( 32 )
المجاهدون يثابون على حركاتهم كلها
قال تعالى : ( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلَّفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، ذلك بأنهم لا يُصيبهم ظمأ ولا نَصَب ولا مَخْمصة في سبيل الله، ولا يطأون موطئاً يَغِيظُ الكفار، ولا ينالون من عدو نَيْلاً إلا كتب لهم به عمل صالح ، إن الله لا يضيع أجر المحسنين، ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة، ولا يقطعون وادياً إلا كُتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون ) .
ظاهر من الآيتين أن حركات المجاهدين في سبيل الله وسكناتهم وجوعهم وظمأهم وتعبهم ونفقاتهم صغرت أم كبرت ، وإغاظتهم الكفار بأي نوع من أنواع الأذى المشروع الذي يلحقونه بهم ، كل ذلك يكتبه الله لهم عملاً صالحاً ويجزيهم أحسن ما كانوا يعملون ، لأن المجاهدين في سبيل الله لا يرغبون بأنفسهم عن نفس نبيهم صلى الله عليه وسلم التي بذلها طيلة حياته في سبيل ربه، وكذلك لا يرغبون بأنفسهم عن أنفس قادتهم المجاهدين الذين يبذلونها في سبيل ربهم مقتدين بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك كان لهم هذا الفضل العظيم الذي فضَّل الله كل دقيقة من عملهم وجليلة في سبيل الله ليغريهم بثوابه الشامل وفضله العميم .
( 33 )
تجارة رابحة
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلُّكم على تجارة تُنجيكم من عذاب أليم؟ تؤمنون بالله ورسوله، وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يَغْفِرْ لكم ذنوبكم، ويُدخلْكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار، ومساكن طيبة في جنّاتِ عدن، ذلك الفوز العظيم، وأخرى تحبونها نصرٌ من الله وفتح قريب، وبشِّر المؤمنين ) .
هذه التجارة هي التي يتمناها أولياء الله المجاهدون لتوصلهم إلى رضى ربهم، ورأس مالها الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيل الله، وربحها غفران الله ودخول الجنات، يضاف إلى ذلك نصر الله لأوليائه على أعدائه .
وهي الصفقة المعقودة بين الله وبين عباده المؤمنين، كما قال تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون، وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم ) .
المجاهد تاجر يتعامل مع الله الذي يشتري منه نفسه التي هو خالقها ، وماله الذي هو مالكه ومعطيه ، ويعطيه ثمن نفسه وماله الجنة نقداً لا نسيئة فيه ، مضموناً لا خوف من فقده ، لأن الله هو المشتري وهو الذي وعد به ، وهل توجد تجارة مثل التجارة التي تكون مع الخالق سبحانه ؟
هذا الموضوع مغلق.
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خير الجزاء اخى د. عبد الله ....