الجهاد في سبيل الله (3)

ملتقى الإيمان

( 29 )
الفرع الرابع صفقة دائمة في الكتب السماوية المنزلة
قال تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهَم بأن لهم الجنة ، يقاتلون في سبيل الله فيَقتُلون ويُقتَلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ، ومن أوْفى بعهده من الله ، فاستبشروا ببيْعكم الذي بايعتم به ، وذلك هو الفوز العظيم )
لقد تمت الصفقة بين الله تعالى وهو مالك الثمن والمثْمن ، وعباده المؤمنين على مر العصور والأزمان ، وإلى أن تقوم الساعة ، صفقة لا إقالة فيها ولا استقالة ، سلعتها الجنة، وبائع السلعة الله الخالق المعبود ، ومشتريها المؤمنون ، وثمنها الأنفس والأموال لمقارعة أعداء الله في كل زمان ، سُجِّلت في الكتب السماوية السابقة ، ونزل بها القرآن الكريم ، وهي باقية ما بقي القرآن الكريم الذي وعد الله بحفظه : ( إنا نحن نزلنا القرآن وإنا له لحافظون ) .
قال سيد قطب رحمه الله : ( إن الجهاد في سبيل الله بيعة معقودة بعنق كل مؤمن على الإطلاق منذ كانت الرسل ومنذ كان دين الله ، إنها السنة الجارية التي لا تستقيم هذه الحياة بدونها ، ولا تصلح الحياة بتركها : ( ولولا دَفْع الله الناس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض ) ( ولولا دَفْع الله الناس بعضهم ببعض لَهُدِّمت صوامعُ وبيع وصلوات ومساجدُ يذكر فيها اسم الله كثيراً ) .
إن الحق لا بد أن ينطلق في طريقه ، ولا بد أن يقف له الباطل في الطريق ، بل لا بد أن يأخذ عليه الطريق ، إن دين الله لا بد أن ينطق لتحرير البشر من العبودية للعباد وردَّهم إلى العبودية لله وحده ، ولا بدَّ أن يقف له الطاغوت في الطريق ، بل لا بد أن يقطع عليه الطريق ، ولا بد لدين الله أن ينطلق في الأرض كلها لتحرير الإنسان كله ، ولا بد للحق أن يمضي في طريقه ولا ينثني عنه ليدع للباطل طريقاً ، ومادام في الأرض كفر ومادام في الأرض باطل ، وما دامت في الأرض عبودية لغير الله تذل كرامة الإنسان ، فالجهاد في سبيل الله ماضٍ ، والبيعة في عنق كل مؤمن تطالبه بالوفاء ، وإلا فليس بالإيمان : ( ومن مات ولم يَغْزُ ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق ) رواه أبو داود والنسائي
والحديث أخرجه مسلم (3/1517) وهو في سنن أبي داود كما قال (3/22) ، وفي النسائي (6/7) طبع الحلبي .
وقال في موضع آخر – معلِّقاً : قوله تعالى في سورة البقرة : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ) قال : ( وإذا كان النص عند نزوله يواجه قوة المشركين في شبه الجزيرة ، وهي التي كانت تفتن الناس ، وتمنع أن يكون الدين لله ، فإن النص عام الدلالة ، مستمر التوجيه والجهاد ماض إلى يوم القيامة . ففي كل يوم تقوم قوة ظالمة تصد الناس عن الدين ، وتحول بينهم وبين سماع الدعوة إلى الله والاستجابة لها عند الاقتناع والاحتفاظ بها في أمان ، والجماعة المسلمة مكلّفة في كل حين أن تحطِّم هذه القوة الظالمة .. وتطلق الناس أحراراً من قهرها يستمعون ويختارون ويهتدون إلى الله ) .
0
442

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️