الجهاد في سبيل الله الحلقة (74)

ملتقى الإيمان

الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته ( 74 )

أدلة من رأى قتلهم جميعا، ما عدا المرأة والصبي

واستدل القائلون بقتل من عدا المرأة والصبي الذي لم يبلغ الحلم بأدلة:

الدليل الأول:
العموم الوارد في النصوص بقتل المشركين كافة، وبقتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية..

كقوله تعالى: (( فاقتلوا المشركين حَيْثُ وجدتموهم، وخُذُوهم، واحصُروهم، واقعدوا لهم كل مَرْصَد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلُّوا سبيلهم، إن الله غفور رحيم )) .

وكذلك قوله تعالى: (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرِّمون ما حرَّم الله ورسوله، ولا يدينون دينَ الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يُعْطُوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون )) .

الدليل الثاني:
الأمر بقتال الشيوخ نصاً، كما في سنن أبي داود والترمذي عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( اقتلوا شيوخ المشركين، واستحيوا شرخهم ) - أي صغارهم - ، والحديث قال الترمذي فيه: (هذا حديث حسن صحيح غريب).

الدليل الثالث:
ما رواه عطية القرظي قال: "عرضت يوم قريظة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلي سبيله، فكنت فيمن لم ينبت" .

الدليل الرابع:
إقرار النبي صلى الله عليه وسلم قتل دريد بن الصُّمَّة وكان شيخاً كبيراً .

الدليل الخامس:
ما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه ( كَتَب إلى أمراء الأجناد ألا يجلبوا إلينا من العلوج أحداً، ولا تقتلوا من جرت عليه المواسي ـ كذا ولعله إلا من جرت عليه المواسي ـ ولا تقتلوا صبياً ولا امرأة …) .

وقد شنع ابن حزم – كعادته في التشنيع – على القائلين بعدم قتل من عدا النساء والصبيان، وضعف كل الأحاديث التي استدلوا بها، وقال بعد أن ذكر رواية عطية القرظي: ( فهذا عموم من النبي صلى الله عليه وسلم لم يستبق منهم عسيفاً، ولا أجيراً ولا فلاحاً، ولا شيخاً كبيراً ).

وقال بعد أن ذكر كتاب عمر إلى أمراء الأجناد: ( فهذا عمر رضي الله عنه لم يستثن شيخاً، ولا راهباً، ولا عسيفاً، ولا أحداً، إلا النساء والصبيان فقط، ولا يصح عن أحد من الصحابة خلافه، وقد قتل دريد بن الصمة وهو شيخ هرم قد اهتر عقله فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم … ).

وقد رد القائلون بعدم القتل على استدلال الآخرين بالنصوص العامة الواردة في قتل المشركين، بالنصوص المخصصة لهذا العموم، مثل: (( قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ))

والحديث الذي سبق إيراده في النهي عن قتل الشيخ الفاني وغيره ممن ذكر، مع مراعاة العلة التي نص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في النهي عن قتل النساء: (ما كانت هذه لتقاتل).

أما الأمر بقتل الشيوخ، إذا صح، وكذا إقرار النبي صلى الله عليه وسلم قتل دريد بن الصمة، وهو شيخ كبير فقد حملوه على الشيخ الذي يكون ذا رأي أو غيره مما يفيد به المشركين ويضربه المسلمين .

ويؤيد هذا المعنى أن المرأة والصبي اللذين سلم ابن حزم وغيره بتحريم قتلهما يقتلان إذا قاتلا عند الجميع.

والذي يظهر هو رجحان ما ذهب إليه أهل القول الأول، وهو عدم قتل هؤلاء جميعا، مالم يقاتلوا، لأن دلالة ما ساقوه من الأدلة خاصة، ودلالة ما ساقه الآخرون عامة، أو محمولة على معنى خاص، وما ذكره ابن حزم عن عمر رضي الله عنه ليس منافياً لما ذكر عن أبي بكر رضي الله عنه لأن قوله: ( وأن يقتلوا كل من جرت عليه المواس ) دلالته عامة وقول أبي بكر: ( لا تقتلن امرأة ولا صبياً ولا كبيراً هرماً …) دلالته خاصة، والذي يظهر من فعل السلف الصالح يؤيد هذا المذهب الله أعلم.

وهناك قول يحكي في جواز قتل المرأة والصبي، وهو قول مردود مخالف للنصوص الشرعية ومذاهب عامة العلماء فلا داعي لمناقشته .
0
341

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️