرض الخنوثة الكاذبة الأنثوية وجود أعضاء تناسلية متناظرة جسدياً، أما في حالة الخنوثة الحقيقية فإن الغدتين الجنسيتين (الخصيتين أو المبيضين) يكونان غير متناظرين، ولكن يكونان في الشكل والحجم طبيعيين . وقد يشخص أيضاً في هذه الحالة وجود خصية ومبيض، وفي نفس الوقت يوجد خلل تكوني خلقي في الأعضاء التناسلية والجنسية . أما عن التشخيص المختبري للكتلة الكروماتينية فإن أهميته ملحة ومفروضة لتشخيص هذه الأمراض خلال الأربع والعشرين ساعة بعد الولادة . فإذا شخصت سريرياً تشوهات خلقية في الأعضاء الجنسية كالإحليل التحتاني، أو صغر في العضو الذكري عند الرضيع، وكذلك الخصية الهاجرة، فإن إضافة الكتلة الكروماتينية في التشخيص هي أساسية . أما في حالة تشخيص مرض الخنوثة الكاذبة الأنثوية عند الرضيع فإن هذا المريض سينشأ مستقبلياً كأنثى، رغم وجود صفات رجولة لهذا المريض . ولكن في حالة تشخيص مرض الخنوثة الكاذبة الذكرية عند الرضيع فإن هذا الطفل سينشأ مستقبلياً كذكر، رغم وجود صفات أنثوية لهذا المريض، وهنا يجب على الطبيب المختص أن يركز على التشخيص السريري للأعضاءالتناسلية وخاصة طول العضو الذكري . أما طول العضو الذكري وعلاقته بعمر الرضيع والطفل والشاب فيكون كالآتي:

وبعد أن يحدد التناظر أو اللا تناظر للغدد الجنسية (الخصيتين والمبيض) وبعد أن يتم قياس دقيق لطول العضو الذكري يجب أن يتسع الفحص السريري للأعضاء التناسلية للبحث عن أعراض وعلامات تشوهية لمرضى الجنس المبهم عند هؤلاء الأطفال والشباب والشابات، وأن عند الطفل الذكر فإن معرفة وتشخيص وجود تشوهات ما فوق العضو الذكري؟ أو هل أن الصفن يقع فوق العضو الذكري أو توجد هناك تشوهات خلقية للإحليل (كالإحليل التحتاني) أو يوجد انسدال أو اعوجاج في العضو الذكري أو توجد تجعدات كثيرة في الصفن، وهل الخصيتان في حجمهما وشكلهما وموضعهما طبيعيتان؟ وهل يوجد بربخ منفصل عن الخصية؟ أو يوجد البربخ حول الخصية؟ وهل هناك تضخم في البظر، أما عند الأطفال الإناث فيجب أن يركز الفحص السريري للأعضاء التناسلية على العلامات التشوهية لهؤلاء الأطفال الإناث، وخاصة هل يوجد هنالك تضخم في البظر أو اندماج في الأشفار المهبلية؟ وهل يوجد قصور في المهبل أو توجد هناك تجعدات كثيرة في الشفاف المهبلية .



التشخيص العضوي والجيني والمختبري لمعرفة الصفة الجنسية المبهمة


1- الخنوثة الكاذبة الأنثوية:

مختبرياً توجد كتلة كروماتينية، وجينياً (46xx) وترجل للأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى من جراء متلازمة تضخم الكظرية، هذا المرض يتكون من جراء انخفاض أو انعدام في إنتاج إنزيم الهيدروكسيلاز-21 في الغدة الكظرية يكون سببه وراثياً وعائلياً بنسبة 95% .


الأعراض:

* تضخم البظر .
* اندماج الأشفار المهبلية .
* قصور في المهبل .


العلاج:

جراحة تصغير البظر، وجراحة تكبير المهبل عند الرضيع أو عند الطفل ما قبل سن السنتين .



2- الخنوثة الكاذبة الذكرية:

هؤلاء الأطفال يولدون ولهم أعضاء ذكرية خاصة عضو ذكري صغير جداً .
ويشخص هذا المرض الجيني في حالة عدم وجود كتلة كروماتينية مختبرياً في داخل الخلية، وجينياً تلف في جين واحد ونمط ذكري (46XY) ويشخص خلل جيني وراثي في تكون الذكورة والرجولة للأعضاء التناسلية الخارجية، وهذا الخلل الجينيي يؤدي إلى انخفاض في إنتاج الهرمون الذكري، ونقص في إنزيم الألفا رادوكتاز الخامس، ونسبة انتشار هذا المرض الجيني تكون 50% والمتبقي أسبابه غير معروفة .


الأعراض:


* يشخص قصور شديد في العضو الذكري .
* الخصيتان طبيعيتان في الشكل والحجم والموضع .


العلاج:

فإذا شخص جنس أنثوي عند هؤلاء الأطفال فإن قلع الخصيتين وتصغير الحشفة وتحويلها إلى بظر وتكوين أشفار مهبلية جراحياً، وهذا يكون الداعي الإكلينيكي والعلاج لذلك جراحياً، أما تكوين مهبل جراحياً فإن ذلك يجري في سن المراهقة أو بعدها .



الخنوثة الحقيقية:

هؤلاء المرضى يولدون ولهم أعضاء تناسلية جنسية ذكرية وفي نفس الوقت أعضاء تناسلية أنثوية ولكن تختلف في شكلها التشريحي الوظيفي، فقد تكون خصية في طرف ومبيض في طرف آخر أو يكون هذان النسيجان الجنسيان ممزوجين (OVOTESTES) .


الأعراض:

* نمط نواتي (46xx) مع وجود بروتين سطحي يظهر خواص الكروموزوم (y) الذكري الذي بدوره يكمل التميز الجنسي إلى خصية .
* قصور شديد في العضو الذكري .


العلاج:

* إذا كان العضو الذكري قصيراً جداً عند هؤلاء الأطفال فإنهم ينشؤون كإناث، ولهذا فإن أولويات الجراحة التحويلية تتضمن قلع الأنسجة الخصيوية والحفاظ على الأنسجة المبيضية .

* أما إذا كان العضو الذكري طبيعي فإن الجراحة تتتضمن قلع المبيضين وجراحة ترميمية للإحليل التحتاني وتثبيت الخصيتين إذا لم توجدا في الصفن، أما في حالة وجدوهما في القناة الأربية أو في داخل البطن، فإن تنزيلهما إلى الصفن هو الاتجاه الجراحي المفضل . أما إذا لم توجد الخصيتين فعلاً فإن تعويضهما بخصيتين اصطناعيتين (TESTECULAR PROSTHESIS) هو الاتجاه الجراحي الصحيح .



3- مرض الخلل الخلقي المزدوج (ذكري وأنثوي)


السبب هو خلل وراثي جيني في فعالية المستحث البروتيني للخصية، حيث يشخص مختبرياً وأن هناك خصيتين صغيرتين جداً وهاجرتين، أي أنهما غير موجودتين في الصفن .
* عدم وجود كتلة كروماتينية في الخلية .
* نمط نواتي (45X/46XY) .


الأعراض:

* الخصيتان صغيرتان جداً وهاجرتان في أكثر الأحيان .
* نقص في الهرمون الذكري والهرمون الكابح .
* نقص وافتقار للصفات الذكورية والرجولة .


العلاج:

بما أن هذا الخلل الجيني قد يؤدي إلى سرطان في الخصيتين فإن قلع الخصيتين يكون الإجراء الجراحي المحبذ، وهذا يعني هو الاتجاه نحو النمط الأنثوي لهؤلاء المرضى، وينمو هذا المريض كأنثى وبعد بلوغه سن الرشد تجرى له عملية جراحية لتكوين المهبل وفي الوقت نفسه علاج هرموني أنثوي، أما إذا اختير دور ذكري فإن المتابعة الطبية والدورية المركزة لهؤلاء المرضى مهمة جداً وذلك بسبب ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الخصية في هذه الحالات، وتجرى لهؤلاء عملية تصليح الإحليل التحتاني وبعد سن الثامنة عشرة تقلع الخصيتان جراحياً وتعوض بخصيتين اصطناعيتين TESTECULAR PROSTHESIS .

أما في حالة الخنوثة عند المراهقين والبالغين سن الرشد وإصابتهم بخلل الانتماء الجنسي البديلي والمستمر والثابت مع معانتهم النفسية في أداء دورهم الجنسي البيولوجي، فإن التشخيص السريري والنفساني يكون الداعي الإكلينيكي الأساسي لتشخيص هذه الحالات المرضية قبل أن يُجرى العلاج الجراحي التحويلي لهؤلاء.



التشخيص السريري عند البالغين سن الرشد:


1- القصة المرضية والتركيز على عدم إصابة هؤلاء المرضى بأمراض عقلية أو نفسية .

2- فحص سريري نفسي ونفساني للحياة الواقعية (REAL LIFE TEST) لهؤلاء المرضى أخذ بعين الاعتبار أمراض الهوية الجنسية الثابتة (FIRM CROSS-GENDER-IDENTITY) .

3- تشخيص التأثيرات الإيجابية والسلبية للعلاج الهرموني عند المريض قبل إجراء الجراحة التحويلية .

4- الكشف السريري على الأعضاء الجنسية والتناسلية عند المريض لتشخيص التغيرات الخلقية أو غيرالخلقية لهذه الأعضاء، ولكي تضع الخطة الاستراتيجية للعلاج الجراحي التحويلي لجنس هؤلاء المرضى والبدء في العلاج الهرموني قبل ذلك .



العلاج الجراحي التحويلي


أما نسبة نجاح تحويل الذكر إلى أنثى فإنها عالية، وذلك لعدم وجود جراحة تعويضية معقدة عند هؤلاء، أما بالنسبة إلى نجاح جراحة تحويل الأنثى إلى ذكر فأنها اقل من الأولى وذلك لتعقيدها الجراحي .

أما التحويل الجراحي من ذكر إلى أنثى تقتصر على قلع الخصيتين وقلع العضو الذكري مع الحفاظ على حشفة العضو الذكري وتصغيرها لتعوض البظر، ومن ثم قلع العضو الذكري، ومن الغشاء الداخلي للصفن يكون المهبل، أما التحويل الجراحي من أنثى إلى ذكر فإنه معقد وذلك لضرورة تكوين عضو ذكري إما من عضلة البطن أو مكان آخر مع زرع بديلة تعويضية تعوض الأجسام الكهفية للعضو الذكري، وفي كلتا الحالتين يجب أن يتزامن العلاج الهرموني مع الشروع بالتحويل الجنسي والجراحي، وفي أكثر الحالات يجب أن يعالج هؤلاء الأشخاص هرمونياً ونفسانياً قبل الجراحة التحويلية الجنسية .

وقد أثبتت النظريات العلمية الطبية النفسية والنفسانية وجود تغيرات في التصرفات الجنسية والعلاقات الشخصية والاجتماعية لهؤلاء المرضى، والحمد لله توجد الآن علاجات نفسانية وهرمونية ناجحة لهؤلاء المرضى، حسب هويتهم الجنسية وقبل الشروع في التحويل الجنسي الجراحي لهم .

وإذا كانت الدواعي الكلينكية والنفسية عند هؤلاء المرضى قد دلت على وجود هذه الأمراض الجنسية المذكورة أعلاه فإن التحويل الهرموني والجراحي لهؤلاء المرضى قد أثبت تغيراً إيجابياً وتحسناً في نمط حياة هؤلاء جنسياً ونفسياً واجتماعياً . وبما أن مجتمعنا العربي قد انفتح في هذا القرن على التطورات التشخصية والعلاجية الحديثة لهذه الأمراض المستعصية نفسياً واجتماعياً ومن ضمنها تشخيص وعلاج أمراض الخنوثة (INTER*** DISORDER) وأمراض الهوية الجنسية (GINDER IDENTITY DISORDERS) . فإن تشخيص وعلاج هذه الأمراض هو واجب طبي وفي الوقت نفسه اجتماعي يساعد هؤلاء المرضى على أن يعيشوا بنمط حياة طبيعي جنسياً ونفسياً وعائلياً واجتماعياً .


الحمدلله الذي عافانا مما ابتلاهم والله يكفينا شر الامراض

ودي
0
5K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️