الجهاد في سبيل الله الحلقة (76)

ملتقى الإيمان

الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته الحلقة (76)

الجاسوس غير المسلم.

وثبت في الجاسوس غير المسلم ما أخرجه أحمد والبخاري ومسلم..

عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال:
"نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلاً، فجاء عين المشركين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتصبحون ـ أي يتناولون طعام الغداء ـ فدعوه إلى طعامهم، فلما فرغ الرجل ركب على راحلته، وذهب مسرعاً، لينذر أصحابه قال فأدركته، فأنخت راحلته، وضربت عنقه، فغنمني رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه". .

هذا سياق أحمد، وهو عند البخاري بلفظ:
"أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين، وهو في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اطلبوه واقتلوه، فقتله ) فنفله سلبه. .

وهو يوضح أن سلمة رضي الله عنه طلبه وقتله بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث في صحيح مسلم وفيه: "ثم تقدم يتغذى مع القوم، وجعل ينظر، وفينا ضَعْفَةٌ ورقه في الظهر، وبعضنا مشاة، فأتى جمله، فأطلق قيده، ثم أناخه، وقعد عليه فأثاره فاشتد به الجمل …الخ" .

وهو بيّن أن الرجل اطلع على عورة المسلمين، كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح .

قال النووي في شرحه على صحيح مسلم:
وفيه قتل الجاسوس الكافر الحربي، وهو كذلك بإجماع المسلمين … وأما الجاسوس المعاهد والذمي فقال مالك والأوزاعي يصير ناقضاً للعهد، فإن رأى استرقاقه أرقه، ويجوز قتله، وقال جماهير العلماء: لا ينقض عهده بذلك، قال أصحابنا، إلا أن يكون قد شرط عليه انتقاض العهد بذلك.

وعلى مجاهدي المسلمين أن يحذروا من تسلل عناصر الفساد إلى صفوفهم بإبداء الولاء لهم، وقصدهم الاطلاع على عورات المسلمين ونقلها إلى عدوهم، وقد يظهرون أنهم جواسيس للمسلمين على أعدائهم، فينقلون لهم – أي للمسلمين – معلومات مزيفة، أو ليست ذات بال، وعلى المسلمين أن يبتلوا من أراد الدخول في صفوفهم بتكليفهم بذل أنفسهم وأموالهم في سبيل الله، لأن ذلك هو منهج الله الذي يمحص به المنتسبين إلى الإسلام، فيظهر الصادق منهم من الكاذب.

كما قال تعالى: (( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )) .

وقال تعالى: (( الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )) .

قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسير الآية الأخيرة:
"يقول الله تعالى ذكره: لقد اختبرنا الذين من قبلهم من الأمم، ممن أرسلنا إليهم رسلنا فقالوا مثل ما قالته أمتك يا محمد بأعدائهم؟ وتمكيننا إياهم من أذاهم، كموسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل، فابتليناهم بفرعون وملئه، وكعيسى إذْ أرسلناه إلى بني إسرائيل، فابتلينا من اتبعه بمن تولى عنه..

فكذلك ابتلينا أتباعك بمخالفيك من أعدائك.. (( فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا )) منهم في قيلهم آمنا، (( وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )) منهم في قيلهم ذلك.

والله عالم بذلك قبل الاختبار، وفي حال الاختبار وبعد الاختبار، ولكن معنى ذلك: وليظهرن الله صدق الصادق منهم في قيله آمنا بالله من كذب الكاذب منهم بابتلائه إياه بعدوه ليعلم صدقه من كذبه أولياؤه". .
0
373

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️