الجنون اللذيذ

الملتقى العام

في عام 2007 إن لم تخنني الذاكرة كلفت بتدريس طالباتالصف الرابع اﻻ‌بتدائي بعد تغيب إحدى معلماتهم .. كانت المادة (تربية فنية) بحثت عن درس يبين للصغيرات أهمية الصﻼ‌ة فخطر ببالي أن أجعل الدرس عن (سجادة الصﻼ‌ة )  - حينما بدأت الحصة سألت الصغيرات: ما ذا تفعلين إذا شعرتي بهم وضيق؟ - قالت اﻷ‌ولى: (ألعب بﻼ‌يستيشن) وقالت الثانية: (ألعب بﻼ‌يستيشن) وقالت الثالثة:  (ألعب بﻼ‌يستيشن) وقالت الرابعة: …………………………………. أوشك الصغيرات أن يجمعن على هذه اﻹ‌جابة لم أعرف فائدة البﻼ‌يستيشن إﻻ‌ تلك اللحظة !! لكن بعض الطالبات تنبهن أن معلمتهن (متدينه) فيما يرون فعلمن أني أبحث عن إجابة ترتبط بالدين وكانت إجابة عدد قليل منهن : (أصلي) تألمت لطريقة سرد الفتيات لرد الصﻼ‌ة وكأنها إجابة مثالية دون استشعار لروح الصﻼ‌ة بدأت أشرح لهن فكرة الصﻼ‌ة و التصور المغيب لهذه العبادة بأسلوب مبسط ﻻ‌حظت عﻼ‌مات الدهشة على مﻼ‌مح الصغيرات شعرت أن ثمة معلومات جديدة كن يسمعنها ﻷ‌ول مرة كنت أحاول أن أشرح لهم عبارة اﻹ‌مام الشاطبي في أبدع وصف للصﻼ‌ة : (إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود , إنها زاد الطريق , و مدد الروح , وجﻼ‌ء القلب إنها العبادة التي تفتح القلب , و توثق الصلة و تيسر اﻷ‌مر , وتشرق بالنور وتفيض بالعزاء و السلوى و الراحة و اﻻ‌طمئنان ) - وفجاءة قاطعتني إحدى الصغيرات قالت: أستاذة هند .. أنا لدي أخت كبيرة تعاني من الجنون. قلت: في أي مرحلة تدرس؟ قالت: تدرس في الجامعة؟ قلت: ولماذا تقولين عنها ذلك؟ قالت: سأقول لك ما تفعل أختي و أنت أحكمي بنفسك؟ قلت: هاتي ما عندك؟ قالت: تخيلي يا أستاذة نحن في هذا العام – تقصد 2007 – نسمع في اﻷ‌خبار أنه أشد عام شتوي على الرياض ودرجة الحرارة تصل إلى الصفر في الليل وحينما ننام نتجمد على اﻷ‌سرة لشدة البرد رغم وجود المدفئة ورغم اﻷ‌غطية الثقيلة  ومع هذا البرد الشديد تقوم أختي التي في الجامعة, وتذهب لتتوضأ, وتقف لتصلي الليل تخيلي يا أستاذة هند نحن نوشك أن نموت من البرد وهذه تقوم لتتوضأ, و تقوم الليل !! أسألك بالله هل هناك جنون أكثر من هذا؟   شعرت بقشعريرة سرت في جسدي وأنا أسمعها تساءلت في نفسي:  أي لذة هذه التي أيقظت هذه الفتاة في درجة حرارة تصل للصفر؟  بل وكانت تصل أحيانا لـ 4 تحت الصفر أي لذة هذه التي أنستها لذة النوم ؟ أي لذه هذه .. التي استشعرتها في قلبها في أهل بيت غلبت عليهم الغفلة؟  وأختها تخبرني بشيء من ذلك أي لذة هذه التي جعلت لذة لقاء الله في قلبها أهم من كل تلك اﻷ‌سباب؟! - كنت أصارع نفسي في تلك اﻷ‌يام للقيام لصﻼ‌ة الوتر تلك اﻷ‌يام فتفوتني .. فأصبحت أصليها قبل النوم -  - كان البرد قارسا والقيام في تلك اﻷ‌جواء أقرب للمحال - نظرت إلى تلك الصغيرة وأنا أخفي دموعي.. - قلت: يا ماما لو كان هذا جنوناً .. (ليتنا كلنا مجانين) ضج الصغيرات بالضحك .. وضج قلبي بالبكاء    كانت تلك الحكاية أما اﻵ‌ية: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (السجدة : 16 ) اقرأ بقلبك  يقول السعدي رحمه الله : (ترتفع جنوبهم، وتنزعج عن مضاجعها اللذيذة، إلى ما هو ألذ عندهم منه وأحب إليهم، وهو الصﻼ‌ة في الليل، ومناجاة اللّه تعالى)   قال رجل ﻹ‌براهيم بن أدهم رحمه الله : إني ﻻ‌ أقدر على قيام الليل فصف لي دواء؟!! فقال : ﻻ‌ تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل.   وإذا لم تتلذذ أول اﻷ‌مر فتذكر كان ثابت البناني يقول: كابدت نفسي على القيام عشرين سنة !!وتلذذت به عشرين سنة. تخيل عشرين سنة من اﻹ‌خﻼ‌ص والصبر!! أي حب هذا؟   ﻻ‌ تقلق لن تحتاج لعشرين سنة .. فأنت تقوم لكريم  والكريم إذا أعطى أدهش - أما أبو مسلم الخوﻻ‌ني رحمه الله فقد كان يصلي من الليل فإذا أصابه فتور أو كسل قال لنفسه : أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يسبقونا إليه، والله ﻷ‌زاحمنهم عليه ، حتى يعلموا أنهم خلفوا بعدهم رجاﻻ‌ !! ثم يصلي إلى الفجر
13
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

-البرنسيسه-
-البرنسيسه-
جزاك الله خيرا
فلونـــه
فلونـــه
قصه جميله جدا
جزاك الله خيرا
نجد دياري 100
نجد دياري 100
جزاك الله خيرا
_ وحيدة بيتنا
_ وحيدة بيتنا
موفقة
أناااا غييير
أناااا غييير
جزاك الله خير
والله باليوم اللي اصلي فيه قيام الليل احس براحه عجيييبببببببه سبحان الله ويارب عينني ع المحافظه عليها لأني اصليها يوم وعشره لا