الجهاد في سبيل الله (25)

ملتقى الإيمان

( 25 )
أبدية الجهاد في سبيل الله
وفيه خمسة فروع :
الفرع الأول : أهداف الجهاد تقتضي أبديته .
الفرع الثاني : عالمية الإسلام تقتضي أبديته .
الفرع الثالث : رد الرسول صلى الله عليه وسلم على من ظن توقف الجهاد ( حتى تقوم الساعة ) .
الفرع الرابع : صفقة الجهاد قديمة أبدية ( صفقة دائمة ) .
الفرع الخامس : تطبيق السلف الصالح للجهاد يقتضي أبديته ( التطبيق العملي ) .

الفرع الأول
أهداف الجهاد تقتضي أبديته
شرع الله تعالى الجهاد لإخراج الناس من الظلمات إلى النور من جهة ، ولتكون كلمة الله هي العليا من جهة ثانية ، ولحماية المسلمين من أن يفتنوا في دينهم أو تستباح حرماتهم وتحتل أرضهم من جهة ثالثة ، وكل هذه الأمور يجب أن تستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ولا يمكن استمرار تحقيقها إلا باستمرار الجهاد في سبيل الله .
وقد اقتضت مشيئة الله أن يوجد في الأرض حزبه وحزب الشيطان ، وأن يكون بجانب الحق الباطلُ ، وأن يعيش على وجه الأرض محقُّون ومُبطلون ، وأن يصطرع هؤلاء وأولئك من أول الحياة إلى آخرها : ( قلنا اهبطوا منها جميعاً ، فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هُداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .. ) .
( ولقد خلقناكم ، ثم صورناكم ، ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين . قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ؟ قال : أنا خير منه ، خلقتني من نار وخلقته من طين . قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها ، فاخرج إنك من الصاغرين . قال انظرني إلى يوم يبعثون . قال إنك من المنظرين . قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم . ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ، قال اخرج منها مذؤماً مدحوراً لَمَن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ) .
فما دام في الأرض مسلمون – ولا بد أن يكونوا – وما دام في الأرض كافرون ولا بد كذلك أن يكونوا – فلا بد من وجود الصراع بين المسلمين والكافرين لتباين طبيعة الإسلام والكفر ، فالإسلام يصرّ على تحرير الناس من عبادة كل ما سوى الله وتعبيدهم لله وحده ، والكفر يصرّ على بقاء الناس في الظلمات بل على إخراجهم من النور إلى الظلمات وتعبيدهم لأرباب متفرقين من دون الله : ( الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ، ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .
والواقع يؤيد إصرار أعداء الله على صد الناس عن دين الله وغدرهم بالمسلمين وعدم الوفاء بعهودهم لهم ، وأنه لا يجدي في تقويمهم إلا القضاء على رؤوس الفتنة من قادتهم وإذلالهم بالجهاد في سبيل الله ، وهو أمر دائم ما دام في الأرض كفر وإسلام .
ولهذا كانت آخر مرحلة من مراحل الجهاد صريحة صارمة لا تقبل تأويلاً ولا تحريفاً ، كما قال تعالى في سورة التوبة : ( كيف يكون للمشركين عَهْدٌ عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ، فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين . كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمة ، يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم ، وأكثرهم فاسقون . اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً فصدوا عن سبيله ، إنهم ساء ما كانوا يعملون . لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة وأولئك هم المعتدون . فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ، ونفصِّل الآيات لقوم يعلمون . وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ، ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهمُّوا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة ، أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين . قاتلوهم يُعَذِّبهم الله بأيديكم ويُخْزِهم وينصرْكم عليهم ، ويشف صدور قوم مؤمنين ، ويُذْهِب غيظ قلوبهم ، ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ) .
0
425

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️