الجهاد في سبيل الله الحلقة (53)

ملتقى الإيمان

( 53 )
تابع للمرحلة المكية
ويقيم الله الحجج لنبيه على قومه المكذبين ولكنهم لا يلقون للحجج بالاً مثلهم مثل الموتى أو الصم المدبرين: (فإنك لا تسمع الموتى، ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين) فيسلِّي الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه قد أقام الحجة، وما عليه إلا أن يصبر حتى يأتي وعد الله: ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مَثَل، ولئن جئتهم بآيةٍ ليقولَنَّ الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون، كذلك يطبعُ الله على قلوب الذين لا يعلمون، فاصبرْ إنّ وعد الله حقٌ ولا يستخفنَّك الذين لا يوقنون) .
وفي هذه الفترة التي كانت كلها دعوة إلى التوحيد الخالص من جانب الرسول صلى الله عليه وسلم كان الكافرون يراودونه من جانبهم على ترك هذه الدعوة والدخول في دينهم الباطل، ولكن الله يأمره بالمفاصلة التامة مهما كلَّفه ذلك من المشاق وكلَّف أصحابه معه: (قل أفغير الله تأمرونِّي أعبدُ أيها الجاهلون، ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ولتكونَنَّ من الخاسرين، بل الله فاعبد وكُنْ من الشاكرين) (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون) .
ويبشِّر الله رسوله والمؤمنين الذين أعلنوا ألوهية الله وحده ودعوا الناس إلى ذلك؛ يبشرهم بأن الملأ الأعلى ينزل عليهم يطمئنهم ويبشرهم بالجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وأنهم أحسن مَنْ على وجه الأرض لدعوتهم إلى الله وعملهم الصالحات، ويأمرهم أن يدفعوا بالتي هي أحسن لأنها كفيلة بكسب قلوب الناس، ثم بيّن الله لهم أن تلك الخصلة لا يؤتيها الله إلا الصابرين ذوي النصيب الوافر العظيم: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدَّعون، نزلاً من غفور رحيم. ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفَعْ بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه وليٌّ حميم، وما يُلَقَّاها إلا الذين صبروا وما يُلَقاها إلا ذو حظ عظيم) .
ويأمره بالصفح عنهم ومتاركتهم وتهديدهم بما ينتظرهم من عقاب الله: (وقِيلِهِ يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون، فاصفحْ عنهم وقُلْ سَلامٌ فسوف يعلمون) .
وبعد أن يقيم الله على المشركين الحجج ويدحض شبهاتهم يقول الله لنبيه: (فاصبر على ما يقولون وسبِّح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، ومن الليل فسبِّحه وأدبار السجود) .
ويقول: (نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبّار، فذكِّر بالقرآن من يخاف وعيد) .
وتنزل سورة البروج مسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأن المؤمنين قبلهم قد أوذوا وأحرقوا بالنار بسبب إيمانهم، ويهدد الكفار، الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات بالعذاب، ويبشِّر المؤمنين بالفوز وأن بطش الله شديد، وقد حلّ بمن قبل أولئك الكفار الذين كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(والسماء ذات البروج، واليوم الموعود، وشاهد ومشهود، قتل أصحاب الأخدود، النارِ ذات الوقود، إذ هم عليها قُعُود، وهو على ما يفعلون بالمؤمنين شهود، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد، إنّ الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق، إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير، إنّ بطش ربك لشديد، إنه هو يبدئُ ويعيد، وهو الغفور الودود، ذو العرش المجيد، فعَّال لما يريد، هل أتاك حديث الجنود، فرعون وثمود، بل الذين كفروا في تكذيب، والله من ورائهم محيط، بل قو قرآنٌ مجيد، في لوحٍ محفوظ) .
0
285

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️