الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته الحلقة (77)
إعداد العيون الساهرة لجمع المعلومات عن الأعداء
وإذا كان يجب على المجاهدين في سبيل الله أن يحذروا من جواسيس العدو، ويقطعوا عليهم كل طريق إلى أخذ المعلومات العسكرية الإسلامية، فإن عليهم أن يعدوا الرجال القادرين على جمع معلومات العدو بطرق خفية لا يقدر على كشفها، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان يبعث عيونه في العدو لأخذ أدق المعلومات والأسرار من أعلى مستوى فيه ( مستوى القيادة. )
وهذه أمثلة لحرص القيادة النبوية على جمع أسرار العدو عن طريق عيونه الذين كان يبعثهم صلى الله عليه وسلم.
عن محمد بن كعب القرظي قال:
قال فتى منا، من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان: يا أبا عبد الله رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه، قال: نعم يا بن أخي، قال: فكيف كنتم تصنعون قال: والله لقد كنا نجهد، قال: والله لو أدركَنا ما تركناه يمشي على الأرض، ولجعلناه على أعناقنا، قال: فقال حذيفة: يا ابن أخي والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق، وصلى رسول الله صلى اله عليه وسلم من الليل هويّاً، ثم التفت إلينا فقال: من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم – يشترط له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يرجع – أدخله الله الجنة، فما قام رجل ثم صلى رسول الله صلى اله عليه وسلم هويا من الليل، ثم التفت إلينا فقال: من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع – يشترط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجعة – أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة، فما قام رجل من القوم مع شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد، فلما لم يقم أحد دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني، فقال: يا حذيفة فاذهب، فادخل في القوم، فانظر ما يفعلون، ولا تحدثَنْ شيئاً حتى تأتينا.
قال فذهبت، فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل ما تفعل، لا تقر لهم قدر ولا نار ولا بناء، فقام أبو سفيان بن حرب، فقال: يا معشر قريش لينظر امرؤ مَن جليسه، فأخذت بيد الرجل الذي جنبي، فقلت: من أنت؟ فقال: أنا فلان بن فلان، ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع، وأخلفتنا بطون قريظة، بلغنا منهم الذي نكره، ولقينا من هذه الرياح ما ترون، والله ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار ولا يمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم، ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحدث شيئاً حتى تأتيني، ثم شئت لقتلته بسهم.
قال حذيفة:
ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مربط لبعض نسائه مرجل، فلما رآني أدخلني إلى رحله، وطرح عليَّ طرف المرط، ثم ركع وسجد وإنه لفيه فلما سلم أخبرته الخبر (وسمعت غطفان بما فعلت قريش وانشمروا إلى بلادهم) .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
اشتد الأمر يوم الخندق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا رجل يأتينا بخبر بني قريظة، فانطلق الزبير فجاء بخبرهم، ثم اشتد الأمر أيضاً، فذكر ثلاث مرات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن لكل نبي حوارياً، وأن الزبير حواري) .
وكذلك بعث صلى الله عليه وسلم عيناً ينظر عبر أبي سفيان:
كما في صحيح مسلم عن أنس قال بعث رسول الله صلى اله عليه وسلم بسيسة عيناً ينظر ما صنعت عير أبي سفيان، فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فحدثه الحديث، قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فقال: (إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضراً فليركب معنا) .
ويجب أن يكون عيون المجاهدين في سبيل الله ممن عرفوا بتقوى الله تعالى وقوة الصلة به، وبالصدق والأمانة والقدرة على أداء واجبهم، دون أن يكشف العدو عملهم، وذلك يتطلب ذكاء وحكمة بالغتين .
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️