الجهاد في سبيل الله (35-36)

ملتقى الإيمان

( 35 )
فوزٌ على كل حال
قال تعالى : ( قل هل تربَّصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربَّص بكم أن يُصيبكم الله بعذابٍ من عنده أو بأيدينا، فتربَّصوا إنا معكم متربِّصون ) .
المجاهدون في سبيل الله فائزون على كل حال، فإن انتصروا على عدوهم فقتلوهم وأخذوا أموالهم وسبوا نساءهم وذراريهم، نالوا أجر قتالهم وعَزُّوا ، وذَلَّ الكفر وأهله، فكانت حسنى لهم .
وإن كانت الأخرى فقُتِلوا هم في سبيل الله ، نالوا الشهادة التي لا يعطيها الله إلا من اصطفاه، فكانت أعظمَ الحُسْنَيَين، بخلاف الأعداء الكفرة، فإنهم لا ينتظرون إلا إخزاء الله لهم وإذلالهم بانتصار أوليائهم عليهم – وذلك وبال عليهم – وعذاب الله لهم في نار جهنم وهو أشد وبالاً .
وإذا كان الجهاد في سبيل الله هذه حاله فوز على كل حال؛ فأيُّ فضل يوازي هذا الفضل وأي خسارة ينالها من فرط فيه ؟
هذا بالإضافة إلى خسارة عدو المجاهدين على كل حال كما مضى .
( 36 )
حياة غالية
قال تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يُرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خَلْفهم ألاَّ خوف عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يُضيع أجر المؤمنين ) .
يحدِّد الله آجال الناس كلِّهم في هذه الحياة، فيفارقونها، وتُواري أجسادهم في التراب، ولكن المجاهدين الذين يقتلون في سبيل الله لا تنقطع حياتهم، على الرغم أنهم في الظاهر يموتون كغيرهم وتُوارى أجسادهم التراب، بل ينتقلون إلى الحياة الحقيقية الغالية التي يجري عليهم الرزق الحقيقي الذي لا انقطاع له مثل حياتهم، ولا يصيبهم حَزَن ولا هم، بل هم في سرور مستمر واستبشار بمن وراءهم من المؤمنين الذين يتمنون لهم اللحاق بهم ، واستبشار بنعمة الله وفضله وجزيل أجره ومثوبته .
والناس – في الدنيا – لا يشعرون بهذه الحياة الغالية، وذلك الرزق الدائم والاستبشار السار، ولكن عدم شعورهم لا يبيح لهم إنكار تلك الحياة، بل لا يبيح لهم أن يقولوا – قولاً – : إن الذين قتلوا في سبيل الله أموات : ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات، بل أحياء ولكن لا تشعرون ) .
ويصبح الشهيد في موكب تتطلع نفوس المؤمنين بالله إلى مرافقته موكب الأنبياء والصديقين والصالحين : ( ومن يُطِعِ الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً ) ، وكفى بذلك فضلاً .
0
504

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️